هالة الجيار
قريباً كنت مع بعض الأحباء في زيارة لتهنئة صديقة لنا بمناسبة زواجها وكان معنا صديقنا الكاهن الذي قرأ لنا الآية : "إمرأة فاضلة من يجدها ؟ لأن ثمنها يفوق اللألئ بها يثق قلب زوجها .. فلا يحتاج إلى غنيمة تصبح له خيراً لا شرا كل أيام حياتها " أمثال 10 وطلب من كل الحاضرين التعليق بنصيحة للعروس والعريس فى ضوء هذه الآية..
الجميع أدلى بدلوه وإنتهت الزيارة وإنصرفنا ولكن الحقيقة لم تنصرف هذه الآية من ذهني وظللت أفكر فيها كثيراً وسألت نفسى هل ياترى كم إمرأة فاضلة قابلتها بحياتي وبالطبع بعد استثناء أمى لان سطوري القليلة لن تكفى ما سوف اكتبه عنها .
ساعتها مر من أمام عيني الكثير من الفضليات اللائي قابلتهن فى حياتى تأثرت بهن وتعلمت منهن الكثير ..
فها هي طنط (..) صديقة أمى وجارتنا المحبة الأمينة في كل شئ عاشت تجاهد بجوار زوجها الموظف البسيط المحترم الذى يعيش فقط لرعاية اسرته كانت تحبه وتحترمه جدا ووقفت بجانبه كتفاً إلى كتف في تربية أربعة من الأبناء.. هى ربة منزل من الطراز الأول.. سيدة تعلمك كيف تكون الحكمة وحسن التدبير فرغم قلة دخلهم إلا اننى لم أسمعها أبداً تشتكى العوز والإحتياج تدير أمور بيتها بحنكة إقتصادى خبير عبارات الادانة لا تعرف لفمها طريق.. تجامل الجميع ففى الافراح تجدها أول المهنئين وفي الصفوف الأولى فى أى عزاء.. لا يعرف أحد عن مشاكلها شيئا وكل ما يدور حياتها يحدث بهدوء و قد أغلق عليه باب شقتها.. منهجها في هذا الأمر ماذا لو حكيت عن مشاكلي للناس؟ لن يحلها لى أحد بل سوف أفضح حالى .. وكنت أراها تنفذ الوصية الالهة فيما يخص صيامها وصلاتها بدقة كانت الجارات تتهامس خلف ظهرها منتقدين تزمتها الشديد.. ولكن بالنسبة لى فلقد إحترمت فيها هذا الثبات على مبادئها .. أثارت إعجابي عندما علمت من أمي إنها تساعد جارة أخرى في رعاية طفليها التوأم اللذين ولدا قبل الميعاد وكانوا متأخرين جداً في نموهما ساعدتها بكل ما تملك من جهد برغم مسئوليات بيتها التى تنهكها.. هناك الكثير الذى تعلمته من حياتها هى في نظري تستحق لقب إمرأة فاضلة جدا..
وكانت أبلة (.... ) تعمل ناظرة لاعرق مدرسة إبتدائية في أحدى الأقاليم وقد كانت معروفة بشدتها في التعامل مع الطلبة وأولياء الأمور كانت ملتزمة جداً ودقيقة في كل شئونها لا يعجبها الاستهتار أو التهاون وعقبها كان شديدا لغير ال ملتزمين قوانين المدرسة.. الجميع يهابها ويحترمها – ساعدها في ذلك صوتها العالى القوى الأجش.
هي لم تتزوج وتفرغت للمدرسة ورعاية أختها وأخيها قابلتها في دار للفتيات المغتربات للدراسة أو العمل أختيرت لتكون مشرفة عليه و حينما التحقت بتلك الدار في فترة الجامعة وعلمت أنها المشرفة المسؤولة انتابنى خوف و هبة.. وحينما قابلتها لأول مرة هالني صوتها وطريقتها الجافة في الكلام وهي تملى على قوانين الدار ..
هذه الإنسانة الجادة القصيرة القامة الممتلئة بعض التي تمشى مشية عسكرية مميزة بوجه عابس دائما تضبط على مواعيدها الساعة ... عندما وبختنى بشدة على تأخيري في إحدى المحاضرات دون إرادتى.. ورأت الدموع تنساب من عينى بسبب تأثرى من صوتها العالي وقسوة كلماتها وجدتها تبدلت تماماً وأخذت تربت على كتفى وإحتضنتى ومسحت بيديها القوتين عيني وقالت لي إنها تفعل ذلك لخوفها على فهى مسؤولة عن سلامتى مكان أبي وأمي وأخذت تراضيني.. ولأول مرة أسمع صوت ضحكتها التى كانت كالأطفال ومن يومها تغيرت نظرتى لها تمام ورايت فيها حنان الام رغم ما تظهره رأيت فيها طيبة قلب تخفيها وراء شدة تعاملها رايت أنها مربية أمينة وإدارية حكيمة حتى وإن اختلفت معها في طريقتها ولكن هذه السيدة العظيمة أدارت مدرسة كاملة لسنوات طويلة بنجاح وكل الشخصيات الناجحة التى تخرجت من هذه المدرسة أقروا أن أبلة (... ) كان لها فضل عظيم عليهم. رأيت إن توليها مسئولية دار من خمسة أدوار يعج بالبنات من مختلف البلاد والمستويات وكلهن تحت مسئوليتها وتدير كل هذا بأقتدارونظام ودقة وجميع البنات بل وأسرهم أيضا يخافونها ويحترمونها جدا.. وحتى وقت الصلاة كنا نقوم منتفضين في تمام الساعة المحدودة على صوتها الجهورى ينبهنا للتجمع للصلاة والويل لاى بنت تكتشف إنها تهربت من الصلاة بلا عذر مقبول فهى تقوم بمرور فجائى على الغرف أثناء الصلاة. هذه السيدة العظيمة في نظرى تستحق لقب إمرأة فاضلة فقد كرست حياتها وعمرها كله لخدمة الأخرين.
أحبائى.. لقد مر بحياتنا جميعا الكثير من النماذج التى يليق بها لقب إمرأه فاضلة كلهن مصابيح مضيئة فى حياة الذي عاشوا من أجلهم وأدعوكم اليوم بالتفتيش فيمن حولكم من الفضليات وهن كثيرات بالتأكيد وإظهار اى نوع من التقدير لهن حتى لو كلمات شكر أو مجاملات لطيفة أثق إن ذلك سوف يكون نوع من جلب السعادة لهن ليشعروا بالتقدير ممن حولهم فهناك الكثيرات تعملن فى صمت دون انتظار مقابل فدعونا نكون سبب فرحة لكل فاضلة من حولنا دعونا نخطو خطوة لنكون مثلهن...
وإلى إن التقى بكم فى خواطر أخرى من الحياة.. لكم منى كل الحب..