محرر الأقباط متحدون
خلال مشاركته في اجتماع نُظم في القصر الزجاجي بنيويورك لمناسبة اليوم الدولي لإلغاء التمييز العنصري، ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة رئيس الأساقفة غابريالي كاتشا مداخلة حذر فيها من الأشكال المتعددة للعنصرية، خصوصا تلك التي يتعرض لها المهاجرون من أصول أفريقية، الذين يُرغمون أحياناً كثيرة على ترك أرضهم وهم بأمس الحاجة إلى الدعم والمساعدة.
استهل الدبلوماسي الفاتيكاني كلمته لافتا إلى أن هذا اللقاء يشكل مناسبة ملائمة للتنديد بحزم بالتمييز العنصري لافتا إلى أن العنصرية تتخذ أشكالا كثيرة، وقال إن الأشخاص المتحدرون من أصول أفريقية، على سبيل المثال، يتعرضون للتمييز على صعيد سياسات الهجرة، وفي سوق العمل وفي مجال الإسكان وفرص التربية. والعنصرية تُمارس من خلال الأفكار والأفعال التي قد لا يُنظر إليها على أنها ضرب من التمييز العنصري، لكنها مبنية على الأحكام المسبقة، وتنبع من المواقف الفوقية التي تغذي ذهنية مضادة للضعفاء ومن يُنظر إليهم على أنهم بدون فائدة. والعنصرية تُمارس أيضا عن طريق اللامبالاة والسكوت عن التجاوزات.
هذا ثم أشار رئيس الأساقفة كاتشا إلى محاولات بعض الدول فرض أيديولوجياتها على دول أخرى، والتي تقطع عنها أحياناً الدعم المادي والمساعدة الإنسانية إن لم تتقيد بالشروط الموضوعة، موضحا أن البابا فرنسيس انتقد هذه الممارسات واصفاً إياها بالاستعمار الأيديولوجي، كما جاء في خطابه إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي، خلال اللقاء التقليدي لمناسبة تبادل التهاني بحلول العام الجديد، في الثامن من كانون الثاني يناير الماضي. وشدد الدبلوماسي الفاتيكاني على ضرورة تخطي مواقف اللامبالاة إزاء هذه الظواهر الخطيرة، لافتا إلى أننا مدعوون إلى تعزيز احترام كرامة كل كائن بشري وإلى نبذ العنصرية التي ترتكز إلى القناعة بتفوق شخص على الآخر، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للكرامة غير القابلة للتصرف، والتي منحها الله لكل إنسان.
تابع مراقب الكرسي الرسولي مؤكدا أن مكافحة العنصرية ينبغي أن تبدأ من المصدر، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تستمد جذورها من الجهل والأحكام المسبقة. وفي هذا السياق تكتسب التربية أهمية قصوى، إذ إنها مدعوة إلى تعزيز العلاقات الأخوية والممارسات الحسنة في التصدي للعنصرية. وهذه التربية لا بد أن تبدأ من العائلة التي هي المكان الأول حيث تُعاش قيم المحبة والأخوة والمقاسمة والاهتمام بالآخرين، كما كتب البابا فرنسيس في رسالته العامة Fratelli Tutti.
لم تخل كلماتُ رئيس الأساقفة كاتشا من الحديث عن أوضاع المهاجرين من أصول أفريقية الذين تركوا أرضهم، طوعاً أو قسراً، ويواجهون العنصرية والكزينوفوبيا، والتمييز وعدم التسامح في البلدان المضيفة، عوضا عن الدعم الذي يحتاجون إليه. وقال سيادته إننا نجد أنفسنا اليوم على مفترق طرق وعلينا أن نختار بين ثقافة الإنسانية والأخوة أو ثقافة اللامبالاة. وهذا ما دعا إليه البابا فرنسيس خلال مشاركته في "لقاءات المتوسط" في مرسيليا في الثاني والعشرين من أيلول سبتمبر من العام الماضي.
هذا ثم قال الدبلوماسي الفاتيكاني إن كل إنسان يحتاج إلى مكان يعتبره بيته، حيث يحصل على الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتربية والعمل الكريم واللائق. كما أن كل إنسان يحتاج إلى مكان لا يكون فيه منبوذاً، وحيث يحظى بالحب والاهتمام والرعاية، وحيث يساهم في حياة الجماعة. وختم مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك مداخلته مؤكدا أنه لا يمكن أن يُنظر إلى اللاجئين والمهاجرين على أنهم غرض يحتاج إلى الاهتمام، إذ لا بد أن يُعاملوا ككائنات بشرية تتمتع بالكرامة نفسها، وتترتب عليها حقوق وواجبات.