أيمن زكى

في مثل هذا اليوم استشهد المهندس القبطي سعيد بن كاتب الفرغاني نسبة إلى مسقط رأسه قرية فرغان ( فرغان أو فراجون: قرية اندثرت ومحلها الآن مدينة سيدي سالم محافظة كفر الشيخ). 

وقد تولَّى عمارة مقياس النيل في جزيرة الروضة سنة 864م، في عهد الخليفة العباسي المتوكِّل. ولما تولى أحمد بن طولون حُكْم مصر عهد إليه ببناء أهم منشآته، فبنى له قناطر ابن طولون، وبئر عند بِرْكة الحبش (مكانها الآن كنيسة العذراء بابلون الدرج بآخر مصر القديمة) لتوصيل المياه لمدينة القطائع عاصمة ملكه وذلك بين عاميّ 872، 873م. 

وحدث لما ذهب ابن طولون لمعاينة العمل بعد انتهائه أن غاصت رِجل فَرَسِه في موضع كان لا يزال رطبًا، فكبا الفرس بابن طولون، ولسوء ظنه قدَّر أن ذلك لمكروه أراده به ذاك المسيحي، فأمر بشق ثيابه وجلده خمسمائة سوطًا وألقاه في السجن، وكان المسكين يتوقع بدلًا من ذلك جائزة من الدنانير!

وبعد ذلك فكر ابن طولون في بناء جامع يكون أعظم ما بُنِي من المساجد في مصر، ويقيمه على ثلاثمائة عمود من الرخام، فقيل له أنه لن يجد مثل ذلك العدد إلا إذا مضى إلى الكنائس في الأرياف والضياع الخراب ويحملها من هناك. 

ولما سمع المهندس القبطي النابغة هذا الخبر حزن وخاف على الكنائس من الهدم فكتب لابن طولون يقول له أنه يستطيع أن يبنيه بلا أعمدة إلا عمودي القبلة، وصوّره له على الجلود فأعجبه واستحسنه وأطلق سراحه وأطلق له النفقة حتى يقوم بالبناء، وبعد الانتهاء أمَّنه ابن طولون على نفسه وأمر له بجائزة عشرة آلاف دينار. 

وما زال جامع ابن طولون في حي طولون بالقاهرة يشهد بعبقرية ذلك المهندس القبطي النابغة إذ ترى العقود المدببه في الجامع قبل أن يُعرف فن العقود في أوربا وبلاد العالم بقرنين على الأقل. 

فيما يختص بما انتهى إليه أمر هذا المهندس القبطي، فإن بعض المصادر تروي أن ابن طولون عرض عليه اعتناق الإسلام فأبى وتمسك بإيمانه المسيحي، فقُطِعت رأسه ومات شهيدًا. 

ويذكر أبو المكارم في كتابه المنسوب خطأ لأبي صالح الأرمني "ذكر في دلال الأعياد" أنه في اليوم السابع من كيهك قُطِعت رأس ابن كاتب الفرغاني وجسده محفوظ في كنيسة القديس قلته.

بركه صلاته تكون معنا امين...

ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين...