محرر الأقباط متحدون
التفرقة بين الحزن المفيد الذي يمكن أن يتحول بنعمة الله إلى فرح، والحزن الذي يؤدي إلى التشاؤم والإحباط والأنانية، كان هذا محور تعليم البابا فرنسيس اليوم الأربعاء خلال مقابلته العامة مع المؤمنين حيث تحدث عن رذيلة الحزن.
واصل البابا فرنسيس اليوم الأربعاء ٧ شباط فبراير تعليمه حول الرذائل والفضائل، وذلك خلال مقابلته العامة مع المؤمنين. وتحدث قداسته اليوم في قاعة بولس السادس عن رذيلة الحزن بمعنى الإحباط واليأس الذي يعيق شعور الإنسان بالفرح بحياته. وأراد البابا في بداية تعليمه لفت الأنظار إلى أن الآباء قد فرَّقوا بين حزن مفيد للحياة المسيحية يتحول بنعمة الله إلى فرح، لا يجوز بالتالي منعه لأنه جزء من مسيرة التوبة، وحزن آخر يتسلل إلى النفس حاملا إياها إلى حالة من الإحباط، وهذا حزن يجب محاربته.
هناك بالتالي حزن صديق يقودنا إلى الخلاص، قال قداسة البابا، ودعا إلى تذكر مَثل الابن الضال والذي دفعه شعوره بمرارة كبيرة إلى أن يرجع إلى نفسه فقرر العودة إلى بيت أبيه (راجع لوقا ١٥، ١١-٢٠). وواصل البابا فرنسيس واصفا بالنعمة النواح بسبب ما نرتكب من خطايا والبكاء لفقداننا الطهارة التي أرادها الله فينا.
ثم تحدث الأب الأقدس عن الحزن الآخر الذي هو مرض يضرب النفس، فقال إنه حزن يولد في قلب الإنسان حين تزول أمنية أو يزول رجاء. وذكَّر البابا فرنسيس هنا بتلميذَي عماوس، فقد كانا يسيران مكتئبَين خارجَين من أورشليم يشعران بالخيبة في قلبيهما، وقالا لذلك الشخص المجهول، يسوع، الذي دنا منهما: كنا نرجو أنه هو، أي يسوع، الّذي سيفتدي إِسرائيل. وتابع البابا فرنسيس أن الحزن مرتبط بالخسارة، ففي قلب الإنسان تولد آمال تَخيب في بعض الحالات، وقد تكون هذه الخيبة ناتجة عن رغبة في امتلاك شيء بدون النجاح في ذلك أو أشياء هامة مثل فقدان أشخاص أعزاء. وحين يحدث هذا فكأن القلب يسقط في هاوية، فيشعر الإنسان بالإحباط وتهبط عزيمته، يتملكه الاكتئاب والقلق، قال البابا فرنسيس، وأضاف أننا جميعا نمر باختبارات تولِّد لدينا الحزن لأن الحياة تجعلنا نتطلع إلى أحلام تنهار. وواصل قداسته أنه وفي مثل هذه الأوضاع هناك مَن يلجأ إلى الرجاء، بعد فترة من القلق، بينما ينغمس آخرون في حزن يصيب قلوبهم. وأضاف أن هؤلاء الأشخاص يتمرغون في هذا الحزن وكأنهم يجدون السعادة في اللاسعادة كمن يستمتع بحلوى مرة المذاق.
وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن حداد طويل الأمد وكأن الأشخاص يوسعون الفراغ الذي يخلفه شخص فقدوه، كما وأشار إلى مَن تدفعهم مرارة الغضب إلى التفكير دائما في كونهم ضحايا، وقال إن هذه ليست مشاعر تمنحنا حياة صحية، وبالتأكيد لا تجعل حياتنا مسيحية. هناك لدى الجميع شيء من الماضي يجب مداواته، قال الأب الأقدس، وتابع مشيرا إلى خطر أن يتحول الحزن، الذي هو إحساس طبيعي، إلى وضع نفسي يطبعه الشر. وسلط قداسته الضوء على وصف الآباء الحزن بدودة القلب التي تقرض مَن يستضيفها وتفرغه، وشدد البابا بالتالي على ضرورة الحذر من هذا الحزن داعيا إلى التفكير في أن يسوع يحمل لنا فرح القيامة.
ماذا عليّ أن أفعل حين أشعر بالحزن؟ تساءل البابا فرنسيس في ختام تعليمه الأسبوعي، وقال: قف وتأمل إن كان هذا حزنا جيدا أم غير جيد. دعا قداسته بالتالي إلى التصرف انطلاقا من هذا التأمل مشددا على ضرورة تذكر أن الحزن يمكنه أن يكون شيئا سيئا جيدا يقود إلى التشاؤم وإلى أنانية يصعب الشفاء منها. وأضاف أنه ومهما كان في الحياة من تناقضات وتمنيات تنهار وأحلام لا تتحقق وصداقات تُفقد، بإمكاننا وبفضل قيامة المسيح الإيمان بأن كل شيء يمكن خلاصه، فيسوع قد قام أيضا من أجلنا، لتعويضنا عن كل الأفراح التي لم تكتمل في حياتنا. الإيمان يبعد الخوف، قال الأب الأقدس، وقيامة المسيح تزيل الحزن كحجر القبر. ثم تضرع كي يساعدنا روح يسوع القائم على أن نهزم الحزن بالقداسة.
هذا وعقب اختتام حديثه عن رذيلة الحزن وخلال تحيته المؤمنين أراد قداسة البابا فرنسيس التشديد على عدم نسيان الحروب والمتألمين بسببها، مشيرا أيضا إلى فلسطين، كما وأكد ضرورة الصلاة من أجل السلام.