الأب رفيق جريش
رغم الأجواء القاتمة التى تعيشها منطقة الشرق الأوسط، والحرب الدائرة على الحدود الشرقية والحدود الجنوبية، إلا إن المصريين كانوا أبطالًا، إذ أدركوا حجم التحديات التى تمر بها البلاد، فكان أعلى نسبة تصويت فى تاريخ مصر، إذ حضر ٦٦.٨ ٪ من الناخبين، وحصل المرشح عبدالفتاح السيسى على ٨٩.٦٪ من الأصوات.. وهذه النسبة الكبيرة هى تفويض من الشعب للرئيس.
وهو الذى قال فى خطابه الأول بعد الفوز: «قيادة الوطن أمانة، وسأكون صوتكم، مدافعًا عن حلمكم». وفعلًا، أحلام الشعب المصرى والرئيس معه كبيرة، فمصر تستحق أن تكون فى مصاف الدول الكبرى، فتاريخها وحضارتها وموقعها الجغرافى يؤهلها لذلك. وعدد حضور الانتخابات هو أبلغ رد لقوى تريد الشر لبلادنا، فكان المشهد انتصارًا لإرادة شعب الذى أعطى تفويضًا للرئيس.
هذه النتائج الكبيرة للمرشح عبدالفتاح السيسى، وفى إطار ما تمر به المنطقة من حروب والتهديد الأمنى لوطننا المحبوب، بجانب معرفتنا للرئيس كرئيس منذ 2014 والنجاحات التى تحققت، هى بمثابة تفويض على ثلاثة أشياء محددة:
أولًا: تفويض للرئيس بأن تستمر سياسته وسياسة الدولة المتوازنة غير المنجرفة لغير مقصدها، مع الحفاظ على الثوابت السياسية لمصر، وهى: الدفاع عن القضية الفلسطينية، والعمل على إرساء السلام فى المنطقة، وكذلك الحفاظ على إمداد غزة بالمساعدات الإنسانية الكافية التى ترسلها مصر ودول العالم عبر مصر، فالحفاظ على الأرواح وكذا النساء والأطفال يعتبر أولوية لدى الرئيس منذ اليوم الأول لحرب إسرائيل على غزة. الخطوط الحمراء التى رسمها حفاظًا على الأمن القومى كانت حاسمة على مرأى ومسمع من العالم.
ثانيًا: هو لتعديل دفة الاقتصاد، فليس خفيًا أن الأزمات الاقتصادية، سواء من أيام كورونا أو الحرب الأوكرانية وغيرهما، أتت على حساب البسطاء من المصريين، فغلاء المعيشة لم يعد يُحتمل، وبطء العجلة الإنتاجية لم يعد يسعف.. ولكن هناك حلولًا، لذا نفاوض فيها الرئيس لإيجاد تلك الحلول والعمل على تحقيقها على أرض الواقع. نعلم أن الهم الأول للرئيس هو «كرامة الإنسان المصرى»، لذا ننتظر بعض التجديد فى الفكر الاقتصادى، حتى تأخذ عجلة التنمية كل عنفوانها مثلما كان قبل كورونا والحرب الأوكرانية.
ثالثًا: تفويض لاستكمال البناء الديمقراطى للدولة. ولعل الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس كان فى هذا السياق، حيث عبرت كل الأحزاب والتيارات المختلفة عن أملها، بل قدمت أوراقًا بحثية جادة حتى تمضى الدولة المصرية قدمًا نحو اكتمال البناء الديمقراطى.. ولكن سيتطلب بث الوعى لدى الشعب المصرى حتى يكون مشجعًا بل ممارسًا لحقوقه الديمقراطية كما أثبتها فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة. والرئيس قال فى خطابه: «نسعى لدولة ديمقراطية تهتم ببناء الإنسان».
التحديات التى تواجه الدولة المصرية هى تحديات كبيرة، تستلزم اصطفاف الشعب عن وعى حول قيادته يدًا يدا، حتى نستكمل بناء الجمهورية الجديدة التى كلنا نحلم بها وسنحققها بإذن الله تعالى.
نقلا عن المصرى اليوم