وحالات التكفير والعنف والتخوين فى مصر غير مسبوقة..
حذر منظر الجماعة الإسلامية بمصر الدكتور ناجح إبراهيم، من «اغتيالات سياسية قد تطال ليبراليين وسياسيين ومفكرين» الشهر المقبل، قائلا إن هذه «ستكون نتيجة طبيعية لحالات التكفير والعنف والتخوين والاستقطاب السياسى الحاد الذى يشهده المجتمع المصرى والتى لم تحدث فى أى عهد رئيس مصرى سابق»، مشيرا إلى أن «هذه الاغتيالات ستكون مشتركة من جانب النظام السياسى والإسلاميين».
وكان الرئيس مرسى قد أصدر إعلانا دستوريا جديدا (الخميس) الماضى، تضمن إعادة جميع المحاكمات السابقة الخاصة بقتل متظاهرى ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثانى) عام 2011، وتحصين الجمعية التأسيسية الحالية المكلفة بوضع الدستور، ومجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان) من الحل، وإقالة النائب العام المصرى المستشار عبد المجيد محمود.
وأضاف الدكتور إبراهيم فى تصريحات خاصة لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن تراجع الرئيس محمد مرسى فى قراراته الأخيرة قد يؤدى إلى «مفسدة» أكبر من الاستمرار فى تنفيذ القرارات، مؤكدا أن «مرسى اضطر لهذه القرارات، ولن يتراجع فيها أبدا».
وأوضح منظر الجماعة الإسلامية أن المخرج من الوضع الحالى فى مصر الذى يشهد مظاهرات فى كل مكان، بأن يشارك الجميع فى المسئولية الوطنية، بقوله: «لو أشرك مرسى الكثير من المدنيين فى حكومته بقيادة هشام قنديل، ما كانوا قد وصلوا فى خصومته إلى هذه الدرجة، لكن عندما أقصى القوى الوطنية من المشاركة فى الحكم رغم مشاركتهم فى أحداث ثورة 25 يناير، كان ذلك سببا أساسيا فى الانفجار الحالى، بالإضافة إلى أن تقدم معظم التيارات مصلحة الدولة العليا على مصالحها الخاصة»، وتابع: «غير ذلك ستجنى مصر خطر العنف والتقسيم وإن لم يكن جغرافيا».
وطالب الدكتور إبراهيم الرئيس مرسى بعدم قيادة الدولة بعقلية الجماعة (فى إشارة لجماعة الإخوان المسلمين)، قائلا: «على الحركات الإسلامية وهى تقود الدولة، عليها أن تقودها بعقلية الدولة، وأن تشرك الآخرين حتى وإن كانت تختلف معهم فى مشروعها».
وقال الدكتور ناجح إبراهيم إن «المشهد السياسى تأزم فى مصر مع اختراع ما يسمى بالإعلان الدستورى الذى أعلنه المجلس العسكرى الحاكم حينها، ثم كانت الطامة الثانية دخول المحكمة الدستورية العليا فى الشأن السياسى، والتى كان من المفروض أن تحكم ببطلان القانون الذى انتخب به مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) لا أن تحكم بحله هو، حتى لا يحدث فراغ سياسى ودستورى ومؤسسى فى مصر كما نراه الآن».
وتابع: «غياب مجلس الشعب هو الذى أدى إلى تركيز السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية) فى يد الرئيس مرسى، والإعلان الدستورى الأخير (الخميس الماضي) خطأ نتيجة أخطاء أخرى، ولو لم تكن هذه الأخطاء لما وقعنا فى هذا الخطأ»، مؤكدا أن الخطأ الذى وقعت فيه السلطة القضائية بمصر، أنها أدخلت نفسها فى الحلبة السياسية، حتى سار القضاة الآن يلعبون السياسة ولا يمارسون القضاء، قائلا: «القضاة الآن سياسيون منقسمون على أنفسهم، قسم مع التيار الإسلامى وقسم ضد هذا الاتجاه».
وأشار الدكتور إبراهيم إلى أن «الرئيس محمد مرسى اضطر للإعلان الدستورى الذى هو مؤقت لحين انتخاب مجلس الشعب، لكن رغم أنه مؤقت فإنه القشة التى قصمت ظهر البعير، فمصر انقسمت الآن إلى تيارات إسلامية وأخرى غير إسلامية، وهذا الانقسام خطر كبير لأنه ظهر بقوة، خاصة أنه قد صاحبه عنف».
وحول ما ذكرته بعض الصحف الأميركية من وجود قلق فى الغرب من تحول مصر لدولة مزعجة شبيهه بإيران، قال منظر الجماعة الإسلامية: «هذا القلق فيه جانب كبير من الصحة، أتوقع حدوث حرب بين مصر وإسرائيل خلال 7 سنوات، لأن هناك أزمات كثيرة تساعد على ذلك، وهناك جماعات تتصور أن لها الحق فى إعلان الحرب على أى دولة، ووضح هذا فى الاعتداء على السفارات والقنصليات مؤخرا لدى مصر، فضلا عن ازدياد العنف وضعف الأمن».
وعن ما ذكرته منظمات حقوقية دولية من أن الرئيس مرسى انحاز لمؤازرة الإسلاميين فى قراراته الأخيرة، أوضح الدكتور إبراهيم أن «مرسى دون أن يشعر أعطى هذا الانطباع حتى وإن لم يكن يريده»، لافتا إلى أن خطبته أمام قصر الاتحادية أول من أمس (الجمعة)، كان موجها فقط للإسلاميين وهذا خطأ، لأن مرسى رئيس مصر كلها، وكان أولى به أن يخطب فى التلفزيون الرسمى إن كان يريد أن يوجه كلمه لشعبه، مضيفا: «كان على مرسى أن يؤكد أنه لا يقود الإسلاميين فقط، بل يقود المجتمع بكل أطيافه خاصة معارضيه».
وتظاهر الآلاف من المتظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسى فى حى مصر الجديدة (شرق القاهرة)، للتعبير عن مساندتهم وتأييدهم للإعلان الدستورى الجديد، فى مقابل مظاهرات مناوئة لمرسى ترفض قراراته.
ولم ينف الدكتور إبراهيم مشاركة الجماعة الإسلامية فى مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين فى ميادين مصر (الثلاثاء) المقبل لـتأييد مرسى، قائلا: «الجماعة الإسلامية ستشارك مع الإخوان المسلمين فى مظاهرات تأييد مرسى إلى جانب الدعوة السلفية فى القاهرة، أما الدعوة السلفية فى الإسكندرية وحزب النور (السلفي) لن يشاركوا فى مظاهرات تأييد الرئيس، لأنهم لا يريدون أن يدخلوا فى صراعات قد لا يستفيدون منها وقد تضرهم، وحتى لا يتركوا وحدهم فى الساحة».
وعن الإجراء الذى من الممكن أن تتخذه مصر حال منع الدول الغربية المساعدات التى أعلنت تقديمها لمصر، قال منظر الجماعة الإسلامية: «ما لم يدركه الساسة فى مصر أن كل المظاهرات ستؤثر على الاستثمارات والسياحة والمساعدات الغربية، وكلما اشتعل ميدان التحرير قلت المساعدات».