أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تنيح القديس الأنبا بجيمي السائح، وكان من أهل فيشا من كرسي ميصيل، وفيما هو في الثانية عشرة من عمره، وكان يرعى غنم أبيه، ظهر له ملاك الرب في زي صبي وقال له " هلم بنا نمضي ونصير رهبانا "، فوافقه علي ذلك، وأتيا إلى برية شيهيت إلى موضع به ثلاثة شيوخ، وحينئذ غاب الملاك عنه، وأقام القديس عند هؤلاء الشيوخ أربعة وعشرين سنة حتى تنيحوا،
ثم ترك المكان وانطلق في الجبل مسيرة ثلاثة أيام، فظهرت له الشياطين في شبه وحوش وخنازير وثعابين، أحاطوا به يريدون افتراسه، فعرف ذلك بالروح، وصلي فتبددوا،
ثم أقام في واد هناك ثلاث سنين يصوم أسبوعا أسبوعا، وفي آخر كل أسبوع يأكل ملء قبضة يده تمرا مع قليل من الماء، وكانت صلاته أبانا الذي في السموات...الخ يتلوها بالليل والنهار، وصام مرة أربعين يوما، ومرة أخرى ثمانين يوما، حتى لصق جلده بعظامه، وعند ذلك أتى إليه ملاك بخبز ليأكل وماء ليشرب، فلم يفرغ الخبز ولا الماء سنين كثيرة،
وبعد ذلك حضر له ملاك الرب في رؤيا الليل وأمره إن يعود إلى بلده، فذهب إليها وبني مسكنا خارجا عنا قليلا، وانفرد فيه للعبادة والنسك وصار نموذجا صالحا لكل من يراه، وكان أهل بلدة يأتون إليه ويتغذون بتعاليمه الروحية،
وحمله في بعض الأيام ملاك الرب إلى ارض الفرات (وفي نسخة أخرى الفاران)، لان اهلها كانوا قد حادوا عن الطريق المستقيم، فردهم جميعا إلى الإيمان، وعاد إلى موضعه، وذات مرة كان يحمل القفف إلى الريف ليبيعها، فتعب وجلس ليستريح، فحملته قوة الله ومعه القفف إلى المكان الذي كان يقصده،
وفي أحد الأيام رأي القديس العظيم الأنبا شنوده عمودا منيرا جدا، وسمع صوتا يقول له " هذا الأنبا بجيمي، فقصد إليه ماشيا إلى إن وصل إلى بلده فعرفا بعضهما بإرشاد الهي ومكث عنده الأنبا شنوده أياما، ثم عاد إلى ديره،
ولما قربت أيام انتقاله من هذا العالم، دعا خادمه وعرفه بذلك، وأمره إن يترك جسده في المكان الذي هو فيه، ثم أصيب بحمي فرأي جماعة من القديسين قد حضروا إليه، واسلم روحه بيد الرب فحملتها الملائكة وصعدوا بها وهم يرتلون، وكانت حياة هذا القديس سبعين سنة، أقام منها اثنتي عشرة سنة في العالم، وثمان وخمسين سنة في العبادة.
بركه صلاته تكون معنا آمين...
ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين...