القمص يوحنا نصيف
"كلّ صفوف وطقوس، السمائيين والأرضيين،
الملائكة والناس معًا، يرتلون بابتهاج.
لأنّ ربنا يسوع المسيح، الحَمَل الحقيقي،
قام من بين الأموات"

    تُصلِّي الكنيسة في عيد القيامة هذا اللحن الجميل "كاتا ني خوروس.."، وتُكَرِّره يوميًّا حتّى عيد الصعود.. إذ نتغنّى بمحبّة ملكنا الحمَل الحقيقي الذي حَمَلَ خطايانا في جسده، وقدّم نفسه ذبيحةً على الصليب من أجل خلاص جنسنا، ثم اقتحم الموت وداسه بقوّة لاهوته، وهزمه لحسابنا.. وكانت قيامته هي علامة انتصاره على الموت، عدوِّنا الخطير الذي كان يبتلع في جوفه الآلاف كلّ يوم، فانكسرَت شوكته وبطُلَ سلطانه..!!

    يكشف لنا سِفر الرؤيا عن فرح السمائيين وتسبيحهم للحَمَل الحقيقي ربنا يسوع المسيح "وهم يترنّمون ترنيمةً جديدة قائلين: مستحق أنت أن تأخُذ السِفر، وتفتح ختومه لأنّك ذُبِحتَ واشتريتنا لله بدمِكَ.." (رؤ5: 9). وهنا أخْذ السِّفر وفكّ ختومه يشير إلى تاريخ البشريّة الذي تغيَّر بالتجسُّد والفداء، فقد فتح لنا السيِّد المسيح الحَمَل الحقيقي بفدائه آفاقًا جديدة للحياة المقدّسة، لمجد الله الذي اشترانا بدمه..

    كما يكشف لنا تهليل أعداد لا تُحصى من السمائيين "قائلين بصوتٍ عظيم: مُستحقٌ هو الخروف المذبوح أن يأخُذ القُدرة والغِنى والحكمة والقوّة والكرامة والمجد والبركة" (رؤ5: 12).

    ويؤكِّد لنا سِفر الرؤيا أيضًا أنّ جموع المفديين الذين وصلوا بسلام إلى الأمجاد السمائيّة في حضرة الله، قد غسّلوا ثيابهم وبيّضوها في دم الحَمَل (رؤ7: 9-17)، لذلك فهُم دائمًا يستمتعون بالثياب البيضاء، في جوّ التسبيح المُفرِح الذي لا ينقطع، تحت ظِلّ محبّة الله الدافئة.. "لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حيّة، ويمسح الله كلّ دمعة من عيونهم" (رؤ7: 17).

    هنا يَظهر لنا بوضوح أنّ دم الحمل الحقيقي، ربنا يسوع، هو سرّ فرح البشريّة وخلاصها.. لأنه في الحقيقة دم حيّ، ويُحيي كل مَن يؤمِن به، ويتناول منه.. إذ أنّ فيه قوّة القيامة التي لا يغلبها الموت.

   + هذا هو الدم المسفوك على الصليب من أجلنا..
   + هذا هو الدم الذي يمتلئ منه الكأس ونتناوله في القدّاس فنحيا به..

   + هذا هو الدم الذي فتح لنا الطريق إلى الأقداس العليا، لنكون وارثين مع المسيح المجد الأبدي..
   + هذا هو الدم الذي أعطانا قيمة ويظلّ يشفع فينا إلى الأبد..

   + هذا هو الدم الذي غلب الموت، ويعطينا الغلبة باستمرار على رئيس قوّات الظُّلمة "وهُم غلبوه بدم الخروف.." (رؤ12: 11).
   + هذا هو الدم الذي ظلّ واضحًا وثابِتًا بعد القيامة وإلى الأبد، يستطيع الإنسان أن يتلامس معه بالتوبة الصادقة واللجاجة في الصلاة، فيهتف مع توما: "ربِّي وإلهي" (يو20: 28).

   + هذا هو الدم الذي جعلنا نرتبط بالحَمَل الحقيقي، ونتبعه حيثما يذهب بنا، كما قيل في سِفر الرؤيا عن المفديين الأطهار "يضربون بقيثاراتهم، وهم يترنّمون كترنيمة جديدة أمام العرش.. هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهَب. هؤلاء اشتُروا من بين الناس باكورة لله وللخروف. وفي أفواههم لم يوجَد غِشّ، لأنّهم بلا عيب قدّام عرش الله" (رؤ14: 2-5).
القمص يوحنا نصيف