ياسر أيوب
إذا كانت أوروبا هى التى اخترعت كرة القدم وعلمتها للعالم ثم احتكرت أضواءها ونجومها.. وأحالتها أمريكا اللاتينية استعراضًا راقصًا صاخبًا ومجنونًا تتعانق فيه القلوب والأقدام.. وعاشت معها إفريقيا أحلامها الممكنة والمؤجلة واستعادت بها بعض كبريائها وحقوقها.. فإن قارة آسيا هى كرويًّا قارة الغرائب والعجائب والأسرار والمفاجآت بدليل بطولة أمم آسيا التى ستبدأ اليوم فى قطر.
ورغم أن الآسيويين لم يلعبوا كرة القدم بشكل حقيقى إلا بعد الأوروبيين واللاتينيين والأفارقة، فإنهم كانوا أصحاب ثانى بطولة قارية فى التاريخ بعد بطولة أمريكا اللاتينية التى بدأت 1916.. وبدأ الآسيويون بطولتهم 1956 قبل بطولتى إفريقيا 1957 وأوروبا 1960، ورغم ذلك لم تحظَ بطولة آسيا بما يليق بتاريخها من أضواء واهتمام.. وكانت البطولة الأولى فى هونج كونج، التى اشتهرت بأمور كثيرة ليست منها كرة القدم.
وأكثر البلدان فوزًا بها هى اليابان، التى ليست كرة القدم لعبتها الأولى.. وبعد فوز الأرجنتين بكأس أمريكا اللاتينية ثلاث مرات متتالية فى 1945 و1946 و1947. شهدت آسيا هذا الإنجاز الكروى حين فازت إيران ببطولتها ثلاث مرات متتالية أيضًا فى 1968 و1972 و1976.. وبعد آسيا شهدت إفريقيا ثلاث بطولات متتالية لمصر فى 2006 و2008 و2010، ولم تنجح دولة أوروبية حتى الآن فى تحقيق ذلك.
ورغم غياب عرب آسيا عن هذه البطولة فى الثلاث دورات الأولى، فإنهم كانوا فيما بعد الأكثر فوزًا بها بأربع بطولات للسعودية وبطولة واحدة لكل من الكويت والعراق وقطر. وشاركت إسرائيل فى البطولة الأولى، واحتلت المركز الثانى فى أول بطولتين، واستضافت البطولة الثالثة 1964، وفازت بها كبطولة أولى وأخيرة للكرة الإسرائيلية.. ونجح العرب فى 1976 فى إبعاد إسرائيل من الاتحاد الآسيوى لتنضم إسرائيل بعدها للاتحاد الأوروبى.
وغير إسرائيل احتلت ثلاثة بلدان المركز الثانى لهذه البطولة رغم غياب التاريخ والمكانة الكروية.. الهند 1964 وبورما 1968 والصين 1984 و2004.. وسبق أن احتلت المركز الرابع جنوب فيتنام 1956 و1960 وكمبوديا 1972 وكوريا الشمالية 1980.. وكانت الكويت فى 1980 أول دولة عربية تفوز بالبطولة، وفازت قطر بالبطولة الأخيرة 2019.. وتستضيف قطر البطولة الجديدة، التى يفتتحها العرب اليوم بمباراة بين قطر ولبنان.. وتشارك فى البطولة الجديدة أيضًا السعودية والعراق وعمان والإمارات والأردن والبحرين وسوريا وفلسطين.
ويصعب توقع الدولة التى ستفوز بالكأس فى النهاية رغم ترشيحات كثيرين للسعودية وكوريا الجنوبية واليابان.. فالبطولة الآسيوية تحفل دائمًا بالمفاجآت، وتبدو قاسية أحيانًا وكريمة جدًّا أحيانًا أخرى مثلما أهدت كأسها للعراقيين فى 2007، فى وقت كان العراقيون فيه يحتاجون للفرحة، وسط ظروف صعبة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.
نقلا عن المصري اليوم