د. أمير فهمي زخارى المنيا
"دير سانت كاترين بسيناء ملتقى الأديان"، ويأتي التعبير عن الدير بوصفه ملتقى الأديان لكونه استمد شهرته من موقعه التاريخي الفريد فى البقعة المقدسة التى ناجى عندها موسى، عليه السلام، ربه وتلقى فيها ألواح الشريعة.
يتميز الدير باحتوائه على نبات نادر يطلق عليه "العليق" لا ينبت إلا فى دير سانت كاترين وله مكانة خاصة لدى المسيحيين واليهود، لا ينمو ولا يثمر ويكمن سره فى خضرته الدائمة ويطلق عليه العديد من التسميات منها نبات العليقة أو الشجرة المقدسة أو شجرة العليقة الملتهبة وقد سمى بالعليقة الملتهبة نسبة إلى المكان الذى رأى عنده نبي الله موسى النار.
يقع الجامع في الجزء الشمالي الغربي داخل الدير ويواجه الكنيسة الرئيسية حيث تتعانق مئذنته مع برج الكنيسة.
الجامع بُني في عهد الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله (أبي علي منصور بن أحمد)، وتحديداً في شهر ربيع الأول سنة 500هـ، وهذا يدحض ما ذُكر حول بنائه في عهد الحاكم بأمر الله.
وهذا الدليل هو نص محفور على واجهة ومنبر الجامع ومكتوب بالخط الكوفي ويتألف من ستة أسطر.
وهنالك دليل أثري آخر على أن بناء الجامع كان في عهد الآمر وليس الحاكم يتمثل في وجود كرسي شمعدان عليه نص كتابي فيه اسم الأمير أبي المنصور انوشتكين الآمري الذى بنى هذا الجامع.
الأمير "أنوشتكين" الموجود اسمه على كرسي الشمعدان فهو الأمير "أنوشكتين الآمري" نسبة إلى الآمر بأحكام الله، وهذا الأمير كان والياً على صور في لبنان، وكان يعرف بـ"أنوشتكين الأفضلي".
لذلك فإن إنشاء المسجد كما يوضح النص التأسيسي كان سنة 500هـ على يد الأمير أنوشتكين الآمري وفي عهد الخليفة الآمر بأحكام الله الذي تولى الخلافة بين عامي 1101 و1129.
طب إيه الهدف من بناء جامع داخل دير للرهبان؟؟؟!!!
الجامع بُني لثلاثة أهداف:
١ - ليصلي فيه المسلمون القائمين على خدمة الدير وزواره والمسؤولين عن توفير المؤن وحراسة المباني وهم من المسلمين الذين يعرفون بـ"الجبالة" نسبة إلى أنهم من سكان منطقة جبل موسى وقد تولوا شؤون الدير منذ القرن السادس والحفاظ على أهم دير مسيحي فى العالم عبر العصور الإسلامية المختلفة.
٢ - وكذلك ليصلي فيه المسلمون الذين يسكنون ضواحي الدير ويقومون بنقل المؤن الخاصة به من ميناءي السويس والطور.
٣ - وأيضاً ليصلي فيه الحجاج وهم في طريقهم إلى مكة إذ يمرّون في منطقة الجبل المقدس للتبرك به، حيث تركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محراب الجامع إلى الآن.
طب ايه سر اهتمام الرهبان بالمسجد وترميمه؟
شرح الراهب غريغوريوس أن الرهبان اعتنوا بالمسجد وكانوا يرممونه على مر العصور كلما احتاج إلى ترميم، خاصة أن البعد الجغرافي ووعورة الوصول إلى المكان لم يتيحا للمتخصصين أداء هذه المهمة.
وروى أن الرهبان أو المسلمين المعنيين بالمسجد في جنوب سيناء كانوا يستصدرون تصاريح من الأئمة والفقهاء الشرعيين في مصر بناءً على فتوى تسمح للرهبان بترميم المسجد وعلى نفقتهم بسبب تعذر ترميمه من قبل غيرهم، مدللاً على ذلك بما ورد في الوثيقة رقم 225 في أرشيف الدير والتي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر على الأرجح وتحتوي على فتاوي الفقهاء الأزهريين، وكذلك الوثيقة رقم 229 التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر وتعطي صورة كاملة عن المودة والتضامن والتكافل بين الرهبان والمسلمين في هذا الأمر.
أن مؤرخي الغرب من المسيحيين أثناء رحلتهم المقدسة إلى القدس عبر دير سانت كاترين شاهدوا الجامع، وأبدوا عظيم إعجابهم بالتسامح بين الأديان في مصر ومنهم ليوناردو فرسكويالدي الذي زار الدير عام 1384 ميلاديا.
الله عليكي يا مصر عبر العصور بتقدمي للعالم صوره حيه عن التسامح بين المسيحيين والمسلمين ... تحيا مصر رغم أنف الحاقدين...
د. أمير فهمي زخارى المنيا