المستشار "يسري عبد الكريم":
- تعيين نائب عام جديد "باطل" و"مخالف" لكل الأعراف القضائية!
- سيكون الاستفتاء "باطلاً" من أوله لآخره حال عدم وجود إشراف قضائي عليه!
- ما جاء بالإعلان المُسمى بـ"الدستوري" كان ذبحًا للبنية الاساسية للقضاء المصري.. وهذا يُعد أكثر من "مذبحة للقضاة"!
لم يكن الصراع بين الأحزاب أو القوى السياسية والشعبية المختلفة هو رفض الدستور الذي سيتم الاستفتاء عليه، يوم السبت القادم، أم مقاطعته، بل تمادى الأمر وأخذ أبعادًا مختلفة من ناحية القضاة، فهناك مجموعة من القضاة وافقت على المشاركة في الإشراف القضائي، ومجموعة أخرى رفضت هذا الاشراف..
وقد التقت صحيفة "الأقباط متحدون" المستشار "يسري عبد الكريم"، رئيس المكتب الفني للجنة القضائية العليا للإنتخابات؛ ليكشف ما جرى خلف الكواليس، والأسرار المتعلقة بهذا الصراع.. فكان لنا معه هذا الحوار الشيق..
حاورته: تريزا سمير
- هل توصلتم لقرار نهائي بشأن الإشراف القضائي على "الاستفتاء" بشأن الدستور من عدمه؟؟
لم نتوصل لقرار نهائي حتى الآن حول مشاركة "القضاء العالي" في "الاستفتاء" على الدستور من عدمه، فكان هناك جمعيات عمومية بالأقاليم، وجمعيات عمومية في المحاكم. في البداية، كان نادي القضاة يتبنى توصيات الجمعيات العمومية المنعقدة في دار القضاء العالي، سواء الجمعية الأخيرة أو التي كانت قبلها، وكنا في مناقشه حول رجوعنا إلى العمل، والإشراف القضائي في حالة إلغاء الإعلان غير الدستوري قبل الأخير بكامله، وبكافة الآثار المترتبة عليه، وهو عودة النائب العام الشرعي!
- وهل ترى أن النائب العام الذي قام "مرسي" بتعيينه "غير شرعي"؟!
نعم باطل.. ومخالف لكل الأعراف القضائية، إذ أن عزل النائب العام القديم يتوجب أن يكون من خلال ارتكابه لمخالفات تم التحقيق فيها، وعُرضت على مجلس الصلاحية، ومجلس القضاء، وإذا ما ثبُت أن هناك مخالفاتٍ صدرت عنه، يصدر عزله من مجلس القضاء الأعلى. والنائب العام الجديد يصدر تعيينه من مجلس القضاء الأعلى، غير أنه لم يُراعَ تنفيذ تلك ال‘جراءات في عزل وتعيين النائب العام الجديد؛ لذا فما تم من تعيين "باطل" و"مخالف" لكل الأعراف القضائية!
- هل تحاورتم مع الجمعية التأسيسية للدستور بشأن مطالبكم؟
نعم.. فقد قام نادي القضاء بعرض مطالبنا على الجمعية التأسيسية، ولم يتحقق منها مطلب واحد في مشروع الدستور الجديد، ولم يتم إلغاء الآثار التي ترتبت على الإعلان المُسمَّى بـ"الدستوري" وهو "غير دستوري"، فكيف يعود القضاة للإشراف على الانتخابات؟!
- في حالة عدم الإشراف القضائي على "الاستفتاء القادم" ما مدى شرعية الدستور القادم؟
في حالة عدم وجود إشراف قضائي على "الاستفتاء"، سيكون الاستفتاء "باطلاً" من أوله لآخره! فالمادة "39" من الدستور أوجبت أن يكون الإشراف على الانتخابات بدءًا من الإشراف على قاعدة بيانات الناخبين، مرورًا بالإشراف على اللجان الفرعية، وانتهاءً باللجان العامة، ثم الهيئة العُليا للانتخابات، وكلها عناصر قضائية، حال عدم وجودها دون تعديل المادة "39" من الدستور، فإنه يُصبح "باطلاً"، وهذا حدث بالنسبة للتصويت بالخارج، فعندما لم نوفر إشرافًا قضائيًّا تم استثناء جزء من المادة 39، بعدم ضرورة الإشراف القضائي.
- هناك اقتراحات ترى أنه يمكن الاستعانه بهيئة التدريس أو المجلس الأعلى للصحافة حال عدم وجود إشراف قضائي.. كيف ترى هذا؟
مع احترامي لكافة الهيئات الأخرى، إلا أن الإشراف القضائي على الانتخابات كان مطلبًا شعبيًّا من المصريين؛ لثقته في القضاء المصري، وهذه الثقة لم تهتز حتى الآن، ومواد الدستور لا تسمح بإشراف عناصر غير قضائية للإشراف على الانتخابات؛ لذا فلن يكون لها ذات المصداقية!
- في حالة عدم وجود إشراف قضائي.. وعدم وجود شرعية للدستور القادم.. واستمرار تغول رئيس السلطة التنفيذية والتشرعية.. والتمسك بشرعية الدستور.. ما الذي يمكن أن يفعله قضاة مصر؟
قضاة مصر يستطيعون اتخاذ الكثير من المواقف ضد تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وأبرز مثال لذلك، هو تعليق العمل في المحاكم، ورفض الإشراف على الانتخابات.
