هاني صبري - الخبير القاتوني والمحامي بالنقض
قاضي يقول لمحامي في جلسة استئناف جنايات المنصورة "الكارنية بتاعك تروح به الجمعية تجيب به فرختين، واجل القضية لليوم التالي.
في تقديري الشخصي القاضي جانبه الصواب عندما قال للمحامي الكارنية بتاعك تروح به الجمعية تجيب به فرختين وهذا اثار حفيظة واستياء المحامين ، كان يرفض حضوره أمامه وهذا حقه وفقاً لنص المادة ٣٣٧ قانون الإجراءات الجنائية الجديد لان المحامي مقيد ابتدائي وليس استئناف، ويطلب ندب محامي مقيد استئناف لتأجيل القضية لحضور المحامي الأصيل.
نقرر وبحق مساواة القضاء الجالس للقضاء الواقف طبقا للقانون، وان احترام مهنة المحاماة فرض على الجميع وفقاً للدستور والقانون.
وكان يجب على المحامين إثبات ما ذكره القاضي في محضر الجلسة والمطالبة برده، وفى حالة قبول طلب الرد لأى سبب من الأسباب فيكون على محكمة الاستئناف أن تتسلم ملف القضية برمتها، تحديد محكمة جديدة لنظر القضية من البداية أمام دائرة جديدة، وتعاد جميع مراحلها.
ونري أنه لا يوجد فارق بين أسباب عدم صلاحية القاضي وأسباب رده فجميعها تجعل القاضي غير صالح لنظر الدعوي والفارق الوحيد أن الأولي لا تحتاج إلي أن يتمسك بها أحد من الخصوم لأنها من النظام العام أما الثانية فيجب أن يتمسك بها الخصوم وكذلك فإن قانون الإجراءات الجنائية يعتير المجني عليه فيما يتعلق بطلب الرد بمثابة خصم في الدعوي.
أن الأصل فى التشريع أن القاضى غير خاضع فى نطاق عمله للمساءلة القانونية , والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها فى نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها فى المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات , وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضى فى توفير الضمانات له فلا يتحسب فى قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفذ الجهد فى الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له , وبين حق المتقاضى فى الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل فى حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب فى وجهه , فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره , وهذا كله يجد حده الطبيعى فى أن القضاء ولاية تقدير وأمانه تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف فى القصد.
حيث تلاحظ في الآوانة الأخيرة كثرة الاعتداء على المحامين أثناء تأدية مهنتهم المُكلَّفين بها والواجب الذي على عاتقهم بموجب قانون المحاماة سواء كان الاعتداء داخل أقسام الشرطة أو في المحاكم.أو وجود اعتداءات أُخرى في خارج الإطار المهني لمجرد أن الشخص مُحامٍ، حيث إن كل هذه الاعتداءات تُشَكِّل جَرِيْمة يُعَاقب عليها قانون العقوبات المصري.
أن المحاماة مهنة حرة تُمارس دورها الأساسي في الدفاع عن مصالح المواطن أمام كافة السلطات المعنية لذلك يجب توفير حماية قانونية لهم، وتوفير أجواء من الطمأنينة والحريّة في تحقيق العدالة والخصوصية لممارسة المحاماة باعتبارها شريكاً للسلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون، وفقاً لما ورد في قانون المحاماه ، وأكدته المادة 198 من الدستور المصري الحالي التي تنص علي المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلاً، .. ويتمتع المحامون جميعاً أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال، ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع.
فضلا عما تتضمنه النصوص القانونية من ضمانات كثيرة تكفل حماية مهنة المحاماة حيث نص قانون المحاماة، رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019 ، بدءًا مما نصت عليه المادة الأولى منه أن: "المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم. ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون".
وقد منح القانون المحامي ضمانات كثيرة تضمن استقلاليته في ممارسة مهنته ولاسيما تلك التي وردت في الباب الثاني من الفصل الأول المعنون: "في حقوق المحامين".
وفقاً لمؤدي المادة 47 من قانون المحاماة عدم مسؤولية المحامي عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكراته المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية والتجارية.
ونصت المادة 48 من ذات القانون كفالة حريته في "قبول التوكيل في دعوى معينه أو عدم قبوله وفق ما يمليه عليه اقتناعه".
وأكدت المادة 49 من ذات القانون تنص علي ما مؤداه التأكيد على أن يعامل المحامي من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة. إذا وقع من المحامى أثناء وجوده بالجلسة لاداء واجبة أو بسبب اخلال بنظام الجلسة أو اى امر يستدعى محاسبته نقابياً أو جنائياً يأمر رئيس الجلسة بتحديد مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك.
وان المادة 50 من ذات القانون تنص على أنه لا يجوز القبض على المحامى أو حبسه احتياطياً ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها الا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العالمين الأول.
ولا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى القاضي أو أي من أعضاء الهيئة التي وقع أمامها الفعل المؤثم.
كما نصت المادة 50 مكررًا- على أن "يتمتع المحامي بالضمانات المقررة في القانون إذا وقعت الافعال المشار اليها في المادتين (50,49) من هذا القانون أمام جهات الاستدلال أو التحقيق وفى جميع الاحوال تحرر مذكرة بالوقائع ترفع إلى المحامي العام الأول لنيابة الاستئناف المختصة للتصرف".
وفي غير حالات التلبس لا يجوز لمأمور الضبط القضائي احتجاز أو القبض على المحامي الموجه له اتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرته حق الدفاع، ويتعين عرض الأمر فورا على المحامي الأول لنيابة الاستئناف المختصة.
ولا يجوز التحقيق مع محامي أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة أو قاضي التحقيق في الأحوال التي يجيزها القانون وذلك وفقاً للمادة 51 من قانون المحاماة.
واستمرت مواد قانون المحاماة في التأكيد على توفير ضمانات المحامي أثناء تأدية وظيفته حتى إنها ساوت بينه وبين عضو هيئة المحكمة في حمايته حال الاعتداء عليه أثناء ممارسته لعمله أو بسببه، فنصت المادة 54 من قانون المحاماة على أنه: "يُعَاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة".
ويستلزم تطبيق هذه النصوص في الواقع العملي وهي نصوصاً ملزمة تتضمن آليات محددة لتحقيق غاياتها فضلاً عن جزاءات تفرض احترامها حفاظاً علي كرامة مهنة المحاماة واعتبارها.
لذلك يجب توفير الحماية الدستورية والقانونية اللازمة للمحامين ومساءلة كل ما تسول له نفسه التعدي عليهم أثناء ممارسة عملهم.
ونطالب بصدور كتاب دوري بتعليمات النائب العام ، ووزير الداخلية بتطبيق ضمانات المحامي وفق المادة 198 من الدستور ، وقانون المحاماة.
كما نطالب من محكمة استئناف المنصورة التحقيق في الواقعة واستصدار بيان في هذا الشأن تقديراً للمحامين جناح العدالة.