عبدالله عبدالسلام
إذا نظرت إلى الدكتور مجدى يعقوب، باعتباره جراحا رائدا للقلب برع فى كشف تضاريسه وأصبح أول طبيب يجرى عملية زرع قلب ورئة فى أوروبا عام 1983 مما أكسبه شهرة وتقديرا، عالميين، فأنت بالتأكيد تبخسه حقه. رؤية السير مجدى الفكرية والفلسفية عن الطب وعلاقته بالبشر لا تقل أهمية عن إنجازاته. مفتاح شخصيته أن الرعاية الصحية حق للجميع، وليست امتيازا للأغنياء أو أصحاب النفوذ.
تمنيت أن يكون بمعرض الكتاب ترجمة عربية لكتاب أصدرته الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن طبيبنا الكبير فى الصيف الماضى، ليطلع عليه، ليس أطباؤنا الشبان فقط، بل كل أبنائنا فى شتى التخصصات. الكتاب عنوانه: «جراح ومتمرد.. حياة وعمل مجدى يعقوب الرائد» وألفه الصحفيان سايمون بيرسون وفيونا جورمان. على الغلاف ستجد عبارة لرئيس الوزراء البريطانى الأسبق جوردون براون تقول: «مجدى غير تعريف ما هو ممكن». أى أنه جعل كل شىء ممكنا. يقول السير مجدى فى الكتاب: «التزمت الابتعاد عن السياسة. تركيزى ينصب على الطب والإنسانية. لم أنحرف قط عن هذا التوجه». بالفعل، لو دققت فى حياته فستجد أنه برع وأنجز لكن كل ذلك كان لصالح الناس. عندما سافر إلى أمريكا آلمه أن الرعاية الصحية ليست للجميع. رغم تقدم الطب الأمريكى بالقياس لأى مكان آخر، إلا أن نظام الرعاية هناك متواضع بل مجحف ضد الفقراء مع سيطرة الرأسمالية التى يحركها الربح، وهذا لم يتسامح يعقوب معه قط. لذا يفضل نظام الرعاية الصحية البريطانى الذى تشمل مظلته الجميع حتى الذين يأتون للبلاد لساعات قليلة.
يشعر دائما بالانزعاج من عدم المساواة فى تقديم الخدمة الصحية. وهذه الرؤية كانت وراء المشروعات الطبية التى أقامها أو رعاها فى مصر. الطب بدون وجه إنسانى يتحول لمشروع مربح كأى بيزنيس آخر. الكتاب يحفل بسرد تفصيلى لحياته وعمله، لكن الانطباع العام الذى تخرج به أنك أمام إنسان نادر فى إنجازاته وأخلاقه وهدوئه وتقدير العالم له، ومع ذلك يقول عن نفسه دائما: أنا إنسان عادى. كم نفتقد فى حياتنا إلى هذا النموذج الفذ.
نقلا عن الاهرام