د. أمير فهمي زخارى المنيا
السجود (المطانية) بين اليهودية المسيحية والإسلام
ان الصلاة لله وصلت لنا بالتواتر من سيدنا ابراهيم عليه السلام وهي لم تذكر حركتها في اي من الكتب السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام
إن السجود هو ذروة أشكال وتعابير الانكسار والذلة والخضوع والانقياد والإكبار والإجلال والتعظيم والتفخيم والتبجيل. ولذلك، كان السجود من أهم مظاهر العبادة سواء في الرسالات السماوية أو غيرها من الأديان غير السماوية.

فهو لا ينطوي فقط على خفض الجسم إلى الأرض وإنما فيه ما فيه من إظهار الخضوع والذلة حيث يلامس الوجه الذي هو أشرف أعضاء جسم الإنسان الأرض أو يقترب منها اقترابا شديدا.

ولا تكاد تخلو رسالة سماوية أو ديانة غير سماوية من السجود. كما أن له شأن عظيم كجزء شديد الأهمية من العبادة سواء في اليهودية أو المسيحية أو في الإسلام.

ومع ذلك، يختلف السجود في اليهودية والمسيحية عنه في الإسلام.
لذا، تعالوا نتعرف أولاً على السجود في المسيحية.

= السجود في اليهودية والمسيحية
إن السجود في اليهودية والمسيحية، وفقا للكتاب المقدس، منه ما كان لله ومنه ما كان للناس.
1- فأما السجود الذي كان لله فهو سجود العبادة، ولم يكن إلا لله عز وجل في الكتاب المقدس. وما من دليل في الكتاب المقدس على مشروعية السجود لغير الله على سبيل العبادة سواء للسيد المسيح أو غيره.

2- أما السجود الذي للناس فكان سجود التحية والاحترام.
تعالوا نتكلم بوضوح اكتر...

1- السجود لله في الكتاب المقدس (اليهودية والمسيحية)
يتكرر التأكيد في الكتاب المقدس على أن سجود العبادة لا يكون إلا لله مع النهي عن السجود لغير الله.
* نقرأ في العهد القديم (اليهودية):
-  “فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لإِلهٍ آخَرَ، لأَنَّ الرَّبَّ اسْمُهُ غَيُورٌ. إِلهٌ غَيُورٌ هُوَ”. (الخروج 14:34)
- ونقرأ: “لاَ تَسْجُدْ لآلِهَتِهِمْ، وَلاَ تَعْبُدْهَا، وَلاَ تَعْمَلْ كَأَعْمَالِهِمْ، بَلْ تُبِيدُهُمْ وَتَكْسِرُ أَنْصَابَهُمْ. وَتَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ الْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ”. (الخروج 24:23-25)
- كما نقرأ أيضا: “لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ” (الخروج 4:20-5)
* وأما العهد الجديد (المسيحية)، ففيه نقرأ على لسان السيد المسيح نفسه:
حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». (متى 10:4)

2 - السجود للناس في الكتاب المقدس
يمتلئ الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد بأمثلة السجود للناس على سبيل التحية والاحترام. فعلى سبيل المثال،
* ينسب العهد القديم (اليهودية):
- إلى النبي لوط عليه السلام السجود للملائكة. فنحن نقرأ:
فَجَاءَ الْمَلاَكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ. فَلَمَّا رَآهُمَا لُوطٌ قَامَ لاسْتِقْبَالِهِمَا، وَسَجَدَ بِوَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ، مِيلاَ إِلَى بَيْتِ عَبْدِكُمَا وَبِيتَا وَاغْسِلاَ أَرْجُلَكُمَا، ثُمَّ تُبَكِّرَانِ وَتَذْهَبَانِ فِي طَرِيقِكُمَا». فَقَالاَ: «لاَ، بَلْ فِي السَّاحَةِ نَبِيتُ». (التكوين 1:19-2)
- والأدهى من ذلك أن العهد القديم ينسب إلى النبي إبراهيم السجود لبني حث. فنحن نقرأ: “فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ وَسَجَدَ لِشَعْبِ الأَرْضِ، لِبَنِي حِثَّ” (التكوين 7:23)
- كما نقرأ أيضا: “فَسَجَدَ إِبْرَاهِيمُ أَمَامَ شَعْبِ الأَرْضِ” (التكوين 12:23)
* أما العهد الجديد (المسيحية)، فيحدثنا عن أناس كُثر قد سجدوا للسيد المسيح له المجد على سبيل الاحترام والتوقير. فنحن نقرأ على السبيل المثال لا الحصر:
- وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. (متى 1:8-3)

