كمال زاخر
تشهد ساحات العالم الافتراضى، وخاصة الفيسبوك، ما يشبه الاحتراب، بين فرقاء على ارضية دينية فى دوائر منتسبى الكنيسة القبطية الارثوذكسية، ويذهب البعض الى صياغات التعميم الغاضب وتحميل شخص أو شخوص بعينهم مسئولية الانحدار الذى تعانيه الكنيسة، والأمر ليس بهذا التبسيط ولا التعميم نحن أمام نتائج صعبة لاختلالات سنوات طويلة وممتدة منذ محاولات اجدادنا الخروج من نفق العزلة ومحاولة ايقاظ الكنيسة، وانقاذها، من فكى التصحر والصراعات الدينية (ما بعد خلقيدونية)، والتخوف من الذوبان او الغرق فى رمال متحركة.
وفى حلقة من حلقات الصحوة المرتجاة حاصرتنا نشوة شكلية مبهرة لكنها كانت أبار مشققة لا تصبط ماءً، وتركنا ينبوغ الماء الحى لتستغرقنا عبادة شكلية بصور متعددة.
"لأَنَّ شَعْبِي عَمِلَ شَرَّيْنِ: تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ، لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ أَبْآرًا، أَبْآرًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً." (إر 2: 13).
ورغم ذلك فنحن مدينون لأجدادنا الفلاحين البسطاء العظماء الذين حافظوا على ليتورجيات الكنيسة ذلك الكنز الذى يحفظ داخله سر حياة الكنيسة ولاهوتها.
وليس من قبيل الصدفة ان تستغرقنى موسوعة "حكمة الآباء المصريين فى ترتيب قراءات السنة الليتورجية"، وهى دراسة موسوعية قام بها الاب القمص كيرلس عبد المسيح حنا كاهن كنيسة السيدة العذراء بالفشن، وقدم لها قداسة البابا الانبا تواضروس الثاني والأب اسقف الفشن نيافة الأنبا اسطفانوس.
وفيها تتفتح أمامى تباعاً كنوز هذه الحكمة لدرجة انها لم تفسح لى وقتاً لأكتب عنها، وظنى انها ستحدث تغييراً كبيراً فى استيعابنا لعمق ايمان كنيستنا وتنقلنا من الهشاشة وحكايات العرفاء، الى صلابة اليقين بعمق وقوة، وتعيد ترتيب ذهننا اللاهوتى بعيداً عن اجتهادات صنعها البعض وروجوا لها. وطوحت بنا بعيداً عن عمق ايماننا.