كمال زاخر
الكنيسة هى كائن متأصل ومتجدد يحمل مهمة إعلان المسيح، وهى ممتدة باتساع الجغرافيا، ومتعمقة وقائمة بامتداد التاريخ، بحسب توجيه المسيح لها "اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها" (مرقس .16 : 15)، بل ويمتد وجودها باعتبارها جسد المسيح، وهو رأسها، إلى ما بعد الحياة الأرضية، منذ اليوم الأول لتأسيسها.
وهى بهذا "جسد المسيح الحى الكائن وسط عالم البشر وبهم"، يتشكل هيكلها الفكرى الإيمانى من ما أعلنه الإنجيل لها، وحفظته عبر ليتورجيتها، التى تؤكد على ادراكها للحقائق الإيمانية الأساسية، عن الله والخلق، والسقوط وتدبير الخلاص عبر التجسد والفداء، وانتظار المجئ الثانى، وحياة الدهر الآتى. وقد استوعدته الكنيسة فى وثيقة الأيمان النيقاوى القسطنطينى، فيما قبل الإنشقاق، وتلتف حوله بغير اختلاف كل كنائس العالم.
وتعتمد الكنيسة ـ خاصة فى جناحها التقليدى ـ على التواتر الجيلى، التسليم، وهو ما قال به القديس بولس الرسول فى اكثر من اشارة بامتداد رسائله :
ـ وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. (فيلبى 9:4)
ـ لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ. إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ..(1 كو 11 : 23 ـ 27)
ـ فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. (1كو 15 : 3 ـ 5)
ـ فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ.(1 كو 11 : 2)
ـ فمن ثم ايها الاخوة نسالكم ونطلب اليكم في الرب يسوع، انكم كما تسلمتم منا كيف يجب ان تسلكوا وترضوا الله، تزدادون اكثر، لانكم تعلمون اية وصايا اعطيناكم بالرب يسوع. لان هذه هي ارادة الله: قداستكم. .
(1 تس 4 : 1 ـ 2)
ـ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ، لأَنَّكُمْ إِذْ تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَلِمَةَ خَبَرٍ مِنَ اللهِ، قَبِلْتُمُوهَا لاَ كَكَلِمَةِ أُنَاسٍ، بَلْ كَمَا هِيَ بِالْحَقِيقَةِ كَكَلِمَةِ اللهِ، الَّتِي تَعْمَلُ أَيْضًا فِيكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ (تس 2 : 13 )
ـ وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا. (2 تى2:2)
وقد استقر فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، المصادر الأساسية للتعليم:
ـ الكتاب المقدس
ـ التسليم الآبائى (المُحقق)
ـ قوانين وقرارات المجامع المسكونية التى أقرتها الكنيسة.
ـ الليتورجيا ومنظومة صلوات الكنيسة.