أكد الدكتور يوسف زيدان الكاتب والمفكر، اعتزازه الشخصي ومجلس أمناء مؤسسة «تكوين» بالدكتور طه حسين، حيث حمل المؤتمر الأول للمؤسسة طه حسين عنوانا له، وتحدث «زيدان» عن كواليس إطلاق منتدى «تكوين» التي عقدت مؤتمرها الأول مؤخرا بالمتحف المصري الكبير، مشيرا إلى كواليس الإعداد لها وأهداف العمل والرؤية التي تنطلق منها، وخطط العمل المستقبلية.
أكد الدكتور يوسف زيدان الكاتب والمفكر، اعتزازه الشخصي ومجلس أمناء مؤسسة «تكوين» بالدكتور طه حسين، حيث حمل المؤتمر الأول للمؤسسة طه حسين عنوانا له، وتحدث «زيدان» عن كواليس إطلاق منتدى «تكوين» التي عقدت مؤتمرها الأول مؤخرا بالمتحف المصري الكبير، مشيرا إلى كواليس الإعداد لها وأهداف العمل والرؤية التي تنطلق منها، وخطط العمل المستقبلية
وأضاف «زيدان» في حواره لـ «الوطن» أن المؤسسة تهدف إلى إرساء قيم العقل والاستنارة والإصلاح والحوار وقبول الآخر والإيمان بمبادئ السلام العالمي بين المجتمعات والثقافات والأديان، مؤكدا أنه لا تعارض أبدا بين الأديان وتوجهات المؤسسة الثقافية.
وإلى نص الحوار..
*نريد منكم نبذة مختصرة عن مؤسسة تكوين الفكر العربي؟
*كما أعلننا في مؤتمرنا الأول، هي مؤسسة عربية ثقافية غير ربحية وغير حكومية، توافق على تأسيسها مجموعة من المفكرين والباحثين المصريين و العرب وهم مجلس؛ مجموعة ثقافية من 6 شخصيات، وهم: إبراهيم عيسى وإسلام بحيري (مصر)، وفراس السواح (سوريا) وألفة يوسف (تونس) والدكتورة نايلة أبي نادر (لبنان)، وأنا يوسف زيدان ، وتوافقنا على إطلاق المؤسسة لدعم ونشر التنوير في العالم العربي، وكنا نرتب له منذ سنة ونصف، وأعلنت عن قرب إطلاق المؤسسة في يناير الماضي خلال ندوة لي بأحد فنادق القاهرة.
زيدان: تكوين محاولة أخرى لتحريك الواقع الثقافي
*من صاحب فكرة إطلاق مؤسسة بهذا الشكل؟
*ليس شخصا بعينه، لكنها أفكار التقت، وأنا منذ سنوات أنادي بضرورة التثقيف العام، وكذلك إبراهيم عيسى يعمل في هذا الاتجاه عبر كتاباته وعمله الإعلامي.
* هل يوجد مقر للمؤسسة حاليا؟
لا يوجد إلى الآن.
*ما أبرز أهداف المؤسسة؟
تهدف المؤسسة إلى إرساء قيم العقل والاستنارة والإصلاح والحوار وقبول الآخر والإيمان بمبادئ السلام العالمي بين المجتمعات والثقافات والأديان. بهدف تعزيز قيم الحوار البناء، ودعم الفكر المستنير والإصلاح الفكري، وخلق فضاءات تقنية مناسبة تسمح بوصول منتجها الفكري المرئي والمسموع والمقروء إلى أوسع قاعدة ممكنة من الجمهور.
