محرر الأقباط متحدون
أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع رئيس أساقفة حمص المطران جاك مراد بعد أن قرر برنامج الأغذية العالمي، بدءا من الأول من كانون الثاني يناير الجاري، أن يعلق برنامج المساعدات المخصصة لسورية، وقال سيادته بهذا الصدد إن عائلات سورية كثيرة تأكل مرة في اليوم الواحد وتفتقر إلى وسائل التدفئة وتساءل ما هو الذنب الذي ارتكبه الشعب السوري كي يُحكم عليه بالموت؟
قرر برنامج الأغذية العالمي لستة أشهر خلت أن يقلص حجم مساعداته الغذائية المخصصة لسورية، قبل أن يقرر تعليقه بالكامل بدءا من الأول من الشهر الجاري، مع العلم أن أكثر من خمسة ملايين شخص في سورية كانوا يعتمدون على المعونات الغذائية والسلع الضرورية الأخرى التي كانت توفرها لهم الوكالة الأممية، في بلد أنهكته ثلاث عشرة سنة تقريباً من الحرب، بالإضافة إلى الزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد في شباط فبراير المنصرم.
وأوضح برنامج الأغذية العالمي أن قراره هذا ينبع من عدم توفر الاعتمادات اللازمة، لاسيما في أعقاب سنتين من جائحة كوفيد ١٩ وعلى أثر اندلاع الحرب في أوكرانيا ثم في قطاع غزة، وهذه الأحداث أدت إلى تصفير الميزانية التي كانت متاحة للبرنامج. مما لا شك فيه أنه ستترتب على هذا القرار نتائج وخيمة في سورية خصوصا وأن أكثر من اثني عشر مليون شخص يعانون من مشاكل مرتبطة بالأمن الغذائي.
في حديثه لموقعنا الإلكتروني قال المطران جاك مراد، والذي عُين منذ سنة رئيس أساقفة على حمص، ثالث أكبر مدينة سورية من حيث المساحة، قال إنه حُكم على الشعب السوري بالموت ولا يستطيع أن يقول شيئا. وعلق على قرار الوكالة الأممية معتبراً أنه رهيب وظالم، وتساءل لماذا وصلت الأمور عند هذا الحد، مضيفا أن العالم يقول على ما يبدو للشعب السوري إنه حُكم عليه بالموت دون أن يتمكن من رفع الصوت أو أن يتفوه بكلمة. وقال: لماذا يحصل ذلك؟ ما هو ذنب الشعب السوري؟
كلمات المطران مراد نابعة من القلب وتعبر عن المعاناة التي يعيشها هذا الشعب منذ سنوات طويلة، نتيجة حرب يبدو أنها لا تعرف نهاية وما تزال تقضي على كل بصيص أمل. وتابع سيادته قائلا إن القرار اتُخذ كي يوضع الشعب السوري في حالة من اليأس التام، ومن أجل إطفاء أي نور يمكن أن يبقى مضاءً بفضل إيماننا ورجائنا. وأضاف أن المنظمات غير الحكومية والكنيسة الكاثوليكية صنعت المعجزات في سورية خلال السنوات الماضية، وقدمت الدعم للسكان بشتى الوسائل المتاحة لديها. ويتساءل كثيرون اليوم عما سيحصل في المجتمع بعد تعليق برنامج المساعدات الغذائية، علما أنه يوفر الدعم لثلثي الشعب السوري.
ولفت رئيس أساقفة حمص في هذا السياق إلى أن الكنيسة والمنظمات غير الحكومية لا تستطيع أن تلبي احتياجات الشعب كله، لأن قدراتها التمويلية محدودة. كما أن إيصال المال إلى سورية بات مستحيلاً بسبب العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وتساءل هنا كيف يمكن أن يبقى الشعب السوري على قيد الحياة، خصوصا وأن عائلات كثيرة تأكل مرة واحدة في اليوم ولا تملك وسائل التدفئة ولا تستطيع شراء الوقود أو الحطب. وقال سيادته: إننا نعيش في العتمة التامة، والمدن السورية تفتقر إلى الكهرباء، مشيرا إلى أن الأحياء الثرية التي تعيش فيها نسبة خمسة بالمائة من السكان لا تقدم صورة حقيقة عن واقع الشعب السوري.
في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني أطلق المطران جاك مراد نداءً تساءل فيه لماذا توجد نية في ترك الشعب يموت؟ وقال إنه يود أن يوجه هذا السؤال إلى العالم كله، مضيفا: لا يعقل أن يتخلى العالم بأسره عن الشعب السوري، ماذا فعل هذا الشعب كي يُحكم عليه بالموت؟