كتب - محرر الاقباط متحدون
قال غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك لبنان، ان قوتنا ورأسمالنا هو وحدتنا الداخلية لكي نحافظ على لبنان ونعبر هذه المشاكل التي نواجهها اليوم، فيجب أن نصمد ونتكلم ونعيش قِيمنا ونحافظ عليها ونربي أولادنا وشبابنا عليها.

وامل غبطته أن تكون سنة 2024 سنة خير وبركة على جميع اللبنانيين وأن يعطينا الله نعمة الصمود في هذا الوطن، وهذا ما يفعله، فهو قد خلق هذا الوطن جنة، وقد ذكرته الكتب المقدسة أكتر من سبعين مرة، ففي كل مرة تحدثت عن عظمة الله، ذُكرت الجملة التالية: كالأرز في لبنان. هذه الصور الجميلة التي تُستعمل دليل على أن الله خلق لبنان الجميل، وهذه مسؤولية على عاتقنا أن نحافظ عليها، فهذا الوطن هو بيتنا المشترك، ويجب أن نحافظ عليه على صعيد حياتنا الاجتماعية والتعددية، وعندما يفقد لبنان هذه الميزة سيفقد دوره، ومن يعتقد أنه يمكنه أن يسيطر على هذا البلد عبر قتل ميزة التعددية يخطىء تماما، وهو يتسبب بمشاكلنا الداخلية. يجب أن نحافظ على وحدتنا في التنوع وهذه رسالتنا في هذا الشرق فكل بلدان الشرق الأوسط أحادية، اما في لبنان فهناك حرية رأي وتعبير وحرية الدين، ولا نريد أن نضيّع هذه الميزة في لبنان، فنحن بتنوعنا وطوائفنا التي تشكّل الكيان اللبناني يجب أن نعلم أننا عائلة واحدة لا يمكنها أن تفقد التنوّع.

واضاف غبطته: "بالتأكيد جميعنا نحمل الهمّ السياسي الذي يعيشه لبنان في غياب رئيس للدولة أي غياب رأس الدولة، فهل يريدوننا أن نعتاد على غياب رأس الدولة؟ هذا لن يحصل، فلا المجلس النيابي يمكنه أن يشرّع اذ فقد قدرته التشريعية، ولا الحكومة يمكنها أن تتخذ قرارات وتقوم بتعيينات، وهذا أمر غير مقبول ودائماً نعبّر عن هذا الموقف، فهذه هي المقاومة الحقيقية.

وختم البطريرك الراعي: " لقد اخترت شعار "شركة ومحبة" لاقول ان الشركة هي الوحدة والاتحاد بالله وما يقوّيها هي المحبة، ونحن بحاجة اليوم الى قلوب صافية محبة، وما يميزنا كلبنانيين هي المحبة لوطننا ولبعضنا البعض."
 
كلام غبطته جاء خلال استقباله وفدا من جامعة بني ضو، في الصرح البطريركي في بكركي، وقد القى باسمه النائب السابق نعمةالله ابي نصر كلمة قال فيها: "جئنا من كل المناطق اللبنانية مسيحيين ومسلمين وموحدين لنتشرف بزيارتنا التقليدية السنوية لمقامكم ولنعلن التالي:

نحن ضد التلاعب بديموغرافية لبنان عن طريق التجنيس بمراسيم لم تعرض على مجلس الوزراء قبل صدورها. نحن ضد التوطين والتهجير والهجرة وعدم معالجة اسبابها. نحن ضد بيع الارض للاجانب... نحن ضد سياسة التلاعب بديمغرافية لبنان لحساب طائفة على حساب طائفة اخرى. نحن ضد سياسة التمييز بين منطقة واخرى انمائيًا وبين مواطن وآخر في ادارات الدولة ومراكز القرار نحن مع استعادة الجنسية اللبنانية لاولادنا المغتربين"

وختم ابي نصر: " بعد مضي اكثر من 33 عامًا على توقيع وثيقة الوفاق الوطني، وولادة دستور جديد تبين اننا انتجنا نظامًا سياسيًا لا يخضع للمساءلة ولا للمحاسبة، ولا يؤمن بفصل السلطات ولا يقيم وزنًا للشعب. كذلك بعد مضي اكثر من سنة كاملة على الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، لماذا لا يجتمع اليوم نواب الامة وينتخبون رئيسًا جديدًا للبلاد؟"  