وتستهدف المؤسسة أيضا تمهيد السبيل نحو مستقبل مشرق للمجتمعات العربية والإسلامية من خلال الثقافة والفكر الديني المستنير وما بينهما من اتصال، وبث روح التجديد والإصلاح الذي يعيد للفكر الديني مكانته اللائقة وتواصله وتكامله مع مستجدات العصر ومواكبة التقدم في جميع المجالات العلمية والفكرية والقيمية، ما يمكن أن نطلق عليه عملية توطين الثقافة والفكر ليكونا عنصرا فاعلا مشاركا وأساسيا في معادلة الإصلاح والتقدم والتنوير للفرد والمجتمع في بلادنا العربية، وتعمل المؤسّسة على تطوير خطاب التسامح وفتح آفاق الحوار والتحفيز على المراجعة النقدية وطرح الأسئلة حول المسلمات الفكرية، وإعادة النظر في الثغرات التي حالت دون تحقيق المشروع النهضوي الذي انطلق منذ قرنين منذ الزمان.
تواصل الجهود مع محاولات سابقة بذلها الطهطاوي ولطفي السيد وطه حسين ونجيب محفوظ
*من يقف وراء دعم المؤسسة؟
*عقدنا جلسات ومناقشات، ووصلنا إلى قناعة بضرورة تأسيس كيان ثقافي يجمع هذه الجهود، والمؤسسة مشهرة وبرعاية الدولة المصرية، ولذلك تم استضافة مؤتمرنا الأول في المتحف المصري الكبير، وهو تأكيد للمساعي الرامية لاستعادة الريادة المصرية.
* وما الجهة الممولة لكم؟
*كثُر طرح هذا السؤال، ونحن لا نمثل إلا أنفسنا، ولماذا الاستغراب من كوننا نمول أنفسنا، فعلى مدار 25 سنة ودون دعم من أي جهة وأي شخص، تكبدت بمفردي عناء العمل والسفر وتكاليفه من وإلى القاهرة، إضافة إلى عقد ندوات ومحاضرات هنا وهناك وغيرها، وأنفقت آلاف الجنيهات، ولم يسأل أحد عن مصدر التمويل، وهناك إلحاح فقط على هذا السؤال من بعض الناس الذي لا أعرف ما هي دوافعهم من الكلام المجاني، ولمدة سنوات خلال عملي في مكتبة الإسكندرية التي عملت فيها نحو 17 سنة، كان مرتبي من المكتبة 230 جنيها فقط، وطوال هذه السنوات كنت أنفق على شغل المخطوطات خلال تنقلاتي بين الإسكندرية والمحافظات المصرية.
*يوجد هجوم على المؤسسة وتلصق بكم تهمة (الإلحاد) خاصة أن من بين أعضاء مجلس الأمناء فراس السواح؟
*هناك فعلا أناس غاضبون وبعضهم احتج بغضب في نقاش معي، قبل أن يعرفوا ما نطرحه، وبخصوص فراس السواح، قلت من قبل إن الإيمان والإلحاد كلاهما سر في نفس الإنسان، ولا يجوز الحكم بهما أو الحكم عليهما بمعنى أن الشخص المؤمن أو الملحد لا يمكن لغيره أن يعرف ما بداخله، ولا يستطيع أحد منا أن يحكم على الآخر بالإيمان أو بالكفر لأن هذا حكم أقل ما يوصف به أنه ساذج، والآن نحن أمام مفكر عربي مرموق بدأ الكتابة مبكرا وعرفناه خلال عشرات السنين الماضية من خلال بحوثه، التي نشرت وكتبه التي انتشرت، ومنها «مغامرة العقل الأولى، لغز عشتار، وغيرهما» إلى آخر أعماله المتداولة والمقروءة والمتداولة في المنطقة العربية، فما معنى هذا الكلام الساذج الذي يطلقه بعض المتسولين على وسائل التواصل الاجتماعي؟ إنه اتهام للرجل لا معنى له أصلا ولا يصح لنا الوقوف عنده من قريب أو بعيد.
