محرر الأقباط متحدون
إزاء استمرار أعمال العنف بلا هوادة في هاييتي رفع مجلس الأساقفة المحلي صوته ليطالب السلطات بالتدخل بحكمة من أجل خير الأمة كلها، في وقت شدد فيه رئيس أساقفة Anse-à-Veau-Miragoâne ونائب رئيس مجلس الأساقفة المطران Pierre-André Dumas على ضرورة بداية عملية انتقالية سلمية للسلطة، مضيفا – في حديث لموقعنا الإلكتروني – أن المجتمع يشله الخوف، فيما لا تزال المدارس مقفلة منذ أسابيع تخوفاً من وقوع هجمات جديدة.
من الواضح أن أساقفة هاييتي الكاثوليك يرفضون الاستسلام للأمر الواقع، ولم تُحبط عزيمتهم آخر موجة من أعمال العنف التي أسفرت عن سقوط المزيد من القتلى والجرحى. ومنذ أيام قليلة اختُطف قريب إحدى الرئيسات العامات ولم يُعرف شيء عن مصيره لغاية اليوم، تماماً كما حصل مع الراهبات الست التابعات لرهبنة القديسة حنة، قبل أن يُطلق سراحهن في الخامس والعشرين من كانون الثاني يناير الماضي بعد بضعة أيام على اختطافهن. وكان البابا فرنسيس قد أطلق نداء من أجل الإفراج عنهن في أعقاب تلاوة التبشير الملائكي في الحادي والعشرين من الشهر الفائت، قائلا إنه يصلي على نية الوفاق الاجتماعي في هاييتي وداعياً الجميع إلى التخلي عن العنف الذي يسبب آلاما كبيرة للسكان. إزاء كل ما يجري رفع مجلس الأساقفة صوته متوجهاً إلى السلطات المحلية ومناشداً إياها، باسم الله، أن تعمل على وضع حد لمعاناة الشعب.
ليس هذا النداء الأول الذي يطلقه الأساقفة الهاييتيون إذ سبقته نداءات وبيانات وتصريحات كثيرة لم تلق آذاناً صاغية لغاية اليوم، بيد أن محبة الأساقفة تجاه بلادهم والشعب تدفعهم إلى إطلاق صرخة جديدة وبصوت أعلى، ليقولوا كفى لجرائم القتل والاغتصاب والخطف التي تشهدها البلاد منذ ثلاث سنوات. جاءت هذه الصرخة المدوية في رسالة حملت توقيع أساقفة البلاد الكاثوليك العشرة ووُجهت إلى السلطات المحلية، تدعوها إلى إدراك مدى خطورة الوضع الراهن، وتحثّها على اتخاذ موقف حكيم يصب في صالح الأمة كلها، التي باتت اليوم مهددة من أساسها.
من بين الأساقفة الهاييتيين العشرة الذين رفضوا الاستسلام للوضع الراهن، المطران Pierre-André Dumas نائب رئيس مجلس الأساقفة المحلي وراعي أبرشية Anse-à-Veau-Miragoâne التي وقعت فيها عملية اختطاف الراهبات الست، الشهر الماضي. وقد عرض سيادته على الخاطفين أن يحتجزوه هو ويُطلقوا سراح الراهبات. ومما لا شك فيه أنه مطلع تماماً على الصراعات الدائرة بين العصابات المسلحة التي تهدد بنشوب حرب أهلية في البلاد.
في حديثه لموقعنا الإلكتروني شدد المطران Dumas على ضرورة أن يقوم رئيس الوزراء الحالي بقيادة عملية انتقالية سلمية للسلطة، بغية الحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء. وقال سيادته "كنا واثقين بأنه بعد الاتفاقات السياسية الموقعة، كان بإمكان السابع من شباط فبراير الجاري، يوم الاحتفال بذكرى سقوط النظام الديكتاتوري، أن يشكل بداية جديدة مع توفّر الظروف الملائمة لبناء مؤسسات ديمقراطية، بيد أن شيئاً من هذا لم يتحقق.
وأضاف سيادته أن الشعب لم يعد يحتمل الوضع الراهن، مشيرا إلى أنه يرى في الأفق بوادر ثورات واضطرابات. وقال إن الناس سئموا من الموت والفقر، مشددا على أن الكنيسة تقف إلى جانب الشعب، ومن واجبها أن تجعل الجميع يفهمون أهمية البحث عن حلول سلمية. وذكّر بأن الأساقفة الكاثوليك وجهوا هذا النداء إلى السلطات ودعوها إلى اتخاذ خطوات شجاعة، مستلهمين إياها من الحكمة. وحذّر الأسقف الهاييتي من أن المجتمع بات اليوم على شفير الانهيار، ويشله الخوف، موضحا أن الأطفال لا يترددون إلى مقاعد الدراسة منذ أربعة أسابيع، لأن المعاهد التربوية أقفلت أبوابها بسبب تفاقم أعمال العنف. وهذا – تابع يقول – ليس إلا مؤشراً للفشل.
بعدها تطرق المطران دوماس إلى الرسالة التي وجهها إلى مؤمني أبرشيته لمناسبة بداية زمن الصوم، موضحا أنها تتضمن إشارة إلى المسيرة التي تقود نحو الحرية الحقيقية، التي ترتكز إلى السلام والمحبة الأخوية. وختم حديثه لموقعنا الإلكتروني قائلا إنه يتعين علينا أن نستلهم من كلمات الرب يسوع عندما قال "انهض، لأنه علينا الذهاب". ولا بد أن نقتدي بمثل إيليا وموسى ويشوع ويونان الذين ساروا إلى الأمام من أجل إيقاظ الشعب، ومساعدته على الخروج من الغيبوبة الروحية كي يعيش بحسب مشيئة الله.