= السجود في الإسلام
إن السجود في الإسلام سواء كان للعبادة أو التحية والاحترام لا يكون إلا لله عز وجل وحده ولا يكون للناس مطلقا.
وما ورد من نصوص في القرآن الكريم عن السجود للناس فهي تتناول الشرائع السابقة لمبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فعلى سبيل المثال، يخبرنا القرآن الكريم أن الله لما خلق آدم عليه السلام أمر ملائكته بالسجود لآدم على سبيل التكريم له. فنحن نقرأ:
- وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة 34:2)
- كما يخبرنا القرآن الكريم أن أخوة يوسف عليه السلام وأبويه سجدوا له وهو نبي على سبيل التحية والاحترام. فنحن نقرأ:
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (يوسف 100:12)
أما شريعة الإسلام الخاتمة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهي تحرم كل أشكال السجود أو الركوع أو حتى الانحناء لغير الله وتجعل كل ذلك خالصا لله عز وجل وحده لا شريك له. فعن الأمر بالسجود لله عز وجل، نقرأ في القرآن الكريم:
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الحج 77:22)
- كما نقرأ أيضا: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (النجم 62:53)

وعن النهي عن السجود لغير الله نقرأ في القرآن الكريم:
وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (فصلت 37:41)
ولقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن السجود له أو السجود لغير الله بصفة عامة. كما بين أنه كاد يأمر المرأة بالسجود لزوجها من بالغ حقه عليها لولا تحريم السجود لغير الله في شريعته صلى الله عليه وسلم بأي حال من الأحوال.
ولم يكتف الإسلام بالنهي عن السجود سواء كان سجودا كاملا أو ركوعا، وإنما نهى أيضا عن الانحناء حتى ولو كان على سبيل التحية والاحترام لأن الانحناء لا يكون إلا لله عز وجل.

فعن أنس-  رضي الله عنه – قال: قال رجل: يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له؟ قال: “لا”. قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: “لا” قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: “نعم “(رواه الترمذي)

خلاصه المقال:
- إن سجود العبادة لم يشرع لغير الله في أي زمان أو مكان سواء في شريعة الإسلام الخاتمة في ضوء الكتاب والسنة أو غيرها من الشرائع السماوية السابقة في ضوء الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
- أما سجود التحية والاحترام، فهذا موجود في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد..
- ويبدو أنه كان مشروعا قبل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدليل سجود الملائكة لآدم وسجود والدي النبي يوسف وإخوته له.

- السجود من الناحية العلمية:
ان الركوع والسجود من حركات الصلاة في الثلاث ديانات ومن اهم طاقتها الاستشفائية انه يوجد بالجسم 7 مناطق للطاقة متصلة ببعضها وتسمي شاكرات (انظر الصورة مع البوست)


عند السجود تكون اتجاه مراكز الطاقة الي الارض ذات الطاقة السالبة والتي يتلامس الجسم بها في شاكره التاج فتقوم الارض بتفريغ كل الطاقة السلبية بالجسم وتكون مراكز الطاقة متعطشة لملء ما تم تفريغه وذلك يحدث بطاقة الايمان الإيجابية التي تنتج عن الدعاء والذكر في السجود لذا يحبذ عدم التسرع في القيام من السجود وايضا هذا ما يشعرنا بالراحة النفسية والسلام الداخلي بعد الصلاة تقبلها الله منا واياكم
والى اللقاء في مقال جديد من ثقافه الأديان...مع خالص تحياتي للجميع.
د. أمير فهمي زخارى المنيا
_________
المراجع:
القرآن الكريم - صحيح البخاري - مسند الإمام أحمد - سنن الترمذي - سنن أبي داود
الكتاب المقدس - موقع الأنبا تكلا