ياسر أيوب
بدأ بعض الصحفيين فى بعض بلدان هذا العالم