محرر الأقباط متحدون
البابا فرنسيس .. بعث البابا فرنسيس برسالة هذا الأربعاء إلى المشاركين في ندوة دولية حول الرعاية التلطيفية تستضيفها مدينة تورونتو الكندية وتشهد مشاركة ممثلين عن الديانات العالمية ولفت في رسالته إلى أن الرعاية التلطيفية هي علامة ملموسة على القرب والتضامن مع الأخوة والأخوات المتألمين، كما أنها تساعد هؤلاء المرضى وأحباءهم على قبول الضعف والهشاشة اللذين يميزان حياة الإنسان في هذا العالم. وأكد البابا أيضا أن الرعاية التلطيفية تختلف جذرياً عن الموت الرحيم.
استهل البابا فرنسيس رسالته معربا عن تحياته الحارة وأطيب التمنيات لجميع المشاركين في الندوة الدولية الأولى بين الأديان حول الرعاية التلطيفية، برعاية مشتركة من الأكاديمية الحبرية للحياة ومجلس أساقفة كندا الكاثوليك، ووجه كلمة شكر إلى رئيس الأكاديمية الحبرية رئيس الأساقفة فينشنسو باليا ورئيس مجلس الأساقفة الكنديين المطران ويليام ماك غراتان، معبرا عن امتنانه لجميع المشاركين في اللقاء ومن قاموا بتنظيمه.
تابع البابا قائلا: إن الموضوع الذي اخترتموه: "نحو سردٍ للأمل"، يأتي في وقت مناسب وضروري، وأشار إلى أننا نشهد، في الوقت الحاضر، الآثار المأساوية للحرب والعنف والظلم بمختلف أنواعه، لذا أنه من السهل جدا أن نستسلم للحزن ولليأس. وأضاف الحبر الأعظم أننا، وكأعضاء في العائلة البشرية وخاصة كمؤمنين، مدعوون لأن نرافق بمحبة ورحمة أولئك الذين يجاهدون ويجدون صعوبة في إيجاد أسباب للرجاء، موضحا أن الرجاء هو ما يمنحنا القوة في مواجهة الأسئلة التي تثيرها تحديات الحياة وصعوباتها ومخاوفها.
مضى البابا إلى القول إن هذا الأمر يصح أكثر عند مواجهة مرض خطير أو نهاية الحياة، مؤكدا أن جميع الذين يختبرون الشكوك، التي غالبا ما يسببها المرض والموت، يحتاجون إلى شهادة الرجاء التي يقدمها أولئك الذين يعتنون بهم والذين يمكثون إلى جانبهم. وفي هذا الصدد، فإن الرعاية التلطيفية، في وقت تسعى فيه إلى تخفيف عبء الألم قدر الإمكان، هي قبل كل شيء علامةٌ ملموسة على القرب والتضامن مع إخوتنا وأخواتنا الذين يعانون. كما يمكن لهذا النوع من الرعاية أن يساعد المرضى وأحباءهم على قبول الضعف والهشاشة اللذين يميزان حياة الإنسان في هذا العالم.
لم تخل رسالة البابا فرنسيس من الحديث عن أوجه الاختلاف بين الرعاية التلطيفية والموت الرحيم وقال بهذا الصدد: أود أن أشير إلى أن الرعاية التلطيفية الحقيقية تختلف اختلافا جذريا عن الموت الرحيم، الذي لا يشكل أبداً مصدرا للأمل أو الاهتمام الحقيقي بالمرضى والمحتضرين. بل هو فشل للحب، وانعكاس لثقافة الإقصاء عندما لا يُنظر إلى الأشخاص على أنهم قيمة عليا يجب الاعتناء بها واحترامها، كما جاء في الرسالة العامة Fratelli Tutti.
ولفت فرنسيس إلى أنه غالباً ما يتم تقديم الموت الرحيم بطريقة خاطئة على أنه شكل من أشكال الرحمة، ومع ذلك، فإن "الشفقة"، وهي كلمة تعني "المعاناة مع"، لا تنطوي على النهاية المتعمدة للحياة، بل على الاستعداد لتقاسم أعباء أولئك الذين يواجهون المراحل الأخيرة من حجنا الأرضي. وأكد البابا أن الرعاية التلطيفية هي شكل حقيقي من أشكال الشفقة، لأنها تستجيب للمعاناة، سواء كانت جسدية أو عاطفية أو نفسية أو روحية، من خلال التأكيد على الكرامة الأساسية لكل شخص التي لا يمكن انتهاكها، خاصة فيما يتعلق بالمحتضرين، ومساعدة هؤلاء على قبول لحظة الانتقال الحتمية من هذه الحياة إلى الحياة الأبدية.
من هذا المنظور، تابع الحبر الأعظم يقول، تقدم قناعاتنا الدينية فهماً أكثر عمقاً للمرض والمعاناة والموت، وتعتبرها جزءا من سر العناية الإلهية. أما بالنسبة للتقليد المسيحي فإنها وسيلة نحو التقديس. وأكد فرنسيس أنه غالباً ما خلقت الأعمال الرحيمة والاحترام الذي أظهره العاملون الطبيون المتفانون ومقدمو الرعاية إمكانية لأولئك الذين هم في نهاية حياتهم أن يجدوا الراحة الروحية والرجاء والمصالحة مع الله وأفراد الأسرة والأصدقاء. وأشار من هذا المنطلق إلى أن الخدمة التي يقدمها هؤلاء الأشخاص مهمة، لا بل أساسية، من أجل مساعدة المرضى والمحتضرين على إدراك أنهم ليسوا معزولين أو وحيدين، وأن حياتهم ليست عبئا، بل يبقون دائما قيّمين في عيني الله، ومتّحدين بنا برباط الشركة.
في ختام رسالته إلى المشاركين في الندوة الدولية حول الرعاية التلطيفية، قال البابا فرنسيس للمؤتمرين: أيها الأصدقاء الأعزاء، إني أشجعكم جميعا في جهودكم لتعزيز الرعاية التلطيفية للإخوة والأخوات الأكثر ضعفا، آملا أن تساعدهم مناقشاتهم في هذه الأيام على المثابرة في المحبة، وإعطاء الرجاء لمن وصلوا إلى نهاية الحياة، وعلى بناء مجتمع أكثر عدلا وأخوة، سائلا الله أن يمنح الكل بركات الحكمة والقوة والسلام.