الجيش المصري يبتعد عن أزمة سياسية
عاد المحتجون المصريون إلى ميدان التحرير، وفي مرمى نيرانهم الرئيس محمد مرسي؛ لكن الجيش الذي كان في قلب الاضطراب السياسي في البلاد حتى أوائل العام الحالي، ابتعد عن الأزمة ويرجح أن يظلّ بعيدا.
لم يقم الجيش بدور ملحوظ على الساحة السياسية، منذ أن حال مرسي، كبار القادة العسكريين للتقاعد في أغسطس الماضي، أبرزهم المشير محمد حسين طنطاوي، وليس هناك بادرة على أن الأمر سيتغير بعد الأزمة التي تسبب فيها إعلان دستوري أصدره مرسي، يوم الخميس الماضي، موسعا سلطاته.
وقال عسكري كبير، رفض نشر اسمه: "المجلس العسكري والقوات المسلحة تركا الساحة السياسية، بعد تسليم السلطة للرئيس المنتخب".
وأضاف: "القوات المسلحة عادت الآن إلى دورها الطبيعي؛ وهو حماية الدولة"، مضيفا أن الجيش لن يتدخل إلا إذا دعيّ لحماية الشعب، في حال نشوب أزمة.
ويعكس ذلك خطأ انتهجه الجيش؛ يتمثّل في حماية الدولة، وأنه لن يتدخل إلا بطلب، وهو خط يقول محللون ودبلوماسيون، إن المرجح أن يتمسك به العسكريون خشية وقوع مزيد من الأضرار لسمعتهم التي تلقت ضربة خلال الفترة الانتقالية المضطربة، التي كانوا مسؤولين فيها عن إدارة شؤون البلاد.
ويقول محللون ودبلوماسيون إن كثيرا من الضباط شعروا بالقلق من المعارضة المتزايدة لدور الجيش في السياسة، وهي أمر يقوض سمعتهم، ويهدد القطاع الضخم من الاقتصاد الذي يديره الجيش.
وقال محمد قدري سعيد، عسكري سابق يرأس وحدة الدراسات العسكرية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "الجيش خارج الصورة الآن"، وأضاف أن الأمور تغيرت عندما أُبعد طنطاوي وعنان.
وقال الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، في حفل تخرج عسكري قبل أيام، إن ولاء القوات المسلحة للشعب والدولة، وأضاف في تصريحات له أن مهمة القوات المسلحة هي حماية البلاد في الداخل والخارج.
يعتقد الدبلوماسيون والمحللون، أن الجيش لن يتدخل إلا في أزمة تصل لمستوى الانتفاضة التي أطاحت بمبارك، وإلى الآن لم يصل مستوى الاحتجاجات والعنف إلى المستوى الذي سبق إسقاط الرئيس السابق.
قال إليجا زروان، وهو زميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "الانطباع القوي الذي لديّ، هو أن الجيش صار فعلا خارج السياسة الداخلية، والطريقة الوحيدة التي أتوقع بها أن يتدخلوا، هي أن يكون هناك اضطراب خطير، وأن يكون تدخلهم بطلب من مرسي".
قال زروان: "أظن أن كثيرا من العسكريين كانوا غير مستريحين أن يستمر الجيش في لعب دور مباشر في سياسة البلاد، شاعرين بأن هذا الدور خطير على البلاد ويضر بهيبة الجيش".
ولا يزال الجيش محتفظا بنفوذ على شؤون البلاد، وكان من ذلك دوره في ملاحقة متشددين إسلاميين في سيناء، التي ضعفت فيها قبضة الشرطة بالقرب من الحدود الحساسة مع إسرائيل.
ويقول المحللون إن هناك إمكانية أن تكون هذه المصالح عُرضة للتساؤل من جانب مدنيين؛ إذا أصرّ العسكريون على التعلق بالسلطة السياسية أكثر مما تعلقوا بها.
وفي الوقت الحالي، لا يوجد دور واضح للجيش في وقت لا يوجد فيه رئيس للدولة من القوات المسلحة مثل مبارك.
وقال سيف الدين عبد الفتاح، محلل ومستشار لمرسي: "القوات المسلحة مؤسسة محايدة تخدم الدولة وتحمي حدودها".
وأضاف: "صفحة جديدة فتحت منذ أن سلّم المجلس العسكري السلطة لرئيس منتخب".