Martha Roy 
( 1913- 2011 )
إعداد/ ماجد كامل 
من بين العلماء الأجانب الذين قدموا خدمات جليلة للموسيقى القبطية ، يأتي ذكر العالمة الأمريكية مارثا روي Martha Roy (1913- 2011 )  ، أما مارثا روي نفسها فهي :
 
ولادتها ونشأتها الأولى :-
ولدت مارثا روي في مدينة طنطا بمحافظة الغربية فى 27 مارس 1913  من  أسرة  أمريكية كانت تعمل بالتبشير فى مصر ، والدها هو القس الأمريكي المشيخي مارك روي  ، كان يعمل قسيسا فى أحدى كنائس الإسكندرية ، تلفت  تعلميها الأولى فى المدرسة الفرنسية بالعطارين ، وأنهت دراستها الثانوية فى مدرسة شوتز الأمريكية بالإسكندرية .
 
 
دراستها والشهادات التي حصلت عليها  :
 ولقد عشقت مارثا روي العزف على البيانو منذ الطفولة ، فقررت أن تتخصص فى الموسيقى وخصوصا العزف على البيانو ، فسافرت  إلى الولايات المتحدة الأمريكية موطنها الأصلي  لدراسة الموسيقى واللغة الفرنسية  ، ثم عادت إلى مصر عام 1935 ، وعملت مدرسة للموسيقى فى مدرسة للبنات بالأقصر ، حيث  أهتمت بتعليم الفتيات المصريات الموسيقى الكلاسيكية ، وفى عام 1955 ، انتقلت روي إلي القاهرة ، وعملت بالتدريس فى المدرسة الأمريكية للبنات ( كلية رمسيس للبنات حاليا  Ramses   College  ) ، وأستمرت فى التدريس حتى عام 1967 ، وعندما اندلعت حرب 1967 ، سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية   ، حيث حصلت على الماجستير فى علم الموسيقى من كلية المعلمين بكولومبييا ، وفى تلك الفترة بدأ اهتمامها بالموسيقى القبطية ، فقدمت عرض لثلاث الحان قبطية كمادة اختيارية فى تخصص الموسيقى العرقية ، فأعجب أستاذها فى الجامعة الأمريكية بها لدرجة أنه شجعها على مواصلة التخصص فى ذلك النوع من الدراسات ، وكتب لها خطاب توصية بذلك ، وبناء على ذلك أهتمت روي  بالتواصل مع نيافة الحبر الجليل الأنبا صموئيل ( 1962- 1981 ) ، وكان وقتها فى مهمة رعوية في الولايات المتحدة ، الذي أهتم بها كثيرا وحرص علي دعمها  ومساعدتها بكل الطرق .كما درست أيضا فى أحدي المدارس اللاهوتية فى نيويورك ، ودرست تاريخ الطقوس على يد البروفيسردكتور  سيريل ريشتاردسون Dr .Cyril Richardson   .
 
مجالات عملها وخدمتها : 
  وبعد الحصول على الدرجة العلمية ،  عادت روي إلى مصر ، وتم تعيينها أستاذة فى كلية التربية الموسيقية بحلوان ، وبدأت تتردد على الكنائس والأديرة ومعها النوت الموسيقية لتسجيل وتدوين الألحان التي كانت تسمعها . ثم تعرفت على عالم الموسيقى القبطية المصري الكبير راغب مفتاح (  1898 -2001  ) ، فطلبت منه التعمق فى معرفة الموسيقى والألحان القبطية أكثر ، كما أهتمت جدا بدراسة اللغة القبطية على يد الأستاذ شاكر باسيليوس ( 1919- 1995 )  ، وفى تلك الفترة أنتدبت لتدريس الموسقى  والألحان القبطية فى كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة . 
 
 
مشروع تدوين القداس الباسيلي بالنوتة الموسيقية :
وفى عام 1988 ، تبنت الجامعة الأمريكية مشروع طموح لتدوين ونشر موسيقى القداس الباسيلي تدوين علمي  بالنوتة ، وتشكل فريق عمل من كل من : المصري راغب مقتاح –  الأمريكية مارثا روي  – المجرية  مرجريت توت Margit Toth ( 1920- 2009  ) .  وبعد مرور  عشر سنوات من العمل الجاد المتواصل ، وتحديدا عام 1998  ، صدر هذا العمل فى مجلد ضخم عن الجامعة الأمريكية ، ولقد أقيم احتفال رسمي فى مسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية بحضور قداسة البابا المتنيح البابا شنودة الثالث ، وذلك مساء يوم  الأثنين 21 ديسمبر 1998 . 
 
