سامح مرقص
كانت مصر القديمة أول حضارة إنسانية تمكنت من توثيق أفكارها وقيمها وتاريخها بشكل واضح، مما دفع عالم الآثار الكبير جيمس هنري برستد إلى وصفها بفجر الضمير الإنساني في كتابه الشهير “فجر الضمير” عام 1923، ترجمه الي اللغه العربيه  الدكتور سليم حسن، عام ٠1956

وقد أوضح هذا الكتاب أن مصر هي أصل الحضارة الإنسانية ومهدها الأول. وهناك شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، وهكذا ولد الضمير الإنساني في مصر، وتشكلت فيها الأخلاق والقيم الإنسانية، التي كان لها تأثير مباشر على الديانة اليهودية والتي أثرت في الديانات التوحيدية الأخرى.

واعتقد قدماء المصريين أن القواعد الأخلاقية موجودة داخل الإنسان منذ بداية الخليقة، وتنتقل من جيل إلى جيل، وكل ما يحتاجه الإنسان هو استدعاء الفضيلة من الداخل، وهو ما يعرف بـ”إيقاظ الضمير”، دون الحاجة إلى ضوابط أخلاقية تفرض عليه من الخارج .

ويبدو أن الفكر الديني ظهر مع وصول الإنسانية إلى مرحلة معينة من التطور استخدم فيها الإنسان لغة تواصل بالكلمات مكنته في نهاية المطاف من توثيق أفكاره التي تضمنت مزيجا من المعايير والتأملات وتصوير الواقع، مع محاولات تقديم فكرة متوازنة تفسر كل شيء. وهناك ارتباط قوي بين حضارة الأنهار التي تشمل الزراعة والفيضانات، وضرورة تنظيم مواسم الزراعة والحصاد، والتعامل مع انحسار النهر، والاستعداد للجفاف وفيضاناته وعواقبه، وظهور الفكر الديني والحضارات المتقدمة، كما حدث في مصر القديمة وبلاد  الرافدين  (العراق).

ولم تظهر حضارات قديمة مثل الحضارة المصرية أو السومرية في أوروبا والمناطق الصحراوية، بسبب طبيعة الطقس وغياب دورات الأنهار الجنوبية بين الفيضان والجفاف٠

وتمكنت الحضارة المصرية بسبب موقعها الجغرافي، من التأثير على المجتمعات المجاوره في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وشمال شبه الجزيرة العربية. كما اثرت الحضاره السومريه والفارسيه والاغريقيه والديانه الزرادشتيه علي الفكر الديني في هذه  المجتمعات