*يوجه إليك شخصيا وإلى إبراهيم عيسى تهمة أخرى وهي العبث في ثوابت الدين.. فما قولك ؟
ما يسميه هؤلاء «البسطاء» هجوما على ثوابت الدين، أسميه أنا إعادة بناء التصورات والمفاهيم الأساسية.. طرحت في السنوات الماضية قضايا كثيرة خرجت بها إعادة بناء وتكوين تصورات عامة، على أساس من البحث والتدقيق وكشف الزيف عن التاريخ المزور الذي يؤدي لتشويش العقل الجمعي أو التفكير العام في بلادنا، ومن تلك القضايا التي أثرتها خلال الثلاثين سنة الماضية، منذ كنت في الثلاثين من عمري، اختفاء آلاف المخطوطات من المكتبات العامة، وبقاء التراث دون فهرسة وتحقيق وهو يؤدي تعريضه للاختفاء، ضرورة التعريف والفهم للإبداع الإسلامي عبر التاريخ، أي يكون أبطالنا العلماء مثل ابن سينا، والكندي والفارابي، ومن لهم إسهام حقيقي في التاريخ الإنساني، وليس السفاحين مثل أرطغرل ومن على شاكلته.
وتحدثت كثيرا عن معنى البطولة، وكنت أخصص محاضراتي الكثيرة (المجانية) لموضوعات محددة لإعادة النظر فيها مثل، عام الفلسفة والمنطق، وعام اليهوديات، وعام إعادة بناء المفاهيم وهكذا، وفي هذه المحاضرات طرحت بعض الأفكار ومنها حقيقة صلاح الدين، وقصة الإسراء والمعراج وغيرها، ومن أراد أن يرد أو يناقشني، عليه أن يقرأ ما كتبته في كتبي منها «شجون عربية»، حول هذه الموضوعات ثم يرد عليّ.
*لماذا تم استبعاد أي تيار ديني إسلامي أو مسيحي في المؤسسة؟*
خلال تأسيس المؤسسة لم يشغلنا استبعاد أو مخاصمة أحد، وإنما كان هدفنا العكس؛ وهو كيف نصل إلى مجموعة من الكتاب والمفكرين والفاعلين في المحيط الثقافي العربي ممن يمكن لهم أن يحدثوا تغييرا إيجابيا في العقل العربي، وكان البحث عن الاتفاق والملائمة هو الأساس وليس العداء أو الاستبعاد لأحد.
*وما علاقة المؤسسة بالأديان إذن؟
*معنا أساتذة أزهريون شاركوا في المؤتمر الأول الذي عقدنا في المتحف، ونحن لسنا مع عداء مع الأزهر، وفهم أن التنوير بالضرورة ضد للدين هو من قبيل التخلف والسذاجة.
*وما سبب اقتصار مجلس الأمناء على عدد قليل ومصر فيها عدد كبير من الكتاب؟
*خلال الإعداد على مدار سنة ونصف، بعض الأشخاص لم نجد منهم الحماس الكافي، وبالفعل لدينا مئات الناس ممن لديهم أفكار لكن ليس من المنطقي أن يكون في مجلس الأمناء مئات الأشخاص، ونحن نمثل أنفسنا ورغبتنا في تحريك الراكد في الثقافة العربية.
*هل ما زال متاحا انضمام شخصيات أخرى إليكم.؟
*لا، ولكن كل 3 سنوات يكون هناك تغيير في مجلس الأمناء، ووارد جدا تغيير مجلس الأمناء في المستقبل، وبعدين، من أراد أن يسعى في هذا المسار المهم، وهناك جمعيات كثيرة وفي ذلك "فليتنافس المتنافسون".
* كيف يجري العمل داخل المؤسسة؟
*المسائل تشاورية بين مجلس الأمناء الستة، بينهم ثلاثة من مصر والرعاية مصرية رسمية.
*وما شكل العلاقة مع وزارة الثقافة؟
*وزارة الثقافة جهة حكومية ووارد أن يحدث تعامل فيما بعد.
*وماذا عن الخلاف بينك وبين إسلام بحيري؟
*كان بيننا خلاف مشهور منذ عدة سنوات، وطبيعي أن نكون هناك نقاط اختلاف بين المشتغلين بالفكر والأدب، وليس إسلام بحيري وحده، لكن هذا لا يلغي مساحة الاتفاق في الرأي هي الأوسع، فلماذا يكون تركيزنا كله في الاختلاف، وجلسنا مع بعضنا البعض، ووجدنا أن هناك مناطق كثيرة نتفق عليها وانتهينا إلى تصفية هذا الخلاف وأن نحافظ على المساحة المشتركة بيننا.
