هاني صبري - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
خرج الملايين من أبناء الشعب المصري الذين لهم الحق في التصويت لصناديق الاقتراع لاختيار المرشح الرئاسي الذي يرغبون في التصويت له، فهذا حق وواجب وطني والتزام دستوري، وتم إجراء  العملية الانتخابية بمشاركة واسعة غير مسبوقة وتاريخية في مشهد ديمقراطي يليق بالدولة المصرية ومكانتها أمام العالم، وشهد العالم بنزاهتها، ودائما يثبت الشعب المصري الأصيل إنه صاحب موروث حضاري ووعي سياسي يدرك المخاطر التى تحيط  بالدولة فدائما يلبي نداء الوطن. فالشعب هو صاحب الكلمة العليا في هذا الشأن ، وهو مصدر كل السلطات وقال كلمته.

وستعلن نتيجة الانتخابات الرئاسية يوم 18 ديسمبر الحالي عن طريق المستشار حازم بدوي، نائب رئيس محكمة النقض، ورئيس الهيئة الوطنية للانتخابات. والتي تنافس فيها أربعة مرشحين هم: المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي (رمز النجمة)، والمرشح الرئاسي فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي (رمز الشمس)، والمرشح الرئاسي عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد (رمز النخلة)، والمرشح الرئاسي حازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهوري (رمز السلم).

والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا بين المصريين بعد انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسة، هل سيتم غرامة مالية علي الناخبين الذين تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم '>توقيع غرامة مالية علي الناخبين الذين تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية ؟

إن عدم التصويت في الانتخابات بدون عذر تستلزم عقاب مرتكبها بعقوبة الغرامة التي لا تزيد عن 500 جنيه، وذلك طبقاً لنص المادة " 57 " من قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر برقم 45 لسنه 2014 والمعدل بالقانون رقم 140 لسنه 2020 التي تنص على: " يُعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء".

وأننا مع إدلاء المصريين بأصواتهم في كافة الانتخابات لأنه حق دستوري وواجب وطني ، ويجب عدم تقاعس المواطن عن أداء دوره المنوط به تجاه وطنه.

في تقديري الشخصي علي الرغم من وجود نص قانوني إلا أنه هناك عائق في تطبيق الغرامة، يتمثل أن أعداد المتخلفين عن التصويت يصل بالملايين، وأن النص يتعذر تطبيقه، وإمكانية الدفع بوجود عذر سيفتح سبل لملايين الأعذار التي قد يتحجج بها المواطن المخالف بعدم تصويته، بالإضافة إلي أن نص المادة " 57 " من قانون مباشرة الحقوق السياسية تحيط بها شكوك شبهة عدم الدستورية لأن المادة " ٨٧ " من الدستور المصري الحالي تنص على ما مؤداه حق المواطن في الانتخاب والترشح وممارسة الحقوق ، اما عدم ممارستها قد تقع خارج نطاق التجريم .

حيث إن الغرامة عقوبة لا توقع إلا بحكم قضائي أو أمر جنائي من القاضي أو النيابة العامة وفقاً للمواد ٣٢٣ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ مكرراً "الفقرتان الأولي والثانية" من قانون الإجراءات الجنائية ، ولمن صدر ضده الأمر الجنائي أن يعلن عدم قبوله له، ويكون ذلك بتقرير بقلم كتاب المحكمة ويترتب علي ذلك تحديد جلسة لنظر الدعوي طبقاً لنص المادة ٣٢٧ الفقرة الأولي من قانون الإجراءات الجنائية .

وبناء علي ما تقدم نرى عدم توقيع الغرامة على المتخلفين عن الإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية لتعذر التنفيذ ، وستنظر المحاكم ملايين الدعوي ، وسيكون في تطبيق هذه العقوبة إرهاق للسلطات المختصة.

 كما يجب أن تكون المشاركة في الحياة السياسية نابعة من الالتزام والمسؤولية تجاه الوطن إعمالاً لحقهم الدستوري والقانوني ، وليس التصويت بدافع تفادي الغرامة.

أن الشعب المصري العظيم أعطى نموذج مشرف يحتذى به أمام الجميع وخرجوا بالملايين لإتمام الاستحقاق الدستوري، ونأمل أن يتحقق تطلعات المصريين في تحسين الأوضاع الاقتصادية وفِي كافة المجالات .