هاني لبيب
أعتقد أن مشهد الانتخابات الرئاسية '> الانتخابات الرئاسية خلال الأيام القليلة الماضية.. يستحق الرصد الدقيق والتحليل المعلوماتى للمشهد ككل. من الواضح أن تكثيف التوعية الانتخابية بتشجيع المواطنين على المشاركة فى التصويت قد حقق نجاحًا أكثر مما هو متوقع، حيث وصلت نسبة المشاركة إلى حوالى 65%، وهو ما يعنى أنها جاوزت نسب المشاركة فى كل الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية السابقة.
الخريطة الانتخابية للأحزاب السياسية المشاركة فى الانتخابات سواء بمرشحيها أو بدعم مبدأ المشاركة السياسية.. تعبر عن بوادر جديدة لترسيخ مبدأ التعددية السياسية فى التنافس فيما بينها للتأثير على جمهور الناخبين، ودعم مساحة التأثير فى الحياة الحزبية، التى تغيرت ملامحها تمامًا عما قبل أحداث 25 يناير 2011.
ولذا كان من الطبيعى أن نشهد مشاركة ملحوظة ومتميزة فى المحافظات بشكل عام، وفى المحافظات الحدودية بشكل خاص. وما شاهدناه من زيادة نسبة المشاركة فى المحافظات الحدودية مثل مرسى مطروح وجنوب سيناء وشمال سيناء يعكس حالة من التعبير عن أهمية شعور المواطنين بقيمة أصواتهم الانتخابية، خاصة فى محافظة شمال سيناء، التى كانت مسرحًا لعمليات تيارات الإسلام السياسى التكفيرية والجهادية بعد ثورة 30 يونيو حتى استطاعت الدولة المصرية استعادة سلامها الإنسانى وأمنها الاجتماعى.
وحاول البعض «الشوشرة» على العملية الانتخابية سواء بالتشكيك فى إجراءاتها أو بالتأكيد على عدم الإقبال والمقاطعة بتبريرات تبدو منطقية استغلالًا للوضع الاقتصادى الراهن. ولكن المواطن المصرى أثبت أنه رغم كل المعوقات والتحديات التى تواجهه، فإن الرهان على مستقبل البلد هو أمر غير وارد بالمرة، بل مرفوض ومرصود للمواجهة للحفاظ على التماسك الوطنى أمام كل الضغوط، التى تمارس على مصر لتنفيذ أجندات خارجية مرفوضة تعبر عن مصالح جماعات ودول وتحالفات.
أسعدتنى كثيرًا مشاركة المجتمع المدنى من خلال المنظمات المصرية والدولية فى متابعة الانتخابات. وهو ما تمت ترجمته سواء بالمرور على اللجان أثناء عملية التصويت أو بحضور عمليات فرز الأصوات للتأكد من شفافية الإجراءات، وبدعم مهام مندوبى المرشحين الرئاسيين والمتابعين والمراقبين المصريين والدوليين دون أى عرقلة، بل الحرص على تذليل العقبات وتيسير عملهم، وهو الأمر الذى لم يكن ليتحقق لولا جهود الهيئة الوطنية للانتخابات لتدقيق كافة إجراءات ومراحل العملية الانتخابية.
فى تقديرى أن ما حدث من خبرة المشهد الانتخابى الرئاسى الحالى يستحق الاستفادة منه فى دعم الحوار الوطنى وإثرائه مرة أخرى، وإعادة ترتيب الحياة الحزبية وبلورتها بشكل يليق بالمواطن المصرى وبمصر أمام العالم سواء بدمج بعضها مع البعض أو بإعادة صياغة أهداف بعضها لتكون أكثر فاعلية فى الحياة السياسية وأشد تأثيرًا فى المجتمع بدلًا من أن يكون هذا الحزب أو ذاك مجرد رقم فى إجمالى عدد الأحزاب. وإعادة النظر فى وجود بعض الأحزاب ذات الخلفية الدينية المعلنة أو المستترة.
ربما ما حدث لا يلبى طموح البعض فى تفعيل الحياة السياسية المصرية، ولكن يبقى فى كل الأحوال مشهد الانتخابات الرئاسية '> الانتخابات الرئاسية بكل ما فيه خطوة حقيقية فى بناء حياة سياسية وحزبية صحيحة بعيدًا عن اختزال الأحزاب فى جريدة وموقع وصفحة على السوشيال ميديا.
نقطة ومن أول السطر..
لا نحتاج إلى حزب لكل مواطن، ولكن جموع المواطنين يحتاجون حزبًا قويًّا على قدر تمثيلهم ومكانتهم. الحياة الحزبية لا تُقاس بعدد الأحزاب، ولكن تُقاس بمدى حيويتها.
الأحزاب ليست بأرقام الحساب، ولكن بقوة تأثيرها.
نقلا عن المصرى اليوم