كتب - محرر الاقباط متحدون 
كشف  نيافة الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث باسم الكنيسة في مصر، الكثير من المعلومات عن دير القديس سابا في الإسكندرية.
 
كان دير القديس سابا الإسكندري البطريركي قبل أن يصبح مكاناً للعبادة المسيحية، كان معبدًا مخصصاً للإله ميثراس، أو للإله أبولو بحسب شهادات أخرى.
 
تم تأسيس الدير كمعبد مسيحي مخصص للرسول والإنجيلي مرقس حوالي الأعوام 318-320م، عندما تم إنشاء 40 معبدًا مسيحيًا في مصر بإذن إمبراطوري من قسطنطين الكبير.
 
وفي حوالي عام 536م، بعد انفصال المسيحيين الذين رفضوا المجمع المسكوني الرابع عن الكنيسة الجامعة وإنشاء الكنيسة القبطية في الإسكندرية، أصبح الدير مقرًا لبطريركية الإسكندرية الأرثوذكسية. في منتصف القرن السابع، دمره زلزال وبرعاية رجل مسيحي إسكندري ثري يدعى سابا، أعيد بناؤه على اسم القديس سابا تكريمًا للقديس الذي عاش في الإسكندرية قبل انتقاله إلى القدس.
 
أثناء الفتح العربي لمصر تم إحراق الدير، وجُدد حوالي عام 889م في عهد البابا البطريرك ميخائيل الثاني الإسكندري (870-903م) بوساطة الإمبراطور لاون الرابع الحكيم (886 -912م) لدى الخليفة المعتمد على الله (870-892م). وتم تجديده مرة أخرى على يد البابا البطريرك يواكيم (باني) الأول (1487-1567م). وبعد حريق عام 1652م وفقدان جميع الرهبان الذين دفنوا تحت أنقاضه، أعيد بناء الدير مرة أخرى عام 1676م على يد البابا البطريرك باييسيوس (1657-1677م).
 
أثناء الاحتلال الفرنسي لمصر، أصدر نابليون أمراً بهدم الدير لأسباب عسكرية، وهو الأمر الذي تم إلغاؤه بعد المقاومة المستمرة واحتجاجات البابا البطريرك بارثينيوس (باغوستاس) الثاني (1788-1805م).
 
مرة أخرى تم تجديد الدير عام 1875م على يد البابا البطريرك سفرونيوس الرابع (1870-1899م) برعاية المحسن جورجيوس أفيروف. كما تم إجراء تجديدات طفيفة في عهد البطريركيَيّن البابا فوتيوس (1900-1925م) والبابا خريستوفوروس الثاني (1939-1967م).
 
بسبب خطر انهيار مُجمع الدير إتخذ البابا البطريرك نيقولاوس السادس (1968-1986) قرار بهدمه باستثناء الكنيسة وإعادة بناء الدير. قام بالتجديد الطوباوي مثلث الرحمات البابا البطريرك بترس السابع (1997-2004م). وآخر مرة تم تجديد دير القديس سابا البطريركي كان على يد البابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا البابا ثيودورس الثاني في عامي 2008 و2009م.
 
هذا المقر الرهباني خلال مسيرته التاريخية، بالإضافة إلى كونه مقر للكرسي البطريركي، كان مقبرة للبطاركة والمطارنة والرهبان والمسيحيين الأرثوذكس، وملجأ للأجانب، ودارًا للفقراء، ومستشفى، ومركزًا صحيًا، ومدرسة، ومصحًا، ونزلاً.
 
اليوم، في الدير البطريركي المقدس، يواصل قداسة البابا وبطريرك الإسكندرية ثيودورس الثاني تقليد سلفه ملاتيوس بيجاس (1590-1601م) مؤسس أول مؤسسة تعليمية مسيحية في الإسكندرية بعد الفتح العربي. وذلك بإعادة تأسيس وإدارة الدير للمدرسة البطريركية بالإسكندرية "مدرسة القديس أثناسيوس"، وهي مؤسسة تعليمية لمدة عامين للشباب الأفريقي، وذلك من أجل توطين أقاليم العرش الكنسية في بلدانهم الأصلية.
 
داخل الدير يوجد متحف كنسي، وهو جزء من المكتبة البطريركية، وقاعة العرش البطريركي، وغرف إقامة الرهبان وطلبة مدرسة القديس أثناسيوس.
 
أما الكنيسة الرئيسية للدير، كنيسة القديس سابا، فتقع تحت مستوى الشارع بحوالي ستة أمتار. وتتميز بالأعمدة الجرانيتية الثمانية التي تعود للعصر الفرعوني. وملحق بها مصلى (Chapel) على اسم القديس جيورجيوس. يوجد داخل الكنيسة كنز ثمين وهو العمود الذي قطع عليه هامة الشهيدة الإسكندرية العظيمة القديسة كاترينا، كما يذكر التقليد. كما يوجد في ساحة الدير جرس أثري، وتمثال لرئيس أساقفة قبرص.
 
يحتفل الدير بعيد القديس سابا في يوم ٥ ديسمبر/كانون الأول من كل عام، يوم رقاده في الرب عام ٥٣٣م عن عمر ٩٤ عامًا.
 
عمود القديسة كاترينا:
هو عبارة عن كتلة من الرخام موجود في صحن كنيسة الدير. في التقليد المتوارث للدير أن عليه قطعت هامة القديسة كاترينا.
 
الجرس الأثري:
الجرس موجود في ساحة مدخل الدير، وقد حال ثقل وزنه الذي يبلغ ثلاثة أطنان دون تعليقه في أحد أبراج الكنيسة. ويُعد ثاني أثقل الأجراس في العالم بعد جرس "Tsar Bell"، المعروف باسم جرس القيصر الثالث، والذي صنع في عام 1735م. وهو موجود حاليًا في الكرملين بموسكو أحد أكثر الوجهات السياحية شعبية في المدينة.
 
يرجع تاريخ صناعة الجرس الذي في الدير إلى 25 يونيو 1838، وصنعه الجنرال الروسي الكمدار ميخائيل سيمنا في عهد امبراطور روسيا نيقولا الأول، والذي أهداه إلى مصر في عهد محمد علي باشا لوضعه في كنيسة الروم الأرثوذكس بالإسكندرية.
 
الجرس عبارة عن ناقوس مخروطي الشكل كبير الحجم من النحاس القوي إرتفاعه مترين وقمته من أعلى على شكل تاج. ويزخرف الجرس وحدات زخرفية دائرية تفصل بينها خطوط بارزة والنقوش الزخرفية تمثل أشكال للنباتات وأخرى هندسية بجانب نقش تخيلي لأحد الملائكة. بالإضافة إلى كتابات بارزة باللغة الروسية تشير إلى صاحب الإهداء وتاريخ الصناعة.
 
تمثال رئيس أساقفة قبرص:
التمثال يُمثل رئيس أساقفة قبرص صاحب الغبطة مكاريوس الثالث، ومهدى من كنيسة قبرص إلى الدير في عام 1999م. التمثال مصنوع من البرونز إرتفاعه طوله 180 سم. وقد وضع التمثال في ساحة مدخل الدير، بالقرب من الجرس، تكريمًا لرئيس أساقفة قبرص لما قدمه من مساهمة بالبتبرع لتجديد الدير