محرر الأقباط متحدون
"لنعمل لكي لا تتحوّل هذه الوقفة المسكونيّة إلى مجرّد واجب وألا تصبح ذات مرجعية ذاتيّة، وإنما ليكن فيها دائمًا العصارة الحيوية للروح القدس، ولتكن مفتوحة لاستقبال الإخوة الأكثر فقرًا والمنسيين، وكذلك الذين يشعرون بأن الله قد تخلى عنهم، والذين أضاعوا درب الإيمان والرجاء" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء وفد مسكونيّ من فنلندا

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في قاعة الكونسيستوار في القصر الرسولي بالفاتيكان وفدًا مسكونيًّا من فنلندا وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال يسعدني أنكم جئتم هذا العام أيضًا إلى روما كحجاج للاحتفال معًا بعيد القديس هنري، بالشكل المسكوني الذي اختبرناه. وأحيي بشكل خاص جميع الذين يشاركون في هذا الحج لأول مرة؛ بينما أستقبلك للمرة الأولى، أيها الأخ العزيز رايمو، كأسقف هلسنكي الكاثوليكي الجديد: ليبارك الرب خدمتك! كما أشكرك أيها الأسقف أسترند العزيز على التأملات التي أردت أن تشاركها معنا، والغنية بالإشارات إلى شهادات القديسين والروح المسكونية.

تابع البابا فرنسيس يقول لقد أثّرت بي كلماتك حول قيمة المسيرة وحول الكنيسة التي تحجُّ على الأرض. كأعضاء في جماعة المعمَّدين، نحن في مسيرة وهدفنا المشترك هو يسوع المسيح. وهذا الهدف ليس بعيدًا، وليس بعيد المنال، لأن ربنا جاء للقائنا برحمته، وأصبح قريبًا في التجسد، وجعل من نفسه الطريق، لكي نتمكن هكذا من أن نسير بأمان، وسط مفترقات الطرق وإرشادات العالم الكاذبة. القديسون هم إخوة وأخوات ساروا على هذا الدرب حتى النهاية ووصلوا إلى هدفهم. وهم يرافقوننا كشهود أحياء للمسيح طريقنا وحقنا وحياتنا. وهم يشجعوننا على البقاء على درب التتلمذ حتى عندما نتعب، وعندما نسقط. وكأنوار أضاءها الله، هم يسطعون أمامنا لكي لا يغيب الهدف عن أعيننا. ويقولون لنا: "ثقوا بنعمة الله! هو يحبكم ويدعوكم أيضًا لكي تكونوا قديسين".

أضاف الأب الأقدس يقول عندما سمعتك تتحدث، أيها الأخ العزيز، شكرت الله، لأنه كانت هناك لحظات بدا فيها أن إكرام القديسين يفرق بدلاً من أن يوحد المؤمنين الكاثوليك والأرثوذكس، من ناحية، والمؤمنين الإنجيليين، من ناحية أخرى. ولكن لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك، وفي الواقع، لم يكن الأمر كذلك أبدًا في إيمان شعب الله المقدس والأمين. في الليتورجية الإفخارستيّة، نحن نتوجّه هكذا بالصلاة إلى الآب السماوي: "إن جوق القديسين يُعلن عظمتك؛ لكي وإذ تُكلل استحقاقاتهم تكلل عمل نعمتك". كذلك، يقول إقرار أوغسبورغ، في المادة ٢١ منه، إنه "علينا أن نتذكر القديسين، لكي نقوي إيماننا، عندما نرى كيف نالوا النعمة وكيف أعانهم الإيمان؛ ولكي نأخذ المثال من أعمالهم الصالحة".

تابع الحبر الأعظم يقول أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، لقد ذكرتم بعض قديسي الشمال العظماء: بريجيتا وهنري وأولاف. وهذا يجعلنا نفكر بما كتبه البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة Ut unum sint: "أريد – وأقتبس – أن أذكّر أيضاً بلقاء الصلاة الذي جمعني، في بازيليك القديس بطرس، مع رؤساء الأساقفة اللوثريّين، والرؤساء الأعلين في أسوج وفنلندا للاحتفال بصلاة الغروب، بمناسبة الذكرى المئويّة السادسة لإعلان قداسة القديسة بريجيتا. وما هذا إلاّ مثالٌ، لأن وعي واجب الصلاة من أجل الوحدة قد أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الكنيسة". وبالتالي إذا كان بإمكان الذكرى السنوية الألف لوفاة القديس أولاف، في عام ٢٠٣٠، أن تلهم وتعمق صلاتنا من أجل الوحدة، وكذلك مسيرتنا معًا، فستكون هذه عطيّة للحركة المسكونية بأكملها.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الأعزاء، أشكركم، لأن هذا اللقاء معكم هو علامة حية في سياق أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين الذي بدأ بالأمس. لنعمل لكي لا تتحوّل هذه الوقفة المسكونيّة إلى مجرّد واجب وألا تصبح ذات مرجعية ذاتيّة، وإنما ليكن فيها دائمًا العصارة الحيوية للروح القدس، ولتكن مفتوحة لاستقبال الإخوة الأكثر فقرًا والمنسيين، وكذلك الذين يشعرون بأن الله قد تخلى عنهم، والذين أضاعوا درب الإيمان والرجاء.