 الجوائز التى حصلت عليها :-
1-كرمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر  فى الستينات ،  كما حصلت على وسام التميز من الدرجة الثانية من الرئيس الراحل محمد  أنور السادات .
ولقد كانت روي خادمة نشطة فى أحدي الكنائس المشيخية بالقاهرة ، حيث كانت تقوم بالعزف على الأرغن كل يوم أحد ، كما كانت عضوا نشطا فى مجلس الكنيسة 
 
تاريخ وفاتها :
توفت مارثا روي فى 8 مارس 2011 ، بعد معاناة طويلة من المرض عن عمر يناهز 98 عاما .
، ولقد أقيمت الصلاة علي جثمانها فى الكنيسة الإنجبلية بقصر الدوبارة ، ودفنت فى المقابر الأمريكية بالملك الصالح بالقاهرة .
 
تفاصيل الجنازة :-
وحول تفاصيل  الجنازة كتب عماد توماس فى تقرير صحفي نشر فى  موقع الأقباط متحدون بتاريخ 11 مارس 2011 ، حيث قال عنها القس رفعت فتحي " أن هذا اليوم هو احتفال وداع بهذه الشخصية العظيمة لما بذلته من أجل مصر والكنيسة ، والتي فضلت أن تعيش كل أيام حياتها في مصر ، حيث ولدت وعاشت وتوفت في  مصر ، مشددا على ارتباطها بالرؤية فأحبت مصر ورأت أن مصر هي المجال الذي تحقق فيها خدمتها ....... أن الراحلة حصلت على عدة جوائز منها جائزة الدولة التقديرية التي منحها لها الرئيس الأسبق محمد أنور السادات ، مؤكدا على أن الكنيسة أو مؤسسات الدولة لا يمكن أن ينسوا أعمالها ". 
 
كما قال الدكتور القس منيس عبد النور  " جاهدت الجهاد الحسن ،  أكملت السعي ، حفظت الإيمان وأخيرا وضع لها إكليل البر ، شكرا لله من أجل السنوات الطويلة  التي كرستها الدكتورة مارثا لله ، من خلال خدمتها كمدرسة للموسيقى بكلية رمسيس وكلية اللاهوت الإنجيلية " . 
 
كما قال الشيخ الدكتور مفيد إبراهيم سعيد " ما جئت باكيا ولا راثيا لكني فرحا بخدمتها الطويلة ، فقد أحبت الكنيسة ومصر وقدمت خدمات  متعددة ، عاشت حياة طويلة حافلة بالأعمال العظيمة " . 
 
كما تحدث الدكتور القس عاطف مهني – عميد كلية اللاهوت الإنجيلية فى ذلك الوقت – عن محطات فى حياة العالمة الجليلة الأمريكية الأصل والمصرية الانتماء ، فكانت تردد دائما " مصر هي بيتي ولا أعرف بيت أخر غير مصر " مؤكدة على رؤيتها الواضحة التي سبقت طبيعة الخدمة في ذلك الوقت  ، في تعليم الموسيقى للبنات ، وحصولها على الماجستير في تعليم الموسيقى ، وقيامها بالتدريس فى جامعة حلوان ، وهي أول من عملت نوتة مكتوبة للقداس الباسيلي والذي يحفظ التراث الكنسي ، وكان لديها علاقات طبية مع كافة الطوائف المسيحية ، وشاركت فى الموسوعة القبطية " .
 
كما قدم الدكتور جرجس صالح ، تعزيات قداسة البابا شنودة الثالث للكنيسة الإنجيلية ، مشيدا بدورها فى اللجنة المسكونية .
 
