اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد أخميم'>القديسين أنبا ديسقورس وأخيه أنبا اسكلابيون بأخميم (١ طوبة) ١٠ يناير ٢٠٢٣
في مثل هذا اليوم تذكار استشهاد أخميم'>القديسين أنبا ديسقورس وأخيه أنبا اسكلابيون بأخميم (من شهداء أخميم الأبرار ).
وكانا ابنيّ رجل من ذوي اليسر تقي محب لله من أبناء أخميم، يُدعى أمونيوس. لم يكونا قد بلغا الخامسة والعشرين من عمرهما، إذ أرادا أن يعيشا متعبدين لله، متمثلين بالقديس ماريوحنا المعمدان وإيليا النبي، باعا كل ما ورثاه من والدهما وقدماه للمساكين والأرامل والأيتام، وأخذا القليل لما يكفي حاجتهما الملحة.
وبعد نياحة أبيهما مضيا إلى جبل أخميم. التقيا بمعلم كاهن يدعى الأنبا موساس، كان يسكن في البرية متعبدًا عند عين ماء نابعة في وسط صخرة مع بعض النساك. ذهبا بناء على رؤية ظهرت لهما وفي نفس الوقت ظهرت للأنبا موساس توصيه بهما.
وأخبرهما الأنبا موساس بأن الأول سيسام قسًا والثاني شماسًا، وأنهما سينالا إكليل الشهادة مع جموع غفيرة من بلدهما.
وإذ جاءت ساعة انتقال الأنبا موساس في السابع من شهر بؤونة أبصر القديسان وباقي اخوتهما بعضًا من الملائكة يحملون روح القديس موساس إلى العُلا وهم يسبحون أمامه. دُفن القديس بجوار العين التي في الوادي وظل الأخوان يمارسان حياة الصلاة والنسك بلا فتور.
وفي أحد الأيام أراد القديسان ديسقورس واسكلابيوس النزول إلى أخميم ليبتاعا ما يحتاجان إليه، فأمسكهما أهل المدينة، ومضيا بهما إلى الأنبا قامسطاكلا أسقف أخميم، فسام الأول قسًا والثاني شماسًا بغير إرادتهما. وسمع الأسقف أثناء السيامة صوتًا صارخًا في المذبح يقول في كل مرة: "مستحق، مستحق، مستحق".
وإذ سيم الاثنان بغير إرادتهما سمعا بالليل صوتًا من السماء يخبرهما بأن اضطهادًا سيحل بالمدينة وأن الشعب محتاج إلى مساندتهما.
وقد اشتهر بنالوجيوس والي أخميم ببغضه للمسيحيين، فقبض على الأسقف والكهنة وكان يضربهم بالمقارع. وإذ علم القديسان بذلك أرسلا إليه قائلين: "كف عن اضطهاد المسيحيين لئلا يحل عليك غضب الله". فعزّ على الوالي أن يخاطباه هكذا، فهدد بأنه سيذهب إليهما في اليوم التالي ويعذبهما. وإذ ابتعد عن المدينة قليلًا ألقاه حصانه على الأرض ورقد عليه فمات في الحال.
وعلمت كل المدينة بما حدث للوالي، فخاف الكل الرب، خاصة الجند.
وأقام القديسان في جبل أخميم قرابة خمسة وأربعين عامًا في فرحٍ وتهليلٍ مع الإخوة النساك. وكان القديسان ينزلان أثناء المحن والضيقات لمساندة المؤمنين.
وظهر لهما رئيس الملائكة ميخائيل بينما كانا يصليان تحت صخرة في الجبل، وعرّفهما بالاضطهاد المزمع أن يحل بمدينة أخميم، وطلب إليهما أن ينزلا إلى المدينة ليثبّتا الشعب، كما أنبأهما بأنهما سينالا إكليل الشهادة.
ونزلا إلى المدينة فوجدا أريانا الوالي قد وصل إليها ونصب محكمة وبدأ يحاكم المسيحيين ويعذبهم.
وثار أريانا الذي بدأ حملته باضطهاد المسيحيين بأخميم، وقد وجد مسرته في منشور دقلديانوس ضد الكنيسة، إذ وجد ذلك تجاوبًا مع أعماقه. عندما بلغ المدينة وقرأ منشور الإمبراطور هتف الشعب كله الذي جاء لاستقباله ضد الإمبراطور. حاول أريانا أن يؤكد لهم ضرورة تنفيذ الأوامر فهزءوا به وتركوه.
وصمم أريانا أن يقضى على كل المسيحيين في أخميم، فطلب الكهنة الوثنيين بالمدينة ليذهبوا معه إلى هيكل الوثن بامين ناجوس. كم كانت ثورته حينما علم كاهن الوثن العظيم ويدعى أبسكنده قد قبل الإيمان المسيحي ومعه مجموعة من كهنة الأوثان. حسب هذا كله إهانة للإمبراطور وله شخصيًا فأراد الانتقام.
