كمال زاخر
اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت اطروحاتى تحملها فى البداية صفحات "مجلة مدارس الأحد"، وبامتداد تلك السنوات وحتى اللحظة، قدمت رؤى موثقة أولاً لقداسة البابا شنودة الثالث، حتى رحيله بسلام وشيبة صالحة، ضمت بجوار المقالات، ابحاث وتوصيات مؤتمرات التيار العلمانى القبطى، التى اشترك فى بحثها ودراستها، رموز قبطية من الأراخنة الغيورين على الكنيسة، والمشهود لهم، وجاءت اسهاماتهم المقدرة كل فى تخصصه، وكانت تدور فى مجال اشكاليات الكنيسة التى تشكلت فى مناخات متقلبة خارجها شهدت عواصف كانت تسعى لحصار الكنيسة والأقباط تثيرها الجماعات الاسلامية المتطرفة، وقتها.
وبالتوازى كانت الكنيسة تشهد داخلها تحالفات وتكتلات عند القمة، اثمرت عصفاً برفاق تاريخيين لقيادة الكنيسة، كانوا يحلمون معاً بنهضة قبطية كنسية تعيد التواصل الصحى مع منابع فكرها الذى شكله الكتاب المقدس الذى يتصدر عبر قراءات يومية ليتورجيتها، القداس والتسبحة وخدمة الأسرار، والتى بدورها كانت تحمل انفاس التسليم الرسولى وتعليم الآباء، وكانت احلامهم تترجمها مقالاتهم النارية فى مجلة مدارس الأحد، فى اربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم، ثم "مجلة الكرازة" فى اصدارها الأول فى الستينيات وحتى مطلع السبعينيات، والتى رأس تحريرها اسقف التعليم آنئذ.
وحملنا كل هذا مجدداً فى ملف تم تقديمه لقداسة البابا تواضروس فور اعلان اختياره بابا وبطريرك للكنيسة.
والذى ابدى تفهمه وسعيه لترجمة التوصيات التى بين يديه، لكنه كان ـ ومازال ـ يسبح ضد التيار، ويواجه عواصف عاتية تخشى أن تفقد ما تحصلت عليه قبل مجيئه، وقد ورثوا السلطة لكنهم لم يرثوا الحنكة فى ادارة الأزمات.
نعود فنذكّرهم ان للكنيسة ثلاثة محاور رئيسية هى بيت الداء وهى مدخل الإصلاح
• الادارة، التعليم، الرهبنة، والثلاثة فارقوا العصر الذى تعيش فيه الكنيسة.
* فلا أدارة وفق القواعد المستقرة فى علومها،
* والتعليم منبت الصلة بالكتاب وتقليد الآباء فى صحيحه،
* والرهبنة تنعى حالها وقد نخر عظامها سوس الاهمال والتراخى واخترقها الاستثمار المادى وحسابات الريع ولم يبق لها سوى التسجيل فى البورصة.
وقد شرعت الأديرة ابوابها بدون الضوابط التى كانت تشتهر بها، ولم يطرف جفن لقياداتها وهى تستقبل مئات الزوار - يومياً - حتى فى موسم الصوم الكبير، الذى يعد خزين السنة البنائى للرهبان، فصارت نذورهم فى مهب الريح، وكانت الأديرة تغلق ابوابها فيه، ليسترد رهبانها سلامهم، ويتزودون بطاقة تعينهم على استكمال جهادهم الروحى، والحياة وفق نذورهم.
وتراخت ضوابط قبول طالبى الرهبنة وكان لهذا انعكاسه على اختيارات الكنيسة لمواقعها القيادية. وهو ما تئن منه الكنيسة اليوم. خاصة مع اختفاء أو توارى الشيوخ، فاختفت التلمذة ، محور الرهبنة الأساسى.
وتركزت كل الصلاحيات في يد اسقف الدير:
* فهو المنوط به حصراً اخذ اعترافات الرهبان وطالبى الرهبنة،
* وادارة مشاريع الدير الاستثمارية،
* والمشاركة فى المسئوليات المجمعية للكنيسة خارج الدير،،
* والبت فى ازمات ومشاكل الدير ورهبانه.
والأنكى من هذا ـ ووفقا لتقاليد رتبته الاسقفية ـ أنه لا يمكن تنحيته حتى لو كان فاقداً لأهلية القيادة، إما لتكوينه الشخصى أو لتقدمه فى العمر، فيما كان المستقر قبلاً ان تسند ادارة الدير لأحد رهبانه، بدون رتبة كنسية او على الاكثر ايغومانوس. وتتداول القيادة بشكل هادئ اذا تطلب سلام الدير ومصلحة الجماعة الرهبانية هذا.
الكنيسة كائن حى وهى لديها خبرات ممتدة لقرون ومتجددة بشكل دائم، وتملك لاهوتاً تشهد له كل كنائس العالم، ولديها ليتورجيتها الفائقة الابداع والتى يمكن ان تمدنا بمناهج تعليمية غاية فى العمق تغطى احتياجات الرعية من الطفولة وحتى الشيخوخة، بدلا من حكايات العرفاء وحكاوى التأملات التائهة بعيدا عن عمق الكنيسة.
أما الادارة فتعانى من أمرين:
* اقصاء الاراخنة عن المشاركة فى اتخاذ القرار فيما يختص بشئون واحتياجات الكنيسة فى الشق الادارى والتنظيمى.
* غموض اللائحة المنظمة لعمل المجمع (المقدس) وغياب بنود اساسية توضح:
* سلطة كل من البابا البطريرك والأسقف، كما يجرى الأمر فى لوائح الكيانات السيادية المناظرة. فى تعريفات محددة تتصدر بنود اللائحة.
* عدم وجود نص بخصوص التزام الاسقف بحضور اجتماعات المجمع الاعتيادية والطارئة، فى غير الظروف القهرية، المرض أو السفر خارج مصر.
* تغافل التعاطى مع الاسقف فى سنى الشيخوخة، على غرار كنائس تقليدية شقيقة بشأن اقرار وتنظيم استقالته او تقاعده عند بلوغه سن معين، مع احتفاظه برتبته الأسقفية وبالطبع كهنوته.
# ويتطلب الأمر هنا انشاء دور اقامة للآباء المتقاعدين يوفر لهم الرعاية الصحية والانسانية كما فعلت الكنائس الشقيقة. فى تطوير معاصر لبيت المطارنة الذى ظل قائما حتى نهاية حبرية البابا كيرلس السادس بجوار مقره.
• تُعلّم الكنيسة أن الدرجات الكهنوتية ثلاث:
~ الاسقفية (البابا البطريرك والمطران والأسقف).
~ القسوس (الايغومانوس والقس).
~ الشمامسة (الدياكون والارشيدياكون)
فيما تقتصر عضوية المجمع (المقدس) على الدرجة الأولى، ولا تمثل فيه الدرجتين الاخرتين.
وحتى يستقيم الأمر يجب على الكنيسة دراسة كيفية مشاركتهما بشكل مماثل فى عضوية المجمع.
# يوجد بالمجمع اثنين من القمامصة بصفتهم وكلاء البطريركية فى القاهرة والاسكندرية. ولا يمثلون عموم القسوس.