د.عوض شفيق
ما هى التدابير المؤفتة المطلوبة لمنع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى؟
تحية وتقدير لفريق العمل الجماعى القانونى لجنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى اتفاقية منع ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
لم أشعر بفخر كهذا بعد فشل الدبلوماسية الدولية بوقف اطلاق النار ومنع ارتكاب افعال الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى فى غزة .
أفتخر عندما يكون القانون هو الذى يتصدر الخطوط الأمامية لمكافحة جريمة الإبادة الجماعية التى يشتهر بوصفها "جريمة الجرائم" أو "أم الجرائم".
ولـ "لأم الجرائم" هذه أبعاد تاريخية وفلسفية واجتماعية وانثروبولجية لم يستوعبها التعريف القانونى بالكامل فى اتفاقية منع الابادة الجماعية 1948.
تعتبر اتفاقية منع الإبادة الجماعية من الاتفاقيات المتعددة الأطراف تفرض التزامات على الدول الأعضاء فى الاتفاقية.
وللعلم وحتى تاريخه الآن بلغ عدد دول الأعضاء فى الاتفاقية 153 دولة عضو من بينهم إسرائيل و 43 دولة عربية واسلامية. و"الدول ملزمة بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية، من خلال أفعال الأجهزة أو الأشخاص أو الجماعات التابعة لها، أو التى تُعزى إليها أفعالها" ولكن المسؤولية الدولية التى تقع على عاتق الدولة وهنا إسرائيل عن الإبادة الجماعية تختلف تماما فى طبيعتها عن المسؤولية الجنائية للأفراد والقادة المسؤولين من القيادات الإسرائيلية من حكومة ومجلس الحرب. وفى المرحلة الحالية من الدعوى يكون للمحكمة العدل الدولية اختصاص فى اتخاذ التدابير المؤقتة لمنع الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى فى الأسابيع القادمة لأخر الشهر نظرا لانه سوف يتم الشهر المقبل انتخاب قضاة المحكمة الذين انتهت ولايتهم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وهذا هو الفرق بين اختصاص محكمة العدل الدولية فى تحميل الدولة مسؤوليتها عن الالتزامات المفروضة على الدول الأطراف فى الاتفاقية التى تم انتهكها من الجانب الإسرائيلى باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع الإبادة الجماعية والتعويض عن الأضرار الناتجة عن التدمير الكلى أو الجزئى للشعب الفلسطينى . وتحديد وترتيب أشكال المسؤولية الجنائية للافراد والقيادات الإسرائلية ومكافحة افلات هؤلاء القادة الرسميين من العقاب التى هى من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
التدابير المؤقتة المطلوبة
" وعلى أساس الوقائع المبينة أعلاه، تطلب جنوب أفريقيا، باعتبارها دولة طرفا في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، إلى المحكمة بكل احترام، على سبيل الاستعجال الشديد، ريثما تبت المحكمة في ما يلي: بشأن موضوع هذه القضية، للإشارة إلى التدابير المؤقتة التالية فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني باعتباره مجموعة محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. وترتبط هذه الإجراءات بشكل مباشر بالحقوق التي تشكل موضوع نزاع جنوب أفريقيا مع إسرائيل:
1. (1) يجب على دولة إسرائيل أن تعلق فوراً عملياتها العسكرية في غزة وضدها.
2. (2) تضمن دولة إسرائيل أن أية وحدات مسلحة عسكرية أو غير نظامية قد تكون
لا تقوم بتوجيهها أو دعمها أو التأثير عليها، وكذلك أي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، بأي خطوات لتعزيز العمليات العسكرية المشار إليها في النقطة (1) أعلاه.
(3) تتخذ كل من جمهورية جنوب أفريقيا ودولة إسرائيل، وفقا لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، جميع التدابير المعقولة التي في حدود سلطتها من أجل منع الإبادة الجماعية.
(4) ستقوم دولة إسرائيل، وفقا لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني كمجموعة محمية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الإبادة الجماعية، الكف عن ارتكاب أي وجميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص:
(أ) قتل أعضاء الجماعة؛
(ب) التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء المجموعة؛
(ج) فرض ظروف معيشية متعمدة على المجموعة من أجل تحقيقها
التدمير المادي كليًا أو جزئيًا؛ و
(د) فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة.