وأطاع القديسان أمر رئيس الملائكة ميخائيل ونزلا إلى أخميم ومعهما الإخوة النساك. كانوا في طريقهم إلى أخميم كمن يصعدون إلى أورشليم. فكانوا يترنمون بالمزامير قائلين: "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب. ننطلق وأقدامنا قيام في ديار أورشليم. أورشليم المبينة كالمدينة المحيطة بها سور. هناك صعدت القبائل، قبائل الرب. اشكروا اسم الرب".
وإذ وصل هذا الفريق الملائكي المسبِّح وجدوا الشعب قد اجتمع بفرح ليعيدوا عيد الميلاد المجيد بغير خوفٍ، وقد استعدوا جميعهم للاستشهاد على اسم السيد المسيح. وكان من بينهم كاهن الوثن العظيم أبسكنده والكهنة وجمع كبير من الوثنيين الذين آمنوا. جاءوا جميعهم وظلوا يصرخون في انتظار ساعة الاستشهاد قائلين: "يا رب خلصنا. يا رب نجنا. مبارك الآتي باسم الرب".
فتحدث القديس ديسقورس مع الشعب عن الأكاليل السماوية المجيدة التي تنتظرهم بعد الاستشهاد، وأن آلام هذا العالم لا تقارن بالمجد العتيد. وتحدث أيضًا معهم أبسكنده وكهنة الوثن الذين آمنوا وكان عددهم سبعين.
وأقيم قداس عيد الميلاد المجيد وكان يحتفل به الأنبا أباديون أسقف أنصنا الذي صحبه معه أريانا، وكان أسقف أخميم أوضاكيوس قد تنيح قبل ذلك بقليل. وكان القداس غير عادي، فقد أرادت السماء أن تسند كنيسة المسيح المجاهدة. فعندما جاء وقت الترنم بالتسبحة السمائية "قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت" إذا بالشعب يسمع أصوات الملائكة تترنم معهم. وفجأة ظهر السيد المسيح على المذبح وحوله الملائكة.
وكان الشعب يصلى بأصوات مدوّية عالية وفي حماس شديد. وإذ انتهى القداس الإلهي كان أريانا خارج الكنيسة يطلب مقابلة الأراخنة. صار يبكتهم على عدم طاعتهم لأوامر الإمبراطور، أما هم فبشجاعة أعلنوا أن الشعب كله قد جاء لتقديم الصلوات للسيد المسيح الذي وُلد في بيت لحم من أجلهم.
فضرب الوالي عنقيّ اثنين من الشعب لكي يرهب الكل، فإذا بالكل يعلنون استعدادهم للاستشهاد من أجل المسيح.
وقتل الوالي الكاهن الوثني أبسكندة وكهنته والوثنيين الذين قبلوا الإيمان بالمسيح. وأمر بأن يوثق الأسقف أباديون (ابنوديون) والرهبان لمحاكمتهم. أما الكهنة والشمامسة والأراخنة فتقدموا بفرحٍ لنوال أكاليل الاستشهاد. ثم جاء دور جميع الشعب، فكان الجنود يضربونهم بالسيوف ويقطعون أحيانًا بعض أعضاء جسمهم لتعذيبهم.
وبينما كان الجند في وحشية يقتلون إذ بالجماهير قادمة من الكنائس القريبة تطلب الاستشهاد.
إذ رأى الوالي الجماهير الغفيرة قادمة خاف فطلب من الجنود أن يستقبلوهم ويدخلوا بهم إلى الكنيسة ويقتلوهم هناك.
كانا القديسين يثبتان الناس على الإيمان المسيحي ويعلّمان الشعب، ثم أعلنا إيمانهما أمام الوالي وأخبراه عن قصة رؤية ملاك الذي أُرسل لهما لتثبيت إيمان المسيحيين في أخميم. فلما سمع أريانا ذلك قال: "ما هذه الخرافات، هلم بخِّرا الآن لئلا تعاقبا لجحودكما" حينئذ أجاباه: "نحن لا نضحي للآلهة، ونحن لا ننسى الذين استشهدوا في هذا اليوم، فقد كنّا نرى أرواحهم صاعدة أمامنا إلى السماء، ونحن مستعدون كذلك أن نموت مثلهم. ومهما أردت أن تفعل فاصنع بنا لنلحق باخوتنا". فغضب الوالي وأمر جنوده أن يضربوا القديسين ومن معهم بالدبابيس، وعذبوهم بأنواع عذابات مختلفة، وقيدوهم ووضعوهم في حبس، وكان يحرسهم أربعون جنديًا على رأسهم أقلوديوس وفليمون.
