ماجد سوس

 انعقد مجمع نيقية في عام ٣٢٥ م بطلب من بابا الإسكندرية، بعد طلب تقدم به إلى الملك قسطنطين الكبير بسب بدعة أريوس وقد رأس المجمع الأنبا أوسيوس أسقف قرطبة باعتباره أكبر الأساقفة سنا. حضر ٣١٨ أسقفا، حضر من الإسكندرية البابا ألكسندروس ومعه وفد كنسي كان من أبرزهم الأنبا بيفنوتيوس أسقف طيبة والشماس السكندري أثناسيوس. 

 

 أريوس كاهن قبطي ولد في شرق ليبيا، تتلخص بدعته أنه زعم أن الأبن أقل من الآب وانه لم يكن موجودا في فترة من الزمان لذا الآب لم يكن آبا كل الوقت والأبن من طبيعة الملائكة وهما غير متحدان في ذات الجوهر وإنما حين اتحدا كانا مشابهان لبعضهما. ولأن المجمع انعقد من أجله كان لابد من استدعائه، فحضر ومعه أساقفة من أتباعه وأعطى الفرصة كاملة ليدافع عن نفسه.

 

وقف أريوس وردد بعض الأناشيد والترانيم التي وضعها ليجعل هرطقاته تصل للبسطاء بسهولة. بعدها بدأ يردد بعض الآيات الكتابية ليدخل على المجمع أنه يتبع الكتاب، هنا وقف الشماس أثناسيوس وكان عمره ٢٥ عاما وطلب الكلمة رغم صغر سنه ورغم أنه ليس من الطبيعي أن يتكلم علماني في وجود الأساقفة لكنه سمحوا له بذلك وأفحم أريوس بردود قوية أذهلت الحضور.

 

 طالب أثناسيوس أن توضع كلمة "هوموأوسيوس" ὁμοούσιος في قانون الإيمان وتعني جوهر واحد للآب والأبن، بدلا من الكلمة التي يرددها أريوس وأتباعه وهي كلمة "هومي أؤسيوس" όμoioύσioς   والتي تعني مشابه له في الجوهر ويتلاحظ إن الاختلاف هو حرف واحد في اليونانية وهو اليوتا (i).

كان المجمع قد بدأ بتلاوة رسالة الملك قسطنطين الذي آشار فيها إلى الأمر الآخر الذي تصدى له المجمع وهو تحديد عيد القيامة حيث قال: بخصوص تحديد عيد القيامة فقد أرتئي الجميع رأيا واحدا وهو أن يعيد جميع المسيحيين في المسكونة هذا العيد في يوم واحد ولا يناسب مطلقا أن نتبع تقليد اليهود الذين قد عميت قلوبهم في الإيمان، وليس لهم أن يعرفوا الحق وصاروا في ضلالة، يعيدون الفصح مرتين في سنة واحدة. وحتى وإن لم يكن هكذا، فمن الواجب ألا نلوث أنفسنا بأن نعيد معهم. يجب أن تفتكروا أن مخلصنا طرق لنا يوما واحدا، فيجب أن نحتفل فيه، وليكون تذكارا واحدا لفدائنا. وقال أيضا أنه من غير اللائق. أن يكون في اليوم ذاته البعض صائمين، والبعض ينعمون بمائدة العيد، ويحتفلون بما ببهجة العيد، هذا الأمر يتطلب إصلاح وإيجاد نظام موحد. ولي رجاء أن يتفق الجميع في هذه القضية ولا يجب أن نختلف في هذا الرأي" ثم طلب من المجمع الموافقة على قرارين الأول ألا يحتفل بعيد القيامة إلا يوم أحد، والثاني أن يكون في الأحد الذي يلي الاعتدال الربيعي الذي يلي الفصح اليهودي.

 

وقال الملك أيضا، بما إن تحديد الاعتدال الربيعي يحتاج إلى مراقبات وتدقيقا فلكية، ولما كانت الإسكندرية تمتاز على غيرها بالمعارف الفلكية فقد كلف المجمع بابا الإسكندرية أن يعين كل سنة، يوم عيد الفصح، ويرسل إلى كافة الكنائس ما يسمى بالرسائل الفصحية. وافق المجمع على رأي الملك وقرارته.

 

واليوم وعلى يد البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني بطريرك الإسكندرية وأسقفها قرر كرسي الإسكندرية أن يحيى قرار مجمع نيقية وأن يرسل إلى كراسي المسكونة داعيا بتوحيد عيد القيامة حتى لا تكون هناك كنائس تصوم وأخرى تحتفل وقد وعدوا قداسة البابا ببحث الأمر وهو أمر يدعوا إلى الفخار ففي العقود الأخيرة اتفقت معظم كنائس العالم في بعض الأمور ومازالت مختلفة في أمور أخرى ولن لم تتوقف في السعي نحو الوحدة، حتى لو تباطأت لكنها أبدا لم ولن تتوقف.

 

إننا نصلي أن يتحقق اشتياق الرب يسوع، له كل المجد، للوحدانية التي طلبها من أجلنا في صلاته للآب في يوحنا ١٧ ولتكن البداية أن تعيد كل المسكونة لميلاده وقيامته عيدا واحدا حتى يرى غير المؤمنين أننا نؤمن بإله واحد ونسعى نحو وحدة الإيمان وفي سعينا هذا نحمل وحدة المحبة في طريقنا.