(5) يجب على دولة إسرائيل، عملاً بالنقطة (4) (ج) أعلاه، فيما يتعلق بالفلسطينيين، التوقف عن اتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها بما في ذلك إلغاء الأوامر ذات الصلة والقيود و/أو الحظر على يمنع:
1. (أ) الطرد والتهجير القسري من منازلهم؛
2. (ب) الحرمان من:
(ط) الحصول على الغذاء والماء الكافي؛
(2) الحصول على المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الحصول على الوقود الكافي والمأوى والملابس والنظافة الصحية والصرف الصحي؛
(3) الإمدادات والمساعدة الطبية؛ و
(ج) تدمير الحياة الفلسطينية في غزة.
(6) تضمن دولة إسرائيل، فيما يتعلق بالفلسطينيين، أن جيشها، وكذلك أي وحدات مسلحة غير نظامية أو أفراد قد يتم توجيههم أو دعمهم أو التأثير عليهم بأي شكل آخر، وكذلك أي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسلطتها. السيطرة أو التوجيه أو التأثير، لا ترتكب أي أفعال موصوفة في (4) و (5) أعلاه، أو تشارك في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أو محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، وبقدر ما وأثناء قيامهم بذلك، يتم اتخاذ الخطوات اللازمة لمعاقبتهم وفقًا للمواد الأولى والثانية والثالثة والرابعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها." (الفقرة 144 من صحيفة الدعوى)
القصد الخاص جوهر الإبادة الجماعية
وأخيرا، واقول دائما فى إنه متى استوفيت الشروط القانونية فى إثبات القصد الخاص للابادة الجماعية يجب ألا يستحى القانون من الإشارة إلى الجريمة باسمها الصحيح "جريمة الابادة الجماعية جريمة الجرائم أو أم الجرائم ".
وللذين يخشون من تسيس الحكم، أقول لهم أنه فى فقه المحاكم الدولية أن أى قضية دولية مرفوعة أمامها تكون ذات طابع سياسى وقانونى وتعمل المحكمة جاهدة فى نزع القضية من طابعها السياسى وتبحث فى الجوانب القانونية لتقييم مشروعية السلوك الإجرامى الدولة الطرف فى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
والقصد الخاص هو جوهر الإبادة الجماعية، والسمة المميزة لهذه الجريمة الخاصة حسب أحكام القانون الدولى. وتتجلى خطورتها فى الشرط الصارم المتعلق بالقصد الخاص. وقد شددت محكمة العدل الدولية فى سوابقها القضائية السابقة، على أهمية ما يوصف بعبارات متنوعة، بما يلى "القصد الخاص"المعرف باللغة الانجليزية Special intent أو Specific intent أو باللاتينية بـ doulus specialis مؤكدة أنه : " إذ يجب أن يكون مرتكب الجريمة قد أتى الأفعال المنصوص عليها حصرا فى المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية بقصد إهلاك الجماعة بصفها هذه كليا أو جزئياً. وتؤكد عبارة "بصفتها هذه" على قصد إهلاك الجماعة المشمولة بالحماية".
وأشارت وأكدت فقه المحاكم الحنائية الدولية وفيما يتعلق بدليل القصد الخاص، أثبت فقه المحاكم الخاصة أن الأدلة الظرفية قد تكفي في حالة عدم وجود أدلة مباشرة: يمكن الاستدلال على القصد الخاص من الوقائع والظروف المحيطة التي قد تشمل: السياق العام؛ أو ارتكاب أعمال أخرى تستوجب التأثيم موجهة بشكل منهجي إلى الجماعة ذاتها؛ أو نطاق الفظائع المرتكبة؛ أو الاستهداف المهنجي للضحايا بسبب انتمائهم لجماعة معينة؛ أو إثبات الحالة الذهنية لدى ارتكاب الأفعال التي تشكل الجريمة، وتكرار الأعمال الإهلاكية والتمييزية؛ أو وجود خطة أو سياسة.
وفى انتظار الحكم باتخاذ تدابير مؤقتة للتدابير السالفة الذكر كاجراء استثنائى ريثما النظر فى الاحكام الموضوعية بإدانة أسرائيل وتحمليها المسؤولية القانونية الدولية وفقا لاختصاص المحكمة المحكمة وتجريم أفعال الإبادة الجماعية وفقا للمسؤولية الجنائية الدولية للأفراد والمسؤولين الرسميين.
د. عوض شفيق
محام دولى