(عماد توماس : الإنجليلية تودع الدكتورة مارثا روي اكبر معمرة مرسلة في مصر ، موقع الأقباط متحدون ، 11 مارس 2011 ) . 
بعض الذكريات الشخصية مع كاتب هذه السطور :
 
أتيح لكاتب هذه السطور فرصة التعرف الشخصي على العالمة الكبيرة أثناء  قيامي بمهمة تنظيم وفهرسة مكتبة مجلس كنائس الشرق الأوسط بمصر الجديدة ، وكانت تتردد على هذا المكان بإعتبار أنها كانت الأمينة السابقة للمكتبة ، فكانت فرصة طيبة لي للحوار معها والتثقف ببعض  المعلومات عن الثقافة الموسيقية ، وأذكر جيدا أني كنت أسالها عن الفروق بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية ، كما  كنت أسالها عن الموسيقين العالمين الذين  كنت أقرأ عنهم مثل ( بيتهوفن- باخ –موتسارت – شوبيرت ... الخ )
 
. كما تطرق الحديث أيضا إلي الموسيقى الشرقية فكنت أسالها عن ( سيد درويش – رياض السنباطي – محمد عبد الوهاب – فريد  الاطرش .... ألخ ) .
 
وتطرق الحديث إلي الموسيقى الكنسية العالمية ونواحي الجمال فى بعض الأعمال الموسيقية العالمية مثل   ( القداس الكبير لباخ – للحن للسيدة العذراء Ava Maria  لشوبيرت – موسيقى المسيح Messiah  لهاندل  .... الخ )
 
. كما تطرق الحوار إلى الموسيقى الشرقية والفرق بين موسيقى رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب ، الألحان الشعبية ومدى مصريتها عند سيد درويش ، وأذكر جيدا أنه خلال تلك الفترة ظهر ما يعرف بمذهب عبادة الشيطان Satanism ، وذلك بعد القبض على مجموعة من الشباب كانوا يجتمعون فى قصر البارون للممارسة هذه العبادة كما قيل وقتها ، وكانوا يستخدمون إيقاع موسيقى Black Metal ، فسألتها عن هذا النوع من الموسيقى ، وأذكر جيدا أنها قالت لي أنه نوع من الإيقاع الموسيقي السريع والصاخب ، ولكنه ليس بالضرورة مرتبط بمذهب عبادة الشيطان . 
 
ولقد أسعدت صدري عندما وصفتني ذات مرة " أنت عندك معلومات  كثيرة you have A lot of Knowledge .  
 
 كما تطرق الحوار إلي الموسيقى القبطية ، فحدثتنى عن علاقتها بالمتنيح الأنبا صموئيل ، وبالدكتور راغب مفتاح وبالأستاذ شاكر باسيليوس ، كما حدثتني عن مواطن القوة والجمال فى الألحان القبطية ، وعندما عرضت عليها كتاب الدكتور جودت جبرة عن المتحف القبطي ( وكان قد صدر حديثا فى ذلك الوقت ) ، قالت لي أني أعرف جودت جبرة جيدا منذ طفولته ، وأعرف والده ووالدته ، وذلك خلال فترة عملي مدرسة للموسيقى فى مدينة الأقصر( الدكتور جودت جبرة من مواليد الأقصر)  . وأذكر أخيرا أنها كانت حاضرة حفل تدشين كتاب " القداس الباسيلي" ، وفى اليوم  التالي مباشرة للحفل ، حضرت إلي فى مكتبة المجلس ومعها نسخة من الكتاب لكي أضعها فى المكتبة ، ومن العبارات الجميلة التي قالتها " أن هذا الكتاب يحمل رمزا  جميلا للمحبة المسكونية ، فلقد أشترك فيه الدكتور راغب مفتاح الأرثوذكسي ، والدكتورة مرجريت توت الكاثولوكية ، والدكتورة مارثا روي البروتستنانية ، وهو يعبر عن عظمة وجمال الموسيقى القبطية التى تستحق أن نفرد لها هذا  العمل  ونخصص لها هذا الجهد حسب قولها " (  ولقد سبق أن ذكرت فى مقالتي عن مرجريت توت أنها هي التي  كلمتها عني  ) . 
 
مراجع المقالة :-
1-Library of Congress : Biography Marta Roy 
2-عماد توماس : الإنجيلية تودع الدكتورة مارثا روي أكبر معمرة مرسلة في مصر ، موقع الأقباط متحدون ، 11 مارس 2011 . 
3-بعض الذكريات الشخصية مع كاتب هذه السطور .