في منتصف الليل ظهر ملاك الرب إلى ديسقورس وقال له: "قم صلِ فإن أقلوديوس وفليمون وجنودهما سوف يسبقونك، ويصيرون تقدمة لله في هذه المدينة". فظن القديس أن أحد الإخوة هو الذي يكلمه، فقال له: "كيف أقدر القيام الآن؟" أجابه الملاك: "قم صلِ لأن الرب يحل المقيدين". وللوقت انحلّت القيود التي كان مقيدًا بها وكذا قيود جميع المعترفين. فقاموا جميعًا وسبحوا الله ومجدوا اسمه، وكان نور سماوي يشرق من مكان الحبس ويضيء على أقلوديوس وفليمون.
لما شاهد الجنود هذا كله دخلوا واعترفوا أمام أريانا. وبعد أن عذبهم أمر بطرحهم في النار ومعهم أقلوديوس وفليمون. وكان ذلك في اليوم الأخير من شهر كيهك
وفى أثناء ذلك انفتحت عينا الطفل الصغير زكريا بن فاج الصياد، فرأى جماعة من النورانيين يحيطون بكومة نار كانت قد أُعدت، وطرح فيها أقلوديوس وفليمون والأربعون جنديًا. رأى هؤلاء النورانيين يمدون أيديهم لتأخذ نفوس الذين في النار وتضع عليها أكاليل نورانية.فصار الطفل يصرخ طالبًا من أبيه أن ينظر إلى النورانيين. وإذ سمعت الجموع ذلك اندفعت نحو الطفل الصغير يسألونه عمّا يراه. إذ رأى الوالي اندفاع الجماهير نحو الطفل وعرف السبب أمر باستدعائه وقطع لسانه، فحمله أبوه بنفسه على ذراعه وهم يقطعون لسانه. لكن سرعان ما ظهر رئيس الملائكة ميخائيل وشفاه، فصار الطفل يتكلم متهللًا.فأسرع الأب يخبر الوالي بعمل الله مع ابنه، فأمر بحرقهما معًا، ونالا إكليل الشهادة.
فاندفعت الجماهير الوثنية نحو الوالي تعلن إيمانها بالسيد المسيح، وكان عددهم حوالي ٦٤٠ شخصًا نالوا جميعًا إكليل الشهادة.
وقبل استشهاد ديسقورس ومن معه، أمر الوالي بتقييدهم ووضعهم في حبس تحت حراسة أولاجيوس رئيس الجنود الذي كان معه عدد كبير من الجنود.
لاحظ أولاجيوس عمل الله الفائق مع هؤلاء القديسين وكان يخشاهم. وفي الهزيع الثالث من الليل نزل رئيس الملائكة ميخائيل وحل أربطة المأسورين. وأمر الملاك ديسقورس والمأسورين أن يصلوا من أجل أولاجيوس وجنوده الذين سيسبقوهم في الاستشهاد. صلّى الجميع من أجلهم وظلّوا يسبحون الله حتى الصباح الباكر.
وفي الصباح رأى أولاجيوس ما حدث، وأوصاه ديسقورس أن يحتمل هو ومن معه الأتعاب التي ستحل بهم كشركة مع المسيح في آلامه وصلبه.
وجلس الوالي في مكان الحكم، وتقدم أولاجيوس وشهد بإيمانه أمام الوالي، في نفس الوقت طلب الوالي إحضار ديسقورس ومن معه.
وإذ أعلن الكل إيمانهم بالسيد المسيح أمر الوالي بحرق أولاجيوس وجنوده، وكان عددهم مائتين وثمانية وأربعين شخصًا، وتمت شهادتهم في أول طوبة.
وبعد أن تم استشهاد أولاجيوس ومن معه أشار مرافقو الوالي عليه أن يسرع بالحكم في قضية ديسقورس وسكلابيوس ومن معهما. فأمر الوالي بقلع عينيّ ديسقورس. ولكن ميخائيل رئيس الملائكة سرعان ما تناول حدقتيّ العينين من يديّ الجندي وأرجعهما إلى عينيّ القديس فأبصر في الحال. لذلك أمر الوالي بأن تقطع رأس ديسقورس وأن يقطع سكلابيوس أخوه من وسطه نصفين، وأن تشق أجسام الأربعة وعشرين راهبًا الذين كانوا معهما. فتم ذلك واستشهد هؤلاء الأبطال ولبسوا الأكاليل النورانية. وكان ذلك في الساعة السادسة من النهار في اليوم الأول من شهر طوبة.
بركه صلاتهم جميعاً تكون معنا كلنا آمين...
ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين...