اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد القديسة يوليانة الشهيدة'>القديسة العفيفة بربارة الشهيدة والقديسة يوليانة الشهيدة (٨ كيهك) ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣
في مثل هذا اليوم استشهدت القديستان بربارة ويوليانة، نالت شهرة فائقة في الشرق والغرب. احتملت الكثير من أجل إيمانها، وبسبب ثباتها آمنت القديسة يوليانة بالسيد المسيح بل وتقدمت للاستشهاد. تعيد لهما الكنيسة القبطية في ٨ كيهك، وتعيد لهما الكنيسة الغربية واليونانية في ٤ ديسمبر.
وُلدت في قرية جاميس التابعة لمدينة ليئوبوليس بنيقوميدية، في أوائل القرن الثالث في عهد الملك مكسيمانوس الذي تولى الملك سنة 236 م.، وكان والدها ديسقورس شديد التمسك بالوثنية ويكره المسيحيين. لما شبت بربارة خاف عليها والدها من مفاسد العصر نظرًا لما كانت تتصف به من جمال فتان، ووضعها في قصر يحيط به العسكر ملأه بالأصنام، وجعل فيه كل أنواع التسلية.
وكانت بربارة تتلقي أرفع العلوم، محبة للتأمل، إذ اعتادت أن ترفع نظرها نحو السماء تتأمل الشمس والقمر والنجوم، تناجي الخالق الذي أوجد الأرض وكل ما عليها لأجل الإنسان.
فأرشدها بعض خدامها من المسيحيين إلى العلامة أوريجينوس فاشتاقت أن تلتقي به. وبالفعل إذ زار تلك البلاد التقت به فحدثها عن الإنجيل، فتعلق قلبها بالسيد المسيح، ونالت المعمودية دون أن تفاتح والدها في الأمر. التهب قلبها بمحبة الله فنذرت حياتها له، واشتهت أن تعيش بتولًا تكرس حياتها للعبادة.
وتقدم لها كثيرون من بينهم شاب غني ابن أحد أمراء المنطقة ففاتحها والدها في الأمر حاسبًا انه يبهج قلبها بهذا النبأ السعيد، أما هي فبحكمة اعتذرت عن الزواج. وإذ كان والدها مسافرًا لقضاء عمل ما أرجأ الأمر إلى حين عودته لعلها تكون قد استقرت في تفكيرها.
فطلبت منه أن يبني لها حمامًا قبل سفره، فلبَّى طلبتها، وفتح لها نافذتين لزيادة الإضاءة، أما هي فحولت الحمّام إلى بيت صلاة، متعبدة لله بصلواتٍ وأسهارٍ وأصوامٍ بلا انقطاع. حطمت كل الأوثان، وأقامت صليبًا على الحمام وعلى أعلى القصر، كما فتحت نافذة ثالثة، وكما جاء في الذكصولوجية (تمجيد) الخاصة بها: "نور الثالوث القدوس أشرق على هذه العذراء القديسة بربارة عروس المسيح".
و إذ رجع والدها لاحظ هذا التغيير الواضح، فسألها عن سبب ذلك. صارت تكرز له بالإيمان بالثالوث، كيف يجب أن نؤمن بالله الواحد المثلث الأقانيم، فاستشاط غضبًا وأخذ يوبخها بصرامة، أما هي فلم تبالِ بل في صراحة ووضوح كانت تتحدث معه عن إيمانها وبتوليتها، فثار الوالد وانقض عليها وجذبها من شعرها وهمّ ليضربها بالسيف، فهربت من أمام وجهه وانطلقت من باب القصر، وكان أبوها يركض وراءها
وقيل أن صخرة عاقتها في الطريق لكن سرعان ما انشقت الصخرة لتعبر في وسطها، ثم عادت الصخرة إلى حالها الأول. أما والدها إذ رأى ذلك لم يلن قلبه الصخري بل صار يدور حول الصخرة حتى وجدها مختبئة في مغارة، فوثب عليها كذئب على حمل، وصار يضربها بعنفٍ، ورجع بها إلى بيته. هناك وضعها في قبوٍ مظلم كما في سجن.
وقد حدث انه روي ديسقورس للحاكم ما جرى وطلب منه أن يعذبها، لكن إذ رآها مرقيان تعلق قلبه بها جدًا وصار يوبخ والدها على قساوته ويلاطفها ويعدها بكرامات كثيرة إن أطاعت أمر الملك وسجدت للأوثان، أما هي ففي شجاعة تحدثت معه عن إيمانها بالسيد المسيح.
فجُلدت القديسة بربارة حتى سالت منها الدماء، كما كانوا يمزقون جسدها بمخارز مسننة بينما هي صامتة تصلي. ألبسوها مسحًا خشنة على جسدها الممزق بالجراحات، وألقوها في سجنٍ مظلمٍ.
و إذ كانت تشعر بثقل الآلام ظهر لها السيد المسيح نفسه وعزاها كما شفاها من جراحاتها، ففرحت وتهللت نفسها.
ولما استدعاها الحاكم في اليوم التالي ففوجئ بها فرحة متهللة، لا يظهر على جسدها أثر للجراحات فازداد عنفًا، وطلب من الجلادين تعذيبها، فكانوا يمشطون جسدها بأمشاط حديدية، كما وضعوا مشاعل متقدة عند جنبيها، وقطعوا ثدييها؛ ثم أمر الوالي في دنائة أن تساق عارية في الشوارع. صرخت إلى الرب أن يستر جسدها فلا يُخدش حيائها، فسمع الرب طلبتها وكساها بثوب نوراني.
وحدث انه رأتها يوليانة وسط العذبات محتملة الآلام فصارت تبكي بمرارة، وإذ شاهدها الحاكم أمر بتعذيبها مع القديسة بربارة، وبإلقائها في السجن، فصارتا تسبحان الله طول الليل.
وبعد ذلك أمر مرقيان الحاكم بقطع رأسيهما بحد السيف، فأخذوهما إلى الجبل خارج المدينة وكانتا تصليان في الطريق. وإذ بلغتا موضع استشهادهما طلب ديسقورس أن يضرب هو بسيفه رقبة ابنته فسُمح له بذلك، ونالت مع القديسة يوليانة إكليل الاستشهاد.
وقد هلك والدها بعد ذلك بقليل، وكذلك هلك الوالي الذي تولي تعذيبها، أما حوض الماء الذي عليه الصليب المقدس، فقد صار لمائه قوة الشفاء لكل من يغتسل منه، وجعلوا جسدي هاتين القديستين في كنيسة خارج مدينة غلاطية، وبعد سنين نقلوا جسد القديسة بربارة إلى مصر في الكنيسة التي سميت باسمها إلى اليوم،
بركه صلاتهم تكون معنا آمين...
و لالهنا المجد دائما ابديا امين...