محرر الأقباط متحدون
لمناسبة بداية زمن المجيء وفي وقت تستعد فيه الجماعات المسيحية حول العالم للاحتفال بعيد الميلاد، أجرى موقع "فاتيكان نيوز" الإلكتروني مقابلة مع خادم رعية العائلة المقدسة في مدينة غزة الأب غابريال رومانيلي، حدثنا فيها عن الأجواء الروحية التي ترافق الاستعدادات لاستقبال الطفل الإلهي، لافتا إلى أن أبناء رعيته يعيشون هذه الفترة منتظرين الخلاص، ولديهم ثقة كبيرة بالرب لأنهم مقتنعون تماماً أنه سيضع حداً لهذا الصراع المأساوي.
في رعية العائلة المقدسة في غزة بدأ زمن المجيء هذا العام وسط دوي الانفجارات وتطاير شظايا القنابل التي لم تسلم منها باحة الكنيسة. ومما لا شك فيه أن القصف الذي استُؤنف في قطاع غزة، بعد أن خُرقت الهدنة بين إسرائيل وحماس في الأول من الجاري، يعرض للخطر حياة سبعمائة مواطن مسيحي، الذين لجأوا منذ بداية الصراع إلى الكنيسة اللاتينية الوحيدة المتواجدة في المدينة الفلسطينية، مع العلم أن هؤلاء المسيحيين يشكلون النسبة الأكبر من الجماعة المسيحية الموجودة في القطاع. ويقول كاهن الرعية إن العديد من هؤلاء الأشخاص وعندما دخلوا الكنيسة كانوا قد فقدوا كل شيء: أقرباءهم، أصدقاءهم وبيوتهم، لافتا إلى أنهم فقدوا كل شيء ما عدا الرجاء.
الأب رومانيلي لم يخفِ قلقه حيال الأوضاع الراهنة اليوم في قطاع غزة، قائلاً إن الوضع مأساوي فعلا. هذا ما أكده في اتصال هاتفي من القدس حيث كان يتواجد قبل بداية الصراع في السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي ولم يتمكن منذ ذلك التاريخ من العودة إلى غزة بسبب إقفال المعابر. وأكد أن لا أحد يستطيع اليوم أن يدخل إلى القطاع أو أن يخرج منه، مشيرا إلى أن قلبه يعتصر ألما بسبب ابتعاده القسري عن رعيته، مع أنه على تواصل مستمر مع أبناء الرعية الذين يحدّثونه باستمرار عن استعداداتهم للاحتفال بعيد الميلاد. وقال بهذا الصدد إن المؤمنين في غزة يستعدون لهذا الحدث الذي يعتبرونه حدثاً خلاصياً، وقد وضعوا ثقتَهم التامة بالرب وهم مقتنعون تمام الاقتناع بأنه سيضع حداً لهذه المأساة عاجلاً أم آجلا.
تابع الكاهن الأرجنتيني حديثه لموقعنا الإلكتروني لافتاً إلى أنه في الثالث من الجاري، الذي كان يوم الأحد الأول من زمن المجيء، تجمع كل أبناء رعية العائلة المقدسة حول المذبح ليرفعوا الصلاة على نية السلام، وقاموا بإضاءة أول شمعة من الشمعات الأربع التي تُضاء تقليدياً في هذا الزمن استعدادا للاحتفال بولادة المخلص، وأمام النور المنبعث من الشمعة طلبوا من الرب أن يستجيب لرغباتهم، كما قال الأب رومانيلي، مضيفا أن الاحتياجات المادية كبيرة وهي تبدو سراباً اليوم، إذ ثمة حاجة إلى المياه والطعام والأدوية والكهرباء مع ذلك يمكن للجسد أن يضمحل بيد أن الروح يبقى قويا. وأوضح بهذا الصدد أن هناك العديد من الأطفال الذين وجدوا مأوى لهم في رعية العائلة المقدسة، بينهم معوقون. ولمناسبة عيد الميلاد كتبوا بطاقة معايدة موجهة إلى الطفل يسوع، طالبين منه أن يعودوا إلى بيوتهم، وبهذه الطريقة إنهم يعيشون المعنى الحقيقي لعيد الميلاد لأنهم ينظرون إلى الأمور الجوهرية.
في ختام حديثه لموقع "فاتيكان نيوز" أكد خادم رعية العائلة المقدسة في غزة أن البابا فرنسيس ما يزال يعبر عن قربه من المسيحيين في القطاع، وهو يتصل هاتفياً بالرعية كل يوم، ولم يتخلف عن القيام بهذا الاتصال اليومي حتى على الرغم من الوعكة الصحية التي أصيب بها منذ بضعة أيام، وأدت إلى إلغاء زيارته التي كانت مرتقبة إلى الإمارات العربية المتحدة. وقال الأب غابريال رومانيلي إن صوت البابا كان بالكاد يُسمع على الهاتف، ومع ذلك أراد أن يتصل، موضحا أن فعل المحبة الكبير هذا يشكل مصدر تشجيع لهؤلاء المسيحيين إذ لا يشعرون أن الكنيسة تخلت عنهم.