أيمن زكى
في هذا اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار الأعجوبة التي صنعها سيدنا يسوع المسيح ملك الملوك في قانا الجليل. هو عيد سيدى صغير. وهي الأعجوبة الأولى التي صنعها السيد المسيح بعد العماد. وكان قد دُعي والقديسة مريم العذراء ام المخلص إلى العرس وكذلك بعض تلاميذه.
ولما فرغت الخمر قالت السيدة العذراء الحنونة للسيد المسيح "ليس لهم خمر"
فقال لها "ما لي ولك يا امرأة لم تأت ساعتي بعد"
ثم قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران موضوعة هناك. قال لهم يسوع أملوا الأجران ماء. فملئوها إلى فوق. ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ، فقدموا الخمر الذي تحول بأمره الإلهي فصار خمرا جيدا، كما شهد رئيس المتكأ إذ قال للعريس: "كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولا ومتي سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن. هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل واظهر مجده فأمن به تلاميذه "
وحضور السيد المسيح لهذا الفرح كان ممارسة لمباركة سر الزواج وجعله شركة مقدسة كما هو واضح من صلوات الإكليل المقدس.
وقوله في اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل (يو 2: 1) يشير إلى قيامته التي صارت في اليوم الثالث من آلامه وبها صار لنا الفرح السمائي... لقد حضر السيد هذا العُرس مع أمه العذراء وبعض تلاميذه في قانا الجليل التي كانت تبعد 6 أميال شرق الناصرة والتي فيها تمت الآية الثانية وهى شفاء ابن خادم الملك (يو 4: 46 - 54) وقيل أنه بنيت في موضع العرس كنيسة آثارها باقية حتى الآن.
آما التلاميذ الذين ذهبوا مع المخلص إلى العرس كانوا على الأرجح ستة وهم: اندراوس وبطرس وفيلبس ونثنائيل ويوحنا الانجيلى، وأخوه يعقوب إذ بقية التلاميذ الاثني عشر لم يكونوا تتلمذوا بعد
وقيل أن العروسين كانا فقيرين ومع هذا حضر إليهما ملك الملوك ومازال يلبى دعوة الجميع...
كان الفرح والسرور بحضوره هذا الحفل البسيط واستجاب لطلب والدته السيدة العذراء مريم، فما أن طلبت منه قائله ليس لهم خمر.. إلا بعد برهة قد تحولت الأجران التي ملأوها إلى خمر جديدة... استجاب لها في اتضاع وتقدير للأمومة التي لم ينسها حتى النهاية في أشد آلامه وهو على الصليب (يو 19: 26) بل ومازال يستجيب شفاعتها وتوسلاتها عن ضعفنا كل حين.
ويقال انه سمعان القانوي (مت 10: 4) كان من قانا الجليل وهو صاحب العرس الذي حول فيه السيد الماء خمرا.. كما قيل انه بعد تلك الآية قام وترك كل شيء وتبعه فكان من تلاميذه الاثني عشر لذا لقب بسمعان الغيور (لو 6: 15) إذ قد صار عروسًا للعريس الحقيقي الرب يسوع المسيح (1 كو 11: 20) وتعيد الكنيسة بتذكار استشهاده في 15 بشنس..
السيد المسيح يشارك الجميع (فرحا مع الفرحين بكاء مع الباكين) (رو 12: 15). فبحضوره العرس شارك الأفراح كما أنه في ذهابه إلى بيت عينا بعد أن مات لعازر كان مشاركا لأحزانهم (يو 11 :45).
والخمر الجديدة التي حولها الرب يسوع تشير إلى سر الافخارستيا إذ نشرب خمرا جديدة قدسها الرب يسوع وأعطاه لنا دما كريما للعهد الجديد الذي له (من الآن لا اشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدا في ملكوت أبي) (مت 26: 29). الخمر التي صيرها الرب في عرس قانا الجليل لابد أنها انتهت أخيرًا.. أما الخمر الجديد الذي يعطيه لنا (دمه الكريم) فهو حياة أبدية.. أيضًا ذلك العرس انتهى أما عرسه السمائي وفرح قلوبنا فهو بلا نهاية ولا انقضاء الى دهر الدهور كلها..
لقد دعى السيد المسيح إلى عرس قانا الجليل أما الآن فانه يدعونا إلى شركته المقدسة كل يوم.. بل هو صاحب العرس الذي مازال يدعو الجميع للفرح منه كل حين.
له المجد مع أبيه الصالح والروح القدس إلى الأبد امين...