كذلك كانت كلمة للنائب مارك ضو جاء فيها: " لا يكتمل مشهد الحياة كما نراها وكما نرى هذا البلد الا ونحن مجموعين، ودائما نجتمع ليس فقط بسبب اسم العائلة، بل لأن هذا البلد وأرزه ورموزه كغبطتكم يجمعوننا. لهذا السبب جئنا نقول إن هذا البلد أكبر بكثير من حسابات ديموغرافية ومناطق وزعامات وكراسي ومناصب، هذا البلد يحتوي على هذا التعددية التي تُغني وتخلق مساحة يجتمع فيها الجميع لخلق صورة مميزة في كل العالم.

يمكن بناء كنائس وجوامع ولكن لا يمكن خلق القصص المشتركة بين الناس والتبادل الثقافي، وأنا تربيت في بيت يضع شجرة عيد الميلاد، وما زلت أرى هذه الثقافة التفاعلية وهذا الرابط الاجتماعي هو دليل قوة، فالضمانة لم تكون يوماً بعدد الأشخاص، بل بالحرية والتمسك بالمؤسسات، حرية المعتقد وحرية الرأي السياسي، وحرية الانتماء قوة وإيمان لكل ما نراه مفيدا لهذا البلد، وفي نفس الوقت حرية التعبير كي يكون الصوت عالياً، ومن هنا انتقلنا الى المؤسسات التي تجمع بدورها هذه التعددية الاجتماعية والتربوية والثقافية. نحن اليوم في هذا البلد بأمس الحاجة لقيامة المؤسسات والدولة، بدءاً من رئيسها وحكومتها، وقد رأينا اليوم ما حصل من تصويت على إقرار قوانين ومن ثم سحب التصويت، لذا اليوم لبنان أم خيارين، إما أن نستمر بمنطق الحرب والميليشيات، أو ننتقل الى منطق الدولة لأنه لا يمكن لأي ميليشيا أن تحمي لبنان لا في الشمال ولا في الجنوب، ما يحمي لبنان هو الجيش اللبناني والحكومة والمؤسسات الدستورية، وقد رأينا أنه ما من قوة ردع أقوى من اتحاد الشعب اللبناني، والدليل وصول أشخاص الى المجلس النيابي لا يأتون من أي خلفية حزبية أو انتماء حزبي، بل لأن هناك إرادة ناس للتغيير تعبت من منطق تحكّم الميليشيات بالدولة. هذه المناسبة هي لنثبت أن ارتباطنا بهذا البلد لا يمكن أن يزول، والتحدي يبقى كيف سنعيش في هذا البلد."

وكان البطريرك الراعي قد استقبل قبل الظهر عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط وقد تناول البحث ٣ نقاط أساسية: سبل حماية لبنان، وضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لتأمين حضور لبنان في مفاوضات ترتيب المنطقة، والازمة المعيشية  وهموم  وحاجات الناس خصوصاً في ما يتعلق بإعادة تفعيل الضمان الاجتماعي.

بعد اللقاء شدد الحواط على ضرورة تطبيق القرارين الدوليين ١٧٠١ و ١٥٥٩ لنزع فتيل الحرب وإبعادها عن لبنان وتوفير الحماية المطلوبة للبنانيين وإعادة السيادة للدولة بحيث لا يكون سلاح خارج الشرعية ويعود قرار الحرب والسلم وعلاقات لبنان الخارجية بيد الشرعية اللبنانية. وطالب بالاسراع بانتخاب رئيس الجمهورية ليواكب المرحلة الدقيقة والحساسة من حاضر لبنان والمنطقة، وحتى يكون لبنان معه حاضرا على طاولة المفاوضات فلا تأتي الحلول على حسابه.

وفي الشأن الاجتماعي الضاغط على اللبنانيين شدد الحواط على ضرورة تفعيل عمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مؤكداً التواصل مع المدير العام للصندوق الوطني الاجتماعي لاطلاق مبادرة تعزز هذا الصندوق وتؤمن التغطية الصحية للمشتركين.

ولفت إلى أن انتخاب رئيس للجمهورية يعيد انتظام عمل الإدارات والمؤسسات ويفتح باب السيادة والاستقرار والاصلاح.