محرر الأقباط متحدون
صادفت هذا الجمعة الذكرى السنوية الأربعون لإنشاء مؤسسة البابا يوحنا بولس الثاني من أجل الساحل والتي أبصرت النور برغبة من البابا فويتيوا. للمناسبة بعث البابا فرنسيس برسالة إلى المشاركين في لقاء نُظم للمناسبة، لافتا إلى أن المؤسسة تبقى علامة لمحبة الكنيسة تجاه أبنائها في أفريقيا الغربية.
وُجهت الرسالة البابوية إلى الكاردينال مايكل شيرني رئيس المؤسسة وضمّنها الحبر الأعظم تحياته إلى أعضاء السلك الدبلوماسي والممثلين عن السلطات الدولية والوطنية وجميع المشاركين في اللقاء الذي نُظم للمناسبة. وكتب أن النقاشات التي تمحورت حول موضوع التصحّر تشكل فرصة لإحياء ذكرى البابا القديس يوحنا بولس الثاني، والذي أطلق نداء إلى العالم كله في العاشر من أيار مايو ١٩٨٠ من أوغادوغو، وكان نداء لصالح الأشخاص الأشد ضعفاً وهشاشة في منطقة الساحل. وقال فويتيوا آنذاك إن صوته هو صوت الآباء والأمهات الذين رأوا أطفالهم يموتون دون فهم، أو الذين سيرون دائما في أطفالهم الآثار اللاحقة للجوع والعطش الذي عانوا منه؛ صوت الأجيال القادمة التي يجب ألا تعيش بعد اليوم في ظل هذا التهديد الرهيب لحياتها. وأضاف فرنسيس أن هذا هو صوت من لا صوت لهم، صوت الأشخاص الأبرياء الذين ماتوا لعدم توفّر الخبز والمياه.
مضى الحبر الأعظم إلى القول إن مؤسسة البابا يوحنا بولس الثاني من أجل الساحل أبصرت النور لهذه الغاية، كي يبقى هذا النداء على الدوام علامة لمحبة الكنيسة تجاه أبنائها وبناتها في أفريقيا الغربية، مشيرا إلى أن الكرسي الرسولي يتابع باهتمام خاص نشاط المؤسسة من خلال دائرة التنمية البشرية المتكاملة، مدركا أن هذا النشاط يساهم في تحسين الأوضاع الإنسانية والاجتماعية لسكان منطقة الساحل.
بعدها ذكّر البابا بما قاله سلفه البابا الراحل بندكتس السادس عشر عندما تحدث عن الصحاري الخارجية التي يمكن أن تكون انعكاساً لتلك الداخلية موضحا أن الطريقة التي يعامل فيها الإنسان بيئته تؤثر على الطرق التي يعامل فيها نفسه والعكس صحيح. كما لفت فرنسيس إلى أن عمل التضامن والمسؤولية الذي نقوم به ينبع من إيماننا بالله الخالق، ومن محبتنا تجاه الآخرين. وأضاف أن الاعتناء بالبيت المشترك والاعتناء بالآخر كشخص مخلوق على صورة الله ومثاله، هما موقفان لا بد أن يسيرا بشكل متواز، وهما يعكسان المحبة ويشهدان للمسيح الذي هو علامة حية للمحبة.
تابع البابا قائلا إن كل لقاء مع شخص أو شعب يعاني من الفقر والهشاشة يحفزنا وتساءل كيف نستطيع أن نساهم في إلغاء أو الحد من التهميش والمعاناة؟ وقال إن شعب الله مدعو لأن يكون في الصفوف الأمامية ليتجاوب مع الصراخ الصامت للأعداد الكبيرة من الفقراء حول العالم، لاسيما في منطقة الساحل، كي يعطوهم صوتاً ويُدافعوا عنهم ويتضامنوا معهم إزاء الكثير من النفاق والوعود التي لم تُحترم، وهذا ما أكد عليه البابا أيضا في رسالته لمناسبة اليوم العالمي الرابع للفقراء في تشرين الثاني نوفمبر ٢٠٢٠.
هذا ثم كتب البابا أنه لا تزال بعض البلدان في هذه المنطقة من غرب أفريقيا تعاني من أزمات تهدد السلام والاستقرار والأمن والتنمية بشكل متزايد. وتؤدي هذه الظواهر المرتبطة بالإرهاب وعدم الاستقرار الاقتصادي وتغير المناخ والصراعات بين المجتمعات المحلية إلى تفاقم ضعف الدول وفقر المواطنين، مع ما يترتب على ذلك من هجرة للشباب. واعتبر أن هذا السياق يجعل مهمة المؤسسة صعبة ولكن لا غنى عنها. وأضاف فرنسيس أنه في يوم الاحتفال هذا يود أن يكرر نداء البابا يوحنا بولس الثاني إلى جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة في جميع أنحاء العالم: العمل من أجل الأمن والعدالة والسلام في الساحل، مؤكدا أن السلام يسمح بالتنمية البشرية المتكاملة التي تبنى يوما بعد يوم في البحث عن النظام الذي أراده الله، ولا يمكن أن تزدهر إلا عندما يدرك الجميع مسؤوليتهم عن تعزيزها.
مضى البابا إلى القول إن الوقت لم يعد يسمح بالانتظار إذ يجب أن نتصرف. وأضاف: لا يمكن لأحد أن ينكر الحق الأساسي لكل إنسان في العيش بكرامة وتحقيق كامل إمكاناته. وذكّر بما جاء في الرسالة العامة Fratelli Tutti عندما كتب أنه إذا كان لجميع الرجال والنساء القيمة نفسها، فيجب أن يقال بوضوح وحزم إن مجرد الولادة في مكان به موارد اقتصادية أقل لا يبرر أن يعيش الناس في كرامة أقل، وبالتالي، فإن الالتزام في تنظيم المجتمع بطريقة لا يجب أن يكون فيها الجار في بؤس هو عمل محبة. إنها المحبة التي تتطلب أن نرافق شخصا يتألم، حتى من دون أن نكون على اتصال مباشر مع هذا الشخص، لتغيير الظروف الاجتماعية التي هي أصل معاناته.
في ختام رسالته لمناسبة الذكرى السنوية الأربعين لإنشاء مؤسسة البابا يوحنا بولس الثاني من أجل الساحل، عبّر البابا عن أمله في أن يمكّن إحياء ذكرى إنشاء المؤسسة من تحديد وتعزيز وتنفيذ جميع المبادرات اللازمة لبناء العدالة والسلام من أجل التنمية البشرية المتكاملة والمستدامة لجميع شعوب الساحل. هذا ثم منح البابا المشاركين في الاحتفال بركاته الرسولية.