بقلم: إيهاب الهادي

 منذ تشكيل لجنة وضع الدستور الاولى وحتى الآن وشاغلنا الاساسى هو الدستور الذى وضعة فصيل واحد يشطر الوطن ويهدر الحقوق ويهدد أمن وسلامة مواطنيه . دستور يكرس سلطات الحاكم , وحاكم يضع الشعب بين فكى الرحى فإما أن يختار قبوله رغم ظلمه أو رفضه وبالتالى العودة لاعلانه الدستورى الحصين .

 
وسنستمع الى الكثير والكثير من الأراء وحلقات النقاش فيما بقى من ايام وحتى الاستفتاء الشعبى عليه لكى تزداد الصورة العبثية التى نحياها فوضى ومعها يزداد الصراع فى قلب المشهد السياسى ويظل الدستور هو القضية الاولى والإهتمام الأكبر بين القوى المتصارعة بينما الهوية المصرية والمواطنة والإنتماء فى إنهيار متلاحق من سئ إلى أسوأ . ذلك لأن الحاكم وحزبه والساسة والمعارضين أشاحوا النظر عن المواطن وإحتياجاته رغم إنها الأساس . فنراهم يقتادون الجميع الى الدستور ولجنة صياغته ومدى شرعيتها والإستفتاء عليه أو إلى الإعلان الدستورى المكمل وما يحتويه من صدام مع السلطة القضائية مما يفقده شرعيته , وبات شاغلنا صراع السلطات فتارة نستنجد بالقوات المسلحة لكى تعود بإنقلاب عسكرى ونحن من كنا نتهمها ببيع القضية وتسليم الوطن وانها سبب نكبتنا ونسينا شهدائنا فى ماسبيروا التى لطخت اياديهم بالدماء , وتارة نقف بجوار المحكمة الدستورية فى صراعها المرير مع الرئاسة وهى من نتهمها بتزوير الانتخابات الرئاسية وفى ظل تلك الصراعات بين السلطات أهمل الجميع النظر الى المواطن صاحب الحق الأصيل.
 
فالمواطن المصرى يجب أن يكون هو القضية , والدستور أو الشريعة أو الشرعية من أجله ولأجله . 
 
وربما نرى موقفا مشابها مابين رجال الدين من الكتبة والفريسيين والشعب قديما حيث كرس الكتبة والفريسيين تعاليمهم واستخدموا سلطانهم من خلال تفسيراتهم الخاطئة لناموس موسى فظهرت شرائع ظالمة وغير عادلة يصفها الكتاب المقدس بالأحمال العثرة الحمل . كما شرعوا للسبت شرائع ظالمة حصنته من أن يكسره أحد حتى لو كان لعمل الخير وصنعت منه قوة عظمى لا يقدر أحد أن يتعدى عليه .
 
ولقد واجه السيد المسيح تلك الشرائع الظالمة وفى إحدى تلك المواجهات رأيناه عند بركة بيت حسدا يذهب لمريض منذ 38 سنة وهو يعانى من المرض بالتأكيد فقد خلالها المريض أى أمل فى الشفاء , أو أى رجاء فى معونة إنسانية هذا بالإضافة إلى عجزة وفقدانه القدرة على الحركة .
 
وهو فى هذا يشبه حال الكثيرين منا , فعلى المستوى السياسى النظام السابق صنع منا مرضى مزمنين مثله مشاركتهم السياسية منعدمة قابعون فى ديارهم فى سلبية مطلقة .
 
وبنظرة سريعة الى مريضنا المزمن نستطيع أن نشخص عدم شفاءة لانه كان يعانى من حالة عجز شديدة و مزمنة للارادة وهذا العجز دفعه لكى يحيا فى سلبية طوال سنوات مرضه مستسلما للاسترخاء فوق فراشه .
 
لكن حان وقت التغير فها هو المسيح يذهب الى البركة وهناك التقى بالمريض دون باقى المرضى والوحى يسجل لنا قائمة مفزعة لمرضى يحتاجون جميعا الى شفاء . لكن المسيح إختاره هو تحديدا وفق خطته الإلهية وليس بالمصادفة فالله يتحرك دائما فى حياتنا وفق خطة رائعة لكل واحد منا . لذا من العجيب أننا أمام الأحداث التى نمر بها ننهار ونشك فى الله وقدرته .
 
والمسيح كان يعلم أن مشكلة هذا المريض ليست فى مرضه ولكن فى عجز إرادته وسلبيته لذلك جاء له بشفاء ولكن سبقه سؤال أتريد أن تبرأ ؟ سؤال عجيب لا بد أن المسيح كان يقصد منه شئ . ربما قصد أن يحرك الجمود الذى كان فيه المريض طيلة تلك السنوات.
 
 وهذا ما عاصرناه وعايشناه لقد قبلنا بالجمود ورفضنا التغير خوفا من الثمن . لقد قبلنا أن نعيش مرضى بالعجز فوق فراشنا خوفا من أن ندفع ثمن الصحة ومسؤليتها . إن سؤال المسيح كان بمثابة صيحة تحرك جمود الوضع القائم وذلك بتحفيز الإرادة .
 
أتريد أن تبرأ ؟ قد تكون إجابتى  " ياسيد الإرادة حاضرة ولكن المشكلة فى السبيل "  لكن المسيح هنا لم يطلب أكثر من الإرادة وربما أستمع إلى صوته يجيب " أنت تريد وهذا منك كل ما أريد ".
 
إن وجود المسيح فى المشهد جعل المشهد يتغير يقول الوحى فحالا برئ وكانت علامة الشفاء هى حمل السرير وبحمل السرير كانت هناك مواجهة أخرى مع القادة شهود المعجزة الذين كنا ننتظر منهم ادراكا وتميزا , ولكن لم نجد . إنهم بصوت صاخب إستنكروا الشفاء فى السبت لانه ببساطة يخترق شريعتهم ليوم السبت . بالرغم من خلو شريعة موسى من أى نهى أو منع لحمل الفراش فى يوم السبت لكنه كسر تقاليدهم وشريعتهم ودستورهم وأفكارهم المتوارثة . 
 
ومن هنا كان سؤالهم الإستنكارى فى غير موضعه فهم لم يسألوا السؤال الطبيعى عن من شفاه وكيفية حدوث ذلك لأنهم بفكرهم وقدراتهم يعجزون عن تفسير ذلك الإبراء فسألوه السؤال الثانى اليسير لهم عن سبب حمله للفراش لأنهم وجدوا أنه بذلك يتحدى السلطات التى لهم .
 
المؤسف أن هناك الكثير من الأمور الرائعة التى أغمض القادة أعينهم عنها ولم يبصروا الا التحدى لسلطاتهم وأفكارهم . لذا يقدم المسيح تلك المعجزة لمثل هؤلاء القادة لكى يدركوا أن التغير آت ويقدمها لنا اليوم لكى يحفز لدينا الارادة .
 
لقد آن الوقت لكى ننزع عنا سلبيتا وتراخينا وأن ننهض عن فراشنا أو بحسب التعبير الدارج نترك الكنبة وأولكم أنا , ولكن قبلها علينا أن نمتلك الإرادة إرادة التغير والثقة فى قدرتنا على إحداثة حينها فقط يؤيدنا الله .