ياسر أيوب
هناك أحيانًا جروح أطول عمرًا من أصحابها.. ومشاعر أقوى من ولع الأيام والسنين بالنسيان.. وأوجاع تبقى فى القلب غير قابلة للخلاص منها.. وحكايات أخرى يمكن أن تقال عن سيزار لويس مينوتى، المدرب الأرجنتينى الكبير، الذى رحل منذ يومين.. ورغم انتصارات كروية كثيرة حققها مينوتى، سواء كلاعب فاز بالدورى الأرجنتينى مع بوكا جونيور 1965، والدورى البرازيلى، وكأس إنتركونتيننتال مع سانتوس 1968، حيث لعب وقتها مع النجم الكبير بيليه.
أو كمدرب قاد منتخب الأرجنتين تحت 20 سنة للفوز بكأس العالم 1979.. ثم برشلونة لدورى وكأس وسوبر إسبانيا 1983.. لكن يبقى انتصاره الأكبر والأجمل والأغلى هو قيادة الأرجنتين للفوز بكأس العالم 1978 لأول مرة فى تاريخها.. ولم ينكر مينوتى فى أى وقت اعتزازه بكأس العالم، لكنه احتاج لمرور سنين طويلة قبل أن يحكى أنه بقدر فرحته بكأس العالم كانت داخله مرارة لا تنتهى، نتيجة عدم تقدير هذا الانتصار لأسباب سياسية وإعلامية.
ولم يصمت مينوتى طويلًا قبل أن يحكى عن هذه المرارة خوفًا أو هربًا من المواجهة.. لكنه كان قد اعتاد ألا يتحدث عن شىء غير كرة القدم.. وحتى حين انتقده الكاتب الإنجليزى جوناثان ويلسون فى كتابه بعنوان ملائكة بوجوه قبيحة.. حيث قال ويلسون إن مينوتى كان يطالب لاعبيه طول الوقت بالفوز بأى ثمن، ولم يكن يقبل أى تبرير لخسارة لاعبيه لأى مباراة.
لم يعلق مينوتى واكتفى بابتسامته الدائمة وصورته كمدرب رآه الإعلام الكروى العالمى أكثر مدربى العالم أناقة ورومانسية وتدخينًا للسجائر.. وكانت حكايته مع مارادونا هى التى لم يصمت فيها مينوتى، حين تم انتقاده لأنه رفض ضم الموهوب الصغير لمنتخب الأرجنتين فى كأس العالم 1978.. وقال مينوتى وقتها إن مارادونا كان لايزال صغيرًا جدًا والدفع به كان من الممكن أن يقضى عليه لو خسرت الأرجنتين.. وقال أيضا إنه بعد سنة واحدة فقط قاد مارادونا مع منتخب تحت 20 سنة للفوز بكأس العالم، وقاد مارادونا أيضا مع نادى برشلونة.
وكانت العبارة المهمة التى قالها الرئيس الأرجنتينى خافيير مايلى بعد وفاة مينوتى، مؤكدًا أن هذا الرجل أهدى الأرجنتين واحدا من أكبر أفراحها طيلة تاريخها.. هى العبارة التى تمنى مينوتى أن تقال له فى 25 يونيو 1978، حين احتفلت بلاده بكأس العالم.. لكن كثيرين وقتها أشادوا بقرار الجنرال فيديلا، رئيس البلاد، واعتبروه صاحب الانتصار حين أبقى على مينوتى وعدم قبول استقالته، حيث كان مينوتى من أنصار بيرون الذى حين مات تولت زوجته إيزابيل الرئاسة، حتى أبعدها فيديلا 1976.. وتكريمًا لإيزابيل كانت الأغنية الشهيرة.. لا تبكى من أجلى يا أرجنتين.
نقلا عن المصرى اليوم