فسر اقتصاديون تحدث إليهم مصراوي، سعى وزارة المالية إلى مد أجل سداد الدين المحلي يأتي كخطوة ضرورية لتخفيف الأعباء الواقعة على الموازنة العامة للدولة بعد زيادة أسعار الفائدة ووصولها لمستويات قياسية.
كان وزير المالية محمد معيط قال في مقابلة مع بلومبرج أمس، إن المحادثات مع كيانات عامة مثل البنك المركزي وصناديق المعاشات والتأمين الصحي الحكومي تركز على تمديد آجال استحقاق الالتزامات المحلية المستحقة لتلك المؤسسات بهدف خفض إجمالي متطلبات التمويل لمصر خلال السنوات المقبلة.
ولدى وزارة المالية ما يعادل حوالي 100 مليار دولار من السندات والأذون بالعملة المحلية المستحقة حتى 31 يناير، وفق ما نقلته بلومبرج.
وقال مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن مد أجل سداد الدين سيركز على الالتزامات المحلية التي تطرحها وزارة المالية بشكل دوري أذون وسندات الخزانة- وليست الديون الخارجية- للتخفيف من حجم الأعباء المالية خاصة مع قرب انتهاء العام المالي الجاري بنهاية يونيو 2024.
وأضاف أن مد أجل سداد الدين المحلي سيساعد وزارة المالية على إدارة خدم الدين- سداد الفوائد- بسهولة أكبر بعد القفزات المتتالية في أسعار الفائدة خلال آخر عامين.
وتلجأ وزارة المالية بشكل دوري أسبوعيا إلى بيع أذون وسندات الخزانة التي تعد أحد الأدوات المالية بهدف جذب سيولة من المستثمرين لسد مصروفاتها بسبب عجز الموازنة أي الفجوة بين الإيرادات والمصروفات.
وقفزت أسعار الفائدة على أذون الخزانة بأكثر من الضعف خلال آخر عامين بسبب زيادة معدلات التضخم لتصل إلى نحو 32% قبل أن تتراجع مؤخرا إلى نحو 26% في آخر عطاء بعد بدء تعافي الاقتصاد المصري ووجود تدفقات نقد أجنبي بنحو 50 مليار دولار وضبط سوق الصرف.
زيادة موارد النقد الأجنبي
وتابع مصطفى بدرة أن وفرة موارد النقد الأجنبي لا تعني عدم الحاجة إلى إعادة مد أجل الدين المحلي وأنما ستاعد على تهيئة مناخ الاستثمار والتقليل من مخاطر زيادة تكلفة الفائدة خلال الفترة القادمة.
وقال الوزير، في مقابلة مع CNBC عربية، إن 50% من عائدات الطروحات وخاصة رأس الحكمة سيتم استخدامها لتخفيض الدين، متوقعا أن يسجل نسبة الدين عند 88% بنهاية العام المالي الحالي في 30 يونيو 2024.
كانت مصر وقعت على أكبر صفقة استثمارية مع الإمارات خلال النصف الثاني من فبراير الماضي بنحو 35 مليار دولار للحصول على حق تطوير مدينة رأس الحكمة، وبعد أسبوع من التوقيع تلقت 15 مليار دولار الدفعة الأولى من الصفقة.
ومن المتوقع أن تتلقى مصر الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة بقيمة 20 مليار بداية من شهر مايو القادم، وفق ما قاله وزير المالية مع شبكة CNBC عربية أمس.
وأضاف بدرة أن حصول مصر على تمويلات من مؤسسات تمويل دولية- بسعر فائدة ميسر- يعزز من زيادة الثقة في الاقتصاد المصري وتهيئة مناخ الاستثمار وكذلك مؤشر على قرب خفض أسعار الفائدة.
وتابع الوزير خلال المقابلة مع بلومبرج، أنه حتى نهاية أبريل بالإضافة لشهر مايو ويونيو سيكون إجمالي الدفعات التي ستتلقاها مصر مابين 25 إلى 30 مليار دولار - من مؤسسات التمويل الدولية بجانب استثمارات رأس الحكمة.
تحسن تصنيف مصر الائتماني
يرى محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، أن مد أجل الدين من قصير إلى متوسط وطويل الأجل سيكون مؤشرا إيجابيا أمام شركات التصنيف الائتماني العالمية عند تقييم مخاطر الدين بالعملة المحلية الذي يعد ركنا أساسيا في تحديد درجة تصنيف الدولة.
وأوضح أن تقليل الديون قصيرة الأجل من إجمالي الدين العام سيخفف من الضغوط الواقعة على وزارة المالية، وعدم وجود ضغوط على الحكومة ببيع أذون وسندات خزانة بأسعار فائدة مرتفعة، لحاجتها العاجلة لجمع سيولة سريعة لسد جزءا من الديون المستحقة بالعملة المحلية حان وقت سدادها.
كان وزير المالية قال مع شبكة CNBC عربية، أن إعادة هيكلة الالتزامات من شأنه أن تساعد وزارة المالية على الوصول إلى هدف رفع متوسط آجال استحقاق إجمالي الدين إلى ما بين 4.5 و5 سنوات بحلول يونيو 2028، مقارنة بـ3.3 سنوات في نهاية العام المالي الحالي.
ساعدت الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة من تحرير سعر الصرف وزيادة تدفقات النقد الأجنبي في تحسن التصنيف الائتماني لمصر.
كانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أعلنت في مارس الماضي، تعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر إلى "إيجابية" والإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر عند (Caa1.
وفي خطوة مماثلة أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني تعديل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية من مستقرة.
دعم احتياطي النقد الأجنبي
وبحسب محمود نجلة، أن إعادة هيكلة الدين الداخلي تمثل أيضا خطوة هامة وضرورية في الوقت الراهن للتركيز بشكل أسرع على بناء احتياطي نقد أجنبي قوي وهو هدف أساسي.
كان احتياطي النقد الأجنبي لمصر قفز بأكثر من 5 مليارات دولار خلال شهر مارس الماضي مقارنة بشهر فبراير السابق له لأول مرة منذ عامين، ليسجل نحو 40.36 مليار دولار، وفق بيانات البنك المركزي.
وجاء ذلك بعد أن فقد احتياطي النقد الأجنبي نحو 7.8 مليار دولار من مارس إلى أغسطس 2022 بسبب خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار قبل أن يعوض جزءا من خسائره.
وأعلن الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات مالية لمصر بشكل عاجل بقيمة مليار دولار من إجمالي حزمة تمويلية بقيمة 8 مليارات دولار خلال 3 سنوات القادمة لدعم الاقتصاد المصري بعد تضرره من أحداث الحرب الإسرائيلية في غزة.
وصرف صندوق النقد الدولي 820 مليون دولار لمصر قيمة المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه بقرض بقيمة 8 مليارات دولار.
كما أعلنت مجموعة البنك الدولي تخصيص 6 مليارات دولار لمصر خلال 3 سنوات القادمة لدعم الإصلاح الاقتصادي ونمو القطاع الخاص في مصر.