أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تنيح القديس انبا ابرام رفيق القديس انبا جوارجى وكان أبوه رجلا رحوما محبا للمساكين، ولصلاحه وتقواه كانوا يودعون لديه حاصلات القري التي بجواره مع محصول قريته ايضا.
واتفق حصول غلاء في ارض مصر، فوزع جميع ما عنده علي المحتاجين. أما أمه فكانت تعيش في خوف الله، فحسدها الشيطان وأثار عليها رجلا شريرا، وشي بها إلى الفرس فسبوها إلى بلادهم. وذات ليلة رأت في رؤيا الليل من يقول لها: ستعودين إلى وطنك وقد تم لها ذلك بعد قليل وعادت إلى وطنها.
ولما توفي زوجها، أرادت ان تزوج ابنها ابرام، فأبى وأعرب لها عن رغبته في الترهب، ففرحت بذلك. ولما هم بتركها ودعته إلى خارج البلد، رفعت يديها إلى السماء وصلت قائلة: اقبل مني يارب هذا القربان. ومضي ابرام إلى برية شيهيت حيث ترهب عند القديس انبا يؤنس قمص البرية وصار له ابنا خاصا، واجهد نفسه بأصوام وعبادات كثيرة،
ورأي في أحد الأيام سقف القلاية وقد انشق ونزل منه السيد المسيح علي مركبة الشاروبيم، هم يسبحونه فارتعد وأسرع ساجدا، فبارك عليه وصعد إلى السماء. وظلت هذه العلامة في سقف القلاية تذكار لذلك. وكان مسكنه بجانب أبيه الروحاني الأنبا يؤنس، وهي القلاية المعروفة ببيجيج. وكان ملاك الرب يزوره من حين لأخر ويعزيه.
اما القديس انبا جوارجى فكان راعيًا للغنم مع أبيه وأحب حياة التأمل، لذا ترك والديه التقيين وهو في الرابعة عشرة من عمره ليذهب إلى البرية.... وفي الطريق رأى الشاب الصغير عمود نور يرشده ففرح وتعزى. لكنه فجأة اختفى العمود ليظهر له إنسان عجوز يقول له: "لقد عبرت إحدى المدن فوجدت رجلًا مشقوق الثياب ينوح ويبكي بشدة، ويصرخ بصوت عظيم قائلا: أن الأسد قد افترس ابني وهو يرعى الغنم في الحقل، وأغلب الظن يا ولدي أنه أبوك. فعليك أن ترجع إليه وتطيّب قلبه، لأنه مكتوب: "أكرم أباك وأمك (خر 20: 12)، ثم تعود إلى البرية". فأجابه الشاب بحزم أنه مكتوب "من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني" (مت 10: 37). للحال صار الشيخ دخانًا واختفى، فعرف جاورجي أنها خدعة شيطانية، أنقذه الرب منها، فقدم الشكر لله. عندئذ ظهر له الملاك غبريال على شكل صبي صغير حسن الصورة وبهي الملبس رافقه في الطريق حتى بلغ به إلى جبل أوريون بقرب شيهيت.
وعاش جاورجي يتدرب على يدي راهب قديس على حياة الصلاة وحفظ الكتاب المقدس مع النسك، وكان يود التوحد في البرية الداخلية لكن الله لم يسمح له.
وبتدبير إلهي إذ كان القديس انبا أبرام يتجول في الجبل التقى بالقديس انبا جاورجي في جبل القديس أوريون، فتحدثا معًا بعجائب الله، وشعرا باتفاق روحي في حياتهما واشتياقهما، فرأيا أن يعيشا معًا يسند أحدهما الآخر.... فذهبا إلى الكنيسة للصلاة وبقيا طوال الليل يطلبان مشورة الله من جهة قرارهما، وقد قيل أن القديس يوحنا المعمدان ظهر لهما وطلبا منهما أن يعيشا معا في إسقيط القديس مقاريوس.
فترك الأنبا جاورجي جبل أوريون بعد نواله بركة الآباء وانطلق إلى الإسقيط وكان قد سبقه الأنبا أبرام ليعد له مكانًا.... وهناك عرفه الأنبا أبرام بمعلمه القديس الأنبا يؤانس.... وسكنا معًا في قلاية تسمى بيجيج بجوار قلاية الأنبا يؤانس، وقد ظلت هذه القلاية من معالم الدير حتى القرن الرابع عشر حيث زارها القديس البابا بنيامين الثاني
ولما تنيح الأنبا يؤنس مرض الأنبا ابرام ثماني عشر سنة وكان أخوة القديس جاورجي يخدمه ويصلي من أجله ويقرأ له في الكتب المقدسة.. ولما قربت ساعته تناول الأسرار الإلهية ثم حضر إليه بالروح أبوه الأنبا يؤنس وعرفه ان السيد المسيح قد اعد له وليمة سمائية. وتنيح بسلام وهو ابن ثمانين سنة.
ولم يمض سوى حوالي خمسة أشهر حتى رقد أخوه القديس جاورجي بعد أن بلغ 72 عامًا ليدفن مع صديقه الحميم.
وتعيد الكنيسة القبطية بتذكار نياحة الأنبا أبرآم في التاسع من طوبة، والأنبا جاورجي في الثامن عشر من بشنس.
وكتب لنا القديس أنبا زخارياس أسقف كرسي صا (صا الحجر بكفر الزيات)، في القرن السابع، سيرة هذين القديسين، وكانا معاصرين له.
وسلامى لأنبا ابرأم وأنبا جاورجيوس الذين نالا الأنعام من فم الله القدوس
رشمهم بالصلبان بعلامة بى استافروس و صارا للمسيح فرسان فى أسقيط مقاريوس
بركه صلاته تكون معنا امين...
ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين...