محرر الاقباط متحدون
العلاقات بين الكاثوليك والأرثوذكس في الذكرى السنوية الستين للقاء التاريخي بين البابا بولس السادس وبطريرك القسطنطينية المسكوني أثيناغوراس شكلت محور مقالة لرئيس الدائرة الفاتيكانية لتعزيز وحدة المسيحيين، الكاردينال كورت كوخ، نشرتها صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية، بالتزامن مع الاحتفال بأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين.
استهل نيافته المقالة مذكراً القرّاء بأنه في الخامس والسادس من الجاري صادفت الذكرى السنوية الستون للقاء الذي عُقد في القدس بين البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس، ولفت إلى أنه كان اللقاء الأول من نوعه منذ قرابة خمسة قرون، بعد ذلك الذي عُقد بين البابا أوجينيوس الرابع والبطريرك يوسف الأول خلال مجمع فيرارا، عامي ١٤٣٨ و١٤٣٩.
واعتبر الكاردينال كوخ أن إحياء هذه المناسبة يحملنا على النظر إلى الماضي الأليم الذي ميز العلاقات بين الكنيستين، مدركين أن السير قدماً يتطلب تنقية الذاكرة التاريخية وممارسة المغفرة. ولفت إلى أن اللقاء التاريخي بين بولس السادس وأثيناغوراس ترك بصمته في التاريخ، وجاءت القبلة الأخوية بينهما كعلامة لرغبة الكنيستين المشتركة لاستعادة علاقات المحبة، وعكست أيضا الرغبة في تحقيق المصالحة. وهي مسألة شدد عليها أيضا البابا فرنسيس في الرسالة التي وجهها إلى بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول، في نوفمبر الماضي، لمناسبة الاحتفال بعيد القديس أندراوس، موضحا أن مسيرة المصالحة بدأت بعناق، ببادرة تعبر بشكل جلي عن الاعتراف المتبادل بالأخوّة الكنسية.
ورأى الرجلان، خلال زيارتهما مدينة القدس كحاجين، أن العناق بينهما سيفسح المجال أمام فجر جديد للأجيال المستقبلية التي لا بد أن تسبح الله بصوت واحد من خلال المشاركة في الاحتفال الإفخارستي. وذكّر الكاردينال كوخ بأن هذا اللقاء مهد الطريق للقاء آخر عقد في السابع من كانون الأول ديسمبر عام ١٩٦٥ عندما قامت الكنيستان بإلغاء الحرم المتبادل الذي أعلن في العام ١٠٥٤، عندما حصل الانقسام، وهذه المبادرة جاءت لتعكس الرغبة المشتركة بتذليل العقبات التي تحول دون التقارب في إطار المحبة. وبهذه الطريقة أصبحت أحداث العام ١٠٥٤ طي النسيان بالنسبة للكنيستين.
وأضاف نيافته أنه مع هذا الحدث التاريخي تم استبدال سموم الحرم التي كانت رمزاً للانقسام برمز المحبة الأخوية، التي عبرت عنها القبلة بين البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس، كما كتب الكاردينال اللاهوتي يوزيف راتزنغر، الذي أصبح لاحقا البابا بندكتس السادس عشر. وهكذا اعترفت كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية بأنهما كنيستان شقيقتان، وهذه الحقيقة تكتسب أهمية كبرى إذا ما أدركنا أن شفيعي الكنيستين، القديسين بطرس وأندراوس، كانا شقيقين من أم واحدة.
بعدها ذكّر الكاردينال كورت كوخ بأن تلك الأحداث التاريخية أصبحت لاحقاً نقطة انطلاقٍ للحوار المسكوني (بين الكاثوليك والأرثوذكس) في إطار المحبة. وقد تعمق هذا الحوار في السنوات التالية من خلال تبادل للزيارات والتواصل المستمر بين الطرفين. وهذا الحوار، في إطار المحبة، وجد تعبيراً مرئياً، خصوصا من خلال تبادل الزيارات في عيدي شفيعي الكنيستين. وختم نيافته مذكرا بمشاركة البطريرك برتلماوس الأول في احتفال تنصيب البابا فرنسيس وذلك للمرة الأولى في تاريخ العلاقات المسكونية بين الكنيستين.