زيدان: بعد جدل طه حسين وفراس السواح: يسعدني أن تكون الثقافة «تريند»
*تم توجيه النقد إليكم بعد المقارنة من جانبك بين فراس السواح وطه حسين والرغبة في تصدر التريند؟
قلت إنها كانت مجرد مزحة ويسعدني أن تكون الثقافة تريند، وهي زوبعة في فنجان، والفيديو مجتزأ، ووقتها أردت تلطيف الكلام مع فراس السواح، وقتها كنا نتحدث عن ردود الأفعال أو استقبال الكتب في نقاش بيننا، وقلت له إن طه حسين صار يوزع كتب كثر هذه الأيام، فقلت إن هذه علامة وإنه لا داعي للتشاؤم من الواقع، وكنت أشير إلى الواقع ضمن العلامات التي تدعو للتفاؤل، وطرحت السؤال في سياق مزحة، بل أن يكون مقصدنا جدي هو أمر مناقض لاختيارنا طه حسين ليكون عنوانا لمؤتمرنا الأول. وفي رسالة توضيحية عملناها مع مدير الجلسة عمرو عبد الحميد، فراس قال إنه جاء من سوريا إلى مصر من قبل ليشارك في احتفالية مرور 50 سنة على رحيل طه حسين، وأنا من مجلس الأمناء اخترت مع بقية الزملاء أن يكون طه حسين نقطة الانطلاق، فكيف يتم التركيز بسخافة على عبارة قلت إنها مزحة؟.
*وما رؤيتك الخاصة للدكتور طه حسين؟
*رؤيتي عن طه حسين منشورة في كتب ومحاضرات ولقاءات تليفزيونية كثيرة يتضح فيها كمّ اعتزازي واعتزاز مجلس الأمناء بطه حسين، ولذلك وقع اختيارا عليه في اليوم الأول للمؤتمر، وقلت بوضوح في المحاضرة الافتتاحية بالمؤتمر وبالنص: إن ما نقوم به في تكوين هو محاولة أخرى لتحريك الواقع الثقافي تتواصل مع محاولات سابقة بذلها رفاعة الطهطاوي، وأحمد لطفي السيد وطه حسين، ونجيب محفوظ والآن هذه محاولة جديدة، أي أننا متواصلون معهم، والجلسة التي أدرتها في المؤتمر كانت بعنوان «طه حسين في عيون دارسيه»، وهذا يدل على الاحتفاء بالرجل وليس الهجوم عليه.
*هل سيكون هناك تعاون مع أشخاص أو جهات في الفترة المقبلة؟
*إن المدهش والمفرح إن خلال يومين فقط من المؤتمر الأول الذي تم فه إطلاق المؤسسة والإعلان عنها بعد عام ونصف من التجهيز والتخطيط لإصدارها، فوجئت بكم كبير من الاتصالات من مؤسسات وجهات ثقافية مصرية وعربية لعمل أنشطة مشتركة معنا، منهم المستشار الألماني بالقاهرة وأعرب عن استعداده لعمل أنشطة مشتركة، كما حضرت رئيس المنتدى الثقافي العربي في لبنان لعمل أنشطة مشتركة معنا أيضا في شكل ندوات وفعاليات ثقافية.
*وبم خرجتم من المؤتمر الأول؟
خرجنا بضرورة عمل تنسيق مع أطراف المنطقة العربية لتكثيف الأنشطة الخاصة باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي، لتصل الثقافة إلى نطاق واسع جدا في المرحلة القادمة، واختتم المؤتمر جلساته جلسة عنوانها سؤال «أين نحن من التنوير» كمجتمعات عربية، وشارك في الجلسة، وشاركك فيها باحثون من العراق وتونس والمغرب ومن مصر طبعا، ومن زوايا مختلفة، وجميع هذه الجلسات ستكون متاحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت وفي غضون أيام، بحيث يتمكن أي شخص متابعة ما جرى وما طرح من رؤى مختلفة.