ياسر أيوب
لم يكن من المفترض أن تصبح هزيمتنا أمام الكونجو الديمقراطية فى بطولة إفريقيا الحالية مفاجأة لأى أحد.. المفاجأة الحقيقية كانت كل هذا الغضب والصراخ والمبالغة فى رد الفعل كأننا كنا ننتظر فوز منتخبنا بالبطولة فكان الخروج من دور الـ 16 صدمة قاسية وحزينة.. أو كأننا نسينا أننا أصلا فقدنا الثقة وأى أمل بعد التعادل أولا مع موزمبيق ثم غانا ثم كاب فيردى، وتأهلنا لدور الـ 16 بدون أى فوز أو كرة جميلة.
بل إن كثيرين منا قبل مباراة الكونجو الديمقراطية طالبوا اتحاد الكرة بالاستقالة إن خسرنا، وهو ما يعنى أن الخسارة كانت احتمالا قائما ومتوقعا لمنتخب بدا منذ البداية عاجزا وحائرا ومرتبكا.. وهى ليست المرة الأولى التى ننسى فيها أو نتظاهر بالنسيان.. وهناك عبارة جميلة لأديب مصر العالمى نجيب محفوظ كتبها فى روايته الشهيرة أولاد حارتنا قال فيها.. آفة حارتنا النسيان.. ويمكن استعارة هذه العبارة مع تعديلها لتصبح آفة لعبتنا النسيان.
فكثيرون منا قرروا فجأة أن ينسوا ما قالوه سابقا عن نجاح الاتحاد فى التعاقد مع روى فيتوريا كمدرب عالمى لم يسبق له تدريب أى منتخب، لكنه مارس ذلك لأول مرة مع منتخب مصر مقابل 4 ملايين يورو فى 21 شهرا.. كثيرون منا قالوا إنه كان من الأفضل الإبقاء على كيروش رغم أنه كان فيهم من طالب بقطع رقبة كيروش الذى خسر نهائى إفريقيا أمام السنغال.. ولأننا احترفنا هذا النسيان وعشقناه.
أصبحنا لا نمل من مشاهدة نفس فيلم الخروج أكثر من مرة مع اختلاف بسيط هو تغيير اسم الضحية.. فلابد من ضحية نذبحها بشكوك وسخرية واتهامات متبادلة بين أحمر وأبيض لنهدأ ونستريح.. وننتظر الفيلم الجديد بإصرار غريب ومفضوح على ألا نعالج أى أخطاء وعيوب.. مثل أسلوب إدارة الكرة فى بلادنا الذى تجاوزه الزمن والعجز حتى الآن عن إدارة مسابقاتنا بشكل علمى محترف وتجاهل فضائح الناشئين فى مختلف الأندية.
ونسينا كيف جاء اتحاد الكرة الحالى والاتحادات الذى سبقته لكننا لا نغضب ونعترض أو حتى نتساءل إلا فقط بعد كل هزيمة.. لانزال نصر على ترك إدارة الكرة لمن كانوا فى الماضى لاعبى كرة وأغلقنا كل الأبواب أمام وجوه جديدة شابة دارسة ومثقفة كرويا وتستطيع مسايرة العالم حولنا.. بقينا أسرى لأسطورة الخواجة واستنزاف الكثير من دولارات قليلة نملكها لأننا لا نثق فى بعضنا البعض ونتحول إلى وحوش كاسرة تلتهم أى مدرب مصرى لكنها تصبح مستأنسة للغاية أمام أى خواجة سواء مدرب أو حكم أو خبير.. وسيبقى هذا الكلام صالحا للاستخدام بعد البطولة المقبلة والبطولة التى تليها.
نقلا عن المصرى اليوم