أشرف حلمي
لم أتفاجأ أبداً علي وجه الإطلاق من ردود الأفعال المعارضة لوجود مؤسسة الفكر العربي التي قام بها مجموعة من المفكرين والباحثين العرب بهدف تعزيز قيم الحوار البناء ودعم الفكر المستنير والإصلاح الفكري ، من جانب عدد من الأفراد والمؤسسات ، لهدف ما في نفس يعقوب ، خاصة من المستفيدين من قاموا علي إغلاق العقول عبر قنواتهم الفضائية ودروسهم التعليمية ، نظراً لوجود العديد من الأعضاء الذين عملوا وما مازالوا يعملون بقوة في مجال التنوير وواجهوا صعوبات كثيرة من جانب أصحاب الفكر الظلامي ، الذين يتخذون من الدين تجارة وسبوبة لعمل ثروات تقدر بالملايين ، وكان نصيب هؤلاء التنويريين إما التكفير وتحليل دمائهم أو اتهامهم بالإلحاد ورفع قضايا ازدراء الدين تجاههم .
أما القيادات الدينية الرافضة خاصة الأزهرية منها لمؤسسة تكوين والمطالبة بإلغائها بدعوى أن المؤسسة تعد بالنسبة لهم كيان للنيل من ثوابت الدين وأخلاقيات وقيم الأمة ، وأنها تضم أشخاصا يشككون في السنة والعقيدة ، في حقيقة الأمر لديهم حق بنسبة ١٠٠٪ خاصة في مصر ، وذلك لأن المادة السابعة للدستور المصرى تعطيهم هذا الحق والتي بواسطتها يقفون بالمرصاد أمام أي فرد مهما كانت سلطته أو جهة سياديه تتدخل في شئونهم والتي تنص علي " الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة ، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم . وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل ، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء " ، هذا من جانب ومن جانب آخر قانون ازدراء الأديان الذي يعمل غالباً في اتجاه واحد فقط ، في ظل وجود قضاة يتنحون عن الحكم في قضايا أرزاء تخص رجال دين ، أو الحكم عليهم بأخف عقوبة بالنظر إلى قضايا مشابهة بازدراء الدين الآخر .
لذا إذا كانت الدولة جادة فعلاً في تحقيق الأهداف التي قامت عليها مؤسسة تكوين دون وجودها عليها أن تتخذ عدة خطوات منها :
أولاً : حذف كافة المواد الدستورية الخاصة بالأديان ، وفصل الدين عن السياسية ، وإعادة صياغة الدستور بالكامل علي يد علماء قانونيين متخصصين لضمان عدم تدخل رجال الدين في العمل السياسي ، وليس السير علي أنقاض دستور عفي عليه الزمن تم تعديله وترقيعه عدة مرات لصالح مؤسسات وأحزاب دينية بعينها ، عقب ثورتين قاموا علي تحقيق الحرية والعدالة الإجتماعية ، فنحن لا نسمع عن أي من الدول المدنية تتخذ من الشرائع الدينية شرطاً رئيسياً لصياغة دستورها سوي الدول الدينية ، كذلك تغيير كافة المواد القانونية التي تم بنائها طبقاً للمواد الدينية التي تعمل في أتجاه طرف في اتجاه واحد لضمان مبدأ المواطنة ، وأطلاق حرية الإعتقاد والمساواة في العدالة خاصة في قضايا ازدراء الأديان وخطف القاصرات ، وحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي .
ثانياً : حل كافة الأحزاب الدينية والأحزاب التي تغازل الأشخاص والأحزاب ذات الأفكار الدينية المتطرفة ، ولكم في المملكة العربية السعودية مثلاً منذ قدوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، الذي ضرب بيد من حديد الهيئة الدينية التي تتحكم في الشارع السعودي والمعروفه بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعمل علي دفنها ومعها أفكارها الإرهابية المتطرفة ، وصار كما صارت أوروبا نحو التقدم والنهوض بشعوبها إلى مستقبل أفضل مشرق دون اللجوء لأي فرد تنوري ، وظهر ذلك في السنوات القليلة الماضية التي أصبحت فيها السعودية واحدة من أفضل دول العالم في الجذب السياحي والفني إضافة الي التقدم في كافة المجالات الرياضية وغيرها ، بفضل الحريات التي قدمتها الي الشعب السعودي ، و الحريات لكافة الطوائف الدينية للمقيمين العاملين بها من خارج السعودية .
ثالثاً : إعادة النظر في صياغة مناهج التعليم خاصة مادة اللغة العربية التي فرضت علي جميع طلاب المدارس بجميع مراحلها نصوص دينية معينة علي الرغم من وجود مادة الدين ، ومادة التاريخ التي تجاهلت حقبة أساسية في تاريخ مصر ، إضافة الي الحقائق التاريخية الرئيسية التي تم تزوريها ويمكن لأي طالب الكشف عنها بسهولة في عصر العولمة ، وحذف قصص البطولات الحربية والغزوات التي لها علاقة بالأديان والتي تحرض علي القتل والإرهاب وعدم قبول الأخر .
رابعاً : تطهير جميع مؤسسات الدولة من القيادات والعاملين بها الذين يعتنقون أفكار متطرفة بعد اختراقها تلك المؤسسات عقب ثورة يناير ، ومراقبة البرامج ، المسلسلات والافلام قبل عرضها علي القنوات والفضائيات التلفزيونية التابعة للدولة قبل عرضها ، لضمان الالتزام بمبدأ المواطنة وعدم بث اي مواد أو مشاهد تثير الفتن الطائفية وبث الكراهية بين المواطنين .