فريدة الشوباشى

من المشاهد التى تحز فى نفسى، وتؤلمنى، مشهد الشارع المصرى بحالته الراهنة، والذى أتمنى أن ينتبه إليه المسئولون عن المرور، بل كل مؤسسات الدولة نظراً لدوره واضح السلبية فى انعكاس تجاهل القانون، حتى، لا أقول ازدراءه.. وقبل الخوض فى التفاصيل أذكر بأن مصر تحتل، للأسف، الموقع الأول فى عدد ضحايا الطرق فى العالم. خبر مؤسف بلا شك، فكم نتمنى احتلال مواقع متقدمة فى مجالات بناءة ومفيدة.. المهم أن من يسير الآن فى شوارع القاهرة يشاهد تجاوزات مرعبة، تؤكد عدم احترام أبسط القواعد المرورية، حيث تصطف السيارات المنتظرة فى الشارع، ليس بوجود صف واحد فحسب، بل نجد السيارات تنتظر على جانبى الطريق بصفين وأحياناً ثلاثة، إضافة إلى الباعة الجائلين الذين يحتلون الأرصفة وبعضاً من مساحة الطريق، وعلى جانبيه، بحيث يؤدى ذلك إلى بقاء حارة واحدة لمرور السيارات، بينما بعض الشوارع تكون، نظرياً، ذات اتجاهين.

ويسبب هذا السلوك الغريب تعطيل البعض عن الوصول إلى وجهاتهم، سواء كان العمل أو العلاج أو السفر، لمنع الوصول إلى محطة قطار أو أحد المطارات للحاق بالطائرة فى الموعد المقرر.. هذا الأمر يؤدى كذلك إلى زيادة الانبعاثات السامة التى تنجم عن وقوف السيارات، مما يؤدى بالضرورة إلى تسمم الأجواء وبالتالى تفشى الأمراض الناجمة عن التلوث الجوى، وإنفاق المليارات لمعالجة ضحايا التلوث.

أيضاً تسير بعض السيارات فى الاتجاهات المعاكسة بلا أدنى شعور من القلق جرَّاء مخالفة قواعد المرور بأجلى صورة، والاطمئنان التام لعدم تعرضها للمساءلة وهو ما ينجم عنه سقوط ضحايا تعد بالآلاف سنوياً، وكان ذلك شبه مستحيل عندما كان أحد أبناء الشرطة يراقب احترام قواعد المرور وهو يطوف بموتوسيكل لمطاردة المخالفين، وسحب رخصهم إلى جانب تعرضهم للحبس أو الغرامة المالية على ضوء حجم المخالفة.. وبالطبع، كان شبه مستحيل وجود رجل شرطة يتلقى بعض المال لتجاهل المخالفة وكأنه من بنها، هناك كذلك مخالفات سيارات النقل التى لا تعبأ بأى التزام، مثل تحديد حارة لها على يمين الطريق ليس بسبب حجمها الهائل أحياناً فحسب، بل كذلك تحسباً للكوارث التى تنجم عن سقوط بعض ما تحمله مما يؤدى إلى اصطدام السيارات بما قد يقع من حمولتها، ناهيك عن سد الطريق أحياناً فى حالة وجود أكثر من سيارة نقل لا تلتزم بالحارة المخصصة لها.

ومن الملاحظات الجديرة بالاهتمام أيضاً انعدام أى شعور بالمسئولية حيال سيارات الإسعاف، التى لا يهتم بإفساح الطريق لها سائقو السيارات، مما يؤدى أحياناً إلى وفاة المرضى أو ضحايا الحوادث الذين يتوجهون بهم إلى المستشفيات للعلاج اللازم.. ومن الأمور المؤسفة عدم التزام سائقى الموتوسيكلات بأى قواعد، ومن بينها وضع خوذة على الرأس لحماية القائد من الإصابات الجسيمة، أو ربما من الموت فى حال وقوع أى حادث، والأدهى أننا نشاهد الآن عائلة على الموتوسيكل، مكونة من أربعة أفراد أحياناً، وجميعهم بدون أى إجراءات تحميهم إذا تعرضوا لحادث مرورى.

إن معظم النار من مستصغر الشرر، وقد يكون الشارع أمراً لا يحتل أولوية فى اهتمامات مسئولى المرور ولكنه جدير فى اعتقادى بالاهتمام العميق، لأن انضباط الشارع وردع المخالفين ينعكس إيجابياً على المجتمع بأسره ويضع الانضباط واحترام القانون فى الموقع الجدير بهما.. وقد يكون، بل فعلاً، فى إقامة العاصمة الإدارية الحل المنشود لتخليص القاهرة من كل هذه السلبيات، وفيها أعظم رد على مدعى الفهم والمعرفة بانتقادهم لإنشاء العاصمة الإدارية.

نقلا الوطن