- دارت كثير من الشائعات حول عزل "مرسي" من الرئاسة من قِبل الدستورية العليا.. ما مدى صحة تلك الشائعات؟
لقد نفت المحكمة الدستورية صحة هذه الشائعات، ولا تملك المحكمة الدستورية عزل الرئيس!
- لكن "مرسي" فقدت شرعيته بعد أن أصدر إعلانًا غير دستوري قضى به على جميع سلطات الدولة.. كما أنه حلف "يمينًا" على الإعلان الدستوري بعد توليه المنصب وحنث اليمين.. فما تعليقك.
المحكمة الدستورية لم يكن لديها من التشريع عزل رئيس الجمهورية، والذي يعطي الرئيس الشرعية من عدمه هو شعب مصر العظيم، فإذا قرر الشعب المصري انتخاب رئيس الجمهورية، فلا يُسقطه إلا الشعب المصري!
- طالب كثيرٌ من المصريين في ميادين ومحافظات مصر المختلفه برحيل "مرسي".. فهل يمكن تكرار حالة مبارك رغم أنه نجح عن طريق الانتخابات؟
كل هذا يتوقف على الإرادة الشعبية الغالبة، فالرهان على "الإرادة الشعبية"!
– هل يمكن أن تتضافر" السلطة القضائية" مع "الإرادة الشعبية" لإسقاط "مرسي"؟!
لا يمكن للسلطة القضائية أن تفعل شيئًا دون وقوع اعتداءاتٍ عليها، فعندما حدث هذا، قمنا بتعليق العمل بالمحاكم، وقاطعت الأغلبية منها الإشراف على الاستفتاء، وهذا أقصى ما تفعله السلطة القضائية، فالسلطة القضائية لا تملك جيوشا أو أسلحة، ولا تملك إلا القلم الذي تكبت به الأحكام!
- كيف ترى الوضع حال اشتراك "قضاة من أجل مصر" التابعين لـ"الإخوان" في الإشراف القضائي.. واستمرار رفض البعض الآخر من القضاة هذا الاشراف؟!
نحن في القضاء المصري لا نتفق أو نسلم بتسميات بما أنزله الله من سلطات، كما كان يلقب مجموعة بأنهم مجموعة "التيار الاستقلالي"، فالمجموعة التي سميت "قضاة من أجل مصر" عدد نشاز لا يمثل نسبة مئوية تذكر في القضاء المصري العظيم الغالب، وتلك المجموعة لفظتها الجمعية العمومية لـ"نادي القضاة"، وقامت بعزلها من عضوية النادي!
- هل يمكن اتخاذ قرار نهائي بمشاركتكم في الإشراف القضائي على "الاستفتاء" خوفا من تزييف إرادة الشعب؟
لا يستطيع أحد أن يقوم بالحجر على إرادة قضاة مصر، فإذا قررت الأغلبية أنهم سينزلون، سيشارك الجميع بعد قرار الأغلبية، وإذا قرر الأغلبية أنهم لمن يشاركوا، لن يشارك أحد منا قط. فلا يُؤخذ قرار فردي للقضاة، ومَن يتخذ قرارًا فرديًّا، عليه أن يتحمل المسؤوليه أمام الشعب، وأمام التاريخ، وأمام الله أولاً وأخيرًا!
- سُمِّي الإعلان "غير الدستوري" الذي بموجبه تم عزل النائب العام وتعيين آخر والقصف بالقضاة بـ"بذبح قضاة مصر".. ما تعليقكم؟!
ما حدث من تصريحات سُمِّيت بـ"الإعلان الدستوري" كان أكثر من "ذبح قضاة مصر" عام "67" من الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، ففي عام 69، تم إقصاء عدد من القضاء، ثم عادوا بعد ذلك، أما ما جاء بالإعلان المُسمَّى بـ"الدستوري"، كان ذبحًا للبنية الأساسية للقضاء المصري، وهذا يُعد أكثر من "مذبحة للقضاة"!
- وماذا بعد الاستفتاء القادم؟!
لا يعلم هذا إلا الله!
- اختفت سلطات الدولة الثلاث في في تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر.. فما تعليقكم؟!
في تلك المرحلة لا توجد سلطات ثلاث! ولكن توجد سلطة واحدة في يد رئيس الجمهورية، الذي جعل من نفسه مشرَّعًا، وقاضيًا، ومنفذا!
15- مصر إلى أين سيادة المستشار؟!
مصر "كنانة الله".. ولا يستطيع فرد أو حاكم أو كائن، أيًّا كان أن يُنهي تاريخ مصر، أو خريطة مصر، فمصر أكبر من الحاكم والأفراد، وستظل مصر دائمًا مرفوعة الهامة، رائدة في المِنطقة العربية والإسلامية والخريطة العالمية!
16- هل ما يحدث هو تأسيس لإلغاء الدولة.. وتأسيس لـ"الولاية" و"الخلافة"؟!
مصر دولة قانون.. ولا يستطيع أحد حاكمًا كان أو محكومًا، أن يُلغي هويتها وشخصيتها، فمصر أكبر من الحاكم والأفراد، وذلك استنادًا على تاريخها وحضارتها، وجميع الاستعمارات التي فشلت في القضاء عليها أو التأثير على المصريين!
17 – برأيك.. كيف يمكن أن نخرج من المأزق الحالي؟
العوة إلى دولة القانون.. ولا يوجد سبيل بغير هذا.. واستقلال القضاء المصري العظيم.