ياسر أيوب

من الهدايا التى قدمتها فرنسا للعالم.. السينما وسماعة الطبيب والبسترة والأطعمة المعلبة وماكينة الخياطة والمصابيح النيون والبالون الطائر ونظام برايل لفاقدى البصر.. والاتحاد الدولى لكرة القدم وبطولة كأس العالم.. وفرنسا أيضا هى التى أسست اللجنة الأوليمبية الدولية ودوراتها.. ولم تكن دورة باريس الأوليمبية 1900 مجرد دورة أوليمبية ثانية بعد الأولى فى أثينا 1896.

 

إنما كانت دفاعًا فرنسيًا عن حق العالم فى تناوب استضافة الدورات الأوليمبية بعدما كانت أثينا تصر على استضافتها كل أربع سنوات احتراما للتاريخ الأوليمبى اليونانى.. وكانت القيمة الحقيقية لدورة باريس 1924 هى جمع شتات عالم مزقته الحرب العالمية الأولى.. وتاريخ طويل وحكايات كثيرة لكن الفرنسيين اختصروا ذلك كله فى بطلات وأبطال فرنسيين فازوا بميداليات أوليمبية وينتمون لثلاثة أجيال مختلفة.

 

ويستعيد هؤلاء ذكرياتهم فى فيلم سينمائى تسجيلى بعنوان الأوليمبياد ـ فرنسا والألعاب سيعرضه مهرجان كان فى إحدى ليالى المهرجان مع سير الشعلة الأوليمبية فوق البساط الأحمر مثل كل نجمات ونجوم السينما.. وستكون فى انتظار شعلة باريس 2024 إيريس كنوبلوك رئيسة مهرجان كان التى قالت إنه سيكون لقاء بين أوليمبياد الألعاب وأوليمبياد السينما.. وبعد استقبال الشعلة الأوليمبية سيتم عرض الفيلم الفرنسى.

 

وبالتأكيد أحترم الفرنسيين واختياراتهم، لكن من الواضح أنهم ليسوا مثل الإنجليز.. فالإنجليز حين يتحدثون عن تاريخهم الكروى يتجنبون الإشارة لأى بطولات ونتائج لأنهم ليسوا الأكثر فوزا.. إنما يحرصون على تأكيد أنهم الذين اخترعوا اللعبة وأنهم أصحاب أول ناد وأول ملعب وأول قانون وأول اتحاد وأول مسابقة.. وما يملكه الإنجليز عن كرة القدم يملكه الفرنسيون عن الألعاب الأوليمبية.

 

يملكون براءة الاختراع والابتكار وجرأة تحويل حلم أوليمبى لواقع وحقيقة.. ومع كل الاحترام للفرنسيين أصحاب الميداليات الأوليمبية إلا أن ميدالياتهم رغم قيمتها ليست أجمل ما فى التاريخ الأوليمبى الفرنسى.. ومثلما اخترعت إنجلترا كرة القدم ولم تفز إلا ببطولة وحيدة هى كأس العالم 1966 ولم تفز مطلقا ببطولة أوروبا.. ومثلما اخترعت فرنسا كأس العالم 1930 ولم تفز به أول مرة إلا 1998.

 

ففرنسا أيضا التى اخترعت الدورات الأوليمبية لم تكن أكثر البلدان فوزا بالميداليات رغم امتلاكها 764 ميدالية.. ولم تتصدر فرنسا جدول الميداليات إلا فى دورة وحيدة هى باريس 1900.

 

 

ولم تكن الثانية فى أى دورة وكانت الثالثة فى ثلاث دورات.. وفى كل الأحوال سيكون لقاء جميلا بين فرنسا مبتكرة الدورات الأوليمبية وفرنسا صاحبة أشهر مهرجانات السينما فى العالم.. فحين استضافت فرنسا دورتى 1900 و1924 لم يكن هناك مهرجان كان الذى بدأ فى 1946 مما يعنى أنه اللقاء الأول بين الألعاب والمهرجان.

نقلا عن المصرى اليوم