كتب - محرر الاقباط متحدون
وجه نيافة الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث باسم الكنيسة في مصر، رسالة لشعب الكنيسة بعنوان "الصلاة الربانية والقداس الإلهي"، وجاء بنصها :
في الصلاة الربانية التي طالبنا يسوع المسيح أن نصليها ورد في النص اليوناني للإنجيل عبارة "τὸν ἄρτον ἡμῶν τὸν ἐπιούσιον δὸς ἡμῖν σήμερον". وفي هذة العبارة اليونانية الكلمة "τὸν ἐπιούσιον" (ton epiousion) اختلفت الكنائس بتحديد معنى مشترك لها بالعربية. فكنيستنا للروم الأرثوذكس ترجمتها "خبزنا الجوهري"، أما الكنائس الأخرى فالبعض ترجمها "خبزنا كفافنا"، وبعض ترجمها "خبزنا كفاف (يومنا)"، آخر ترجمها "خبزنا الذي للغد"، وبعض آخر ترجمها "خبزنا الذي للحياة". ذلك كما في أي قاموس لغوي يعطي للكلمة الواحدة عدة معاني متقاربة.
كما أن في ترجمة أي كلمة من لغة إلى لغة أخرى يُربط معنى الكلمة المترجمة بما قبلها وبما بعدها. على ذلك فكنيستنا في ترجمة الكلمة اليونانية "τὸν ἐπιούσιον"، التي وردت في الصلاة الربانية، إلى العربية ربطتها بما قبلها من قول يسوع المسيح "خبزنا" وبما بعدها من قوله "أعطينا اليوم". ورأت أن أفضل ترجمة كنائسية لاهوتية لهذه الكلمة اليونانية عن هذا الخبز الذي نطلبه أن يُعطى لنا اليوم هو في قول يسوع المسيح "خذوا كلوا هذا هو جسدي"، وأن هذا هو "خبزنا الجوهري". كما أن وهذه الكلمة "الجوهري" [جَوْهريّ: اسم منسوب إلى جَوْهَر، بمعنى: غير شكليّ ولا عَرَضِيّ، أي الأَسَاسِيُّ، الضَّرُورِيُّ (المعجم: اللغة العربية المعاصر)] هي غير غريبة عن حياة الكنيسة وتقليدها، فهي موجودة في الجزء من القداس الإلهي المذكور تحت عنوان:
"الكلام الجوهري" بالعربية. و"Η ΑΓΙΑ ΑΝΑΦΟΡΑ" (Ie Agia Anafora) باليونانية، وعُرِّفت هذه العبارة اليونانية بالعبارة اليونانية "Ὁ Ἁγιασμὸς τῶν τιμίων Δώρων" (O Agiasmos ton timion Doron) التي معناها "تكريس القرابين المقدسة".
في هذا الجزء من القداس الإلهي المعروف بـ"الكلام الجوهري"، أي أن ما يتم فيه هو غير شكليّ ولا عَرَضِيّ، يضع الأسقف/الكاهن الخبز والنبيذ على المائدة المقدسة ويردد الكلمات الإلهية ليسوع في العشاء العظيم يوم الخميس (خميس العهد)، بالقول: "خذوا كلوا هذا هو جسدي" و"اشربوا منه كلكم هذا هو دمي".
بعد ترديد الأسقف/الكاهن هذه الكلمات الإلهية، يقول متوجهًا إلى الآب: "وإذ وضعنا رسمي جسد ودم مسيحك المقدسين"، أي جسد ودم المسيح ذاتهما وليس عَرَض لجسده ودمه، بل هما جسد ودم المسيح ذاته؛ لأن رسم الشيء هو الشيء ذاته، ويرمي أولاً وأخيرًا إلى كشف ما يُرمز إليه وإشراك المؤمنين في هذا الكشف. ثم يطلب من الآب استدعاء الروح القدس للحلول على رسمي جسد ودم يسوع المسيح المقدسين، قائلاً: "ونسأل منك يا قدوس القديسيين أن يحل بمسرة صلاحك روحك القدوس على هذه القرابين المقدسة ويوضح أما هذا فجسد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريم نفسه، وأما ما في هذه الكأس فدم ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريم نفسه".
بعد ذلك يتناول الأسقف/الكاهن منهما ثم يُناول المؤمنون قائلاً: "يُناول عبد الله (فلان) جسد ودم ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريمين المقدسين للحياة الأبدية على اسم الآب والابن والروح القدس".
من هذا الجزء من القداس الإلهي المعروف بـ"الكلام الجوهري"، "الكلام الأَسَاسِيُّ، الضَّرُورِيُّ"؛ الذي فيه يتم استحالة القرابين غير الدموية (الخبز والنبيذ) إلى جسد ودم ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريمين المقدسين، المُعطيان الحياة الأبدية للمتناولين منهما؛ قرأت كنيستنا في العبارة اليونانية "τὸν ἄρτον ἡμῶν τὸν ἐπιούσιον δὸς ἡμῖν σήμερον"، أن الخبز المعطَى لنا من الآب الذي في السماوات بالروح القدس هو الخبز الجوهري، جسد ودم ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، المقدّم لنا في كل قداس إلهي يقام اليوم وكل يوم. لهذا تبنت الترجمة العربية "خبزنا الجوهري أعطينا اليوم" لهذه العبارة اليونانية.