الأحد ٩ ديسمبر ٢٠١٢ -
١٢:
٠٤ م +02:00 EET
كتب : صبحى فؤاد
الرئيس مرسى يشبهنى حاليا بسائق قطار سريع ركب رأسه فجأة ورفض الوقوف لانزال الركاب فى اى محطه الا فى نهاية الخط.. ورغم توسلات الركاب له الا انه اصر على عناده وقام بزيادة سرعة القطار حتى يصل سريعا الى اخر محطة. وقبل وصول القطار كان السائق مشغولا تماما بمجادلة الركاب وتبادل الاهانات والشتائم معهم بدلا من الانتباه الى قطاره وتخفيض سرعته حتى يمكنه التوقف حال وصوله الى المحطة.
وكان طبيعيا ان يكون نهايه هذا العناد حدوث مصيبة وكارثة كبرى كان اول من دفع ثمنها السائق نفسه لانه عندما وصل القطار الى اخر محطة عجز عن ايقافة فى اللحظات الاخيرة فارتطم بقوة هائلة بالجدران والحوائط بعد ان خرج عن القضبان فتحطم ومات السائق ومعه ابرياء كثيرين اخرين بلا ذنب او جريمة ارتكبوها.
الرئيس مرسى مثل سائق القطار ليس فقط مسئولا عن القطار والتحكم فيه وانما ايضا مسئولا عن تلبية رغبات الركاب والتوقف فى كل المحطات التى من المفروض الوقوف بها لاتاحة الفرصة امامهم للنزول او الصعود..ولا يعقل ولا يصح ابدا ان يقول للركاب لن اقف الا فى اخر محطة او بقول لن اقف اذا اردت واينما اشاء لان القطار قطارى واللى مش عاجبه بلاش يركب ياكرام لان وظيفتى تمنحنى الشرعية لكى افعل ما اشاء.
للاسف الشديد الرئيس مرسى نجده يرفض الاستماع لملايين من ابناء مصر الذين خرجوا الى الشوارع طيلة الايام الماضية لكى يقولوا له لا للدستور الاخوانى ولا للاعلان الدستورى الذى يمنحه سلطات تجعل منه الها او فرعونا جديدا لمصر بعباءة اسلامية.. ووليس هذا فقط وانما يصر ان يكون مثل هذا السائق الذى ركب دماغة ورفض الاستماع الى ركابه وفى النهاية كان هو اول من دفع ثمن عناده.
دعونا ندخل فى صميم الموضوع ونقول للرئيس مرسى محذرين انه امام حلان لا ثالث لهما الا الخراب والدماء وتفكيك مصر او احتلالها او فرض الوصايا الدولية عليها والحل الاول هو:
التراجع وتأجيل الدعوة على الدستور المقترح واعادة تشكيل اللجنة الدستورية لاتاحة الفرصة امام كل فئات وطبقات واطياف المجتمع المصرى للمشاركة فى كتابة دستور علمانى يحتضن الجميع ويحفظ حقوقهم جميعا وليس دستورا اخوانيا عنصريا يميز ويفرق بين المصريين بناء على هويتهم الدينية . مصر تريد دستورا يتفق عليه الجميع من مسلمين واقباط ويهود وغير مؤمنين وفلاحين وعمال ومتعلمين او غير متعلمين وفقراء واغنياء ونساء ورجال وغيرهم ..دستور جديد يدفع مصر الى الامام وليس دستورا يرجع بها الى عصور الجاهلية والتخلف والظلام.
اما الحل الاخر فهو ان يستقيل ثم يتم تشكيل مجلس انقاذ وطنى يمثل كل المصريين يشرف على كتابة الدستور الجديد ويعطى التوجيهات الى حكومة وحدة وطنية تشكل عقب استقالته. وتكون من ضمن مهام مجلس الانقاذ الوطنى الرئيسية الذى من المستحب بقاءه لمدة تتراوح بين ثلاثة الى خمسة اعوام المصالحة الوطنة ولم الشمل وتوحيد المصريين وطرح افكار جديدة لايجاد حلول واقعية للمشاكل التى يعانى منها المصريين.
خلاف ذلك فاننى ارى اصرار الرئيس مرسى على تمرير دستور جديد لا يحظى بتايد الغالبية العظمى من المصريين وانما الاقلية التابعه له من جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين فقط سوف يقود حتما مصر الى حرب اهليه وطائفية قد يترتب عليها موت الكثيرين ناهيك عن انهيار اقتصادى كامل سوف يصل الى حد الافلاس التام وعجز حكومته عن توفير الحد الادنى من الخدمات للمواطنين ولقمة العيش الحاف للشعب الجائع.
واود تذكرة الرئيس مرسى بما حدث مع من سبقوه وجلسوا على نفس المقعد الذى يجلس عليه حاليا ..اذكره بما حدث للسادات عندما ركبه الغرور وفعل ما فعل بشعبه قبل اغتياله بشهر واحد..واذكرة ايضا بعناد وغطرسة الرئيس السابق مبارك وكيف انه كان يرفض سماع النصح من الاخرين واثق انه يعرف جيدا ما حدث له الا اذا كان يعيش فى كوكب اخر غير كوكب الارض .
اخيرا اتمنى ان يحكم الرئيس مرسى العقل ويحسبها بالمنطق الذى يقول له انه ليس موظفا عن المرشد محمد بديع او المهندس خيرت الشاطر او الادارة الامريكية وانما هو موظف عند ابناء الشعب المصرى الذين يدفعون مرتبه ويمنحونه امتيازات لا يحصل عليها مواطن مصرى اخر مقابل الاستماع اليهم وتلبية مطالبهم وادارة بلدهم بالعدل والشفافية والمساواة والسعى بكل الطرق لرفع شأن مصر والتقدم بها الى الامام دائما.. ولعله ايضا يأخذ العبرة من حكاية سائق القطار الذى ذكرتها فى مقدمة مقالى حتى لا يلاقى نفس المصير ومعه الوف الابرياء من المصريين.
استراليا
sobhy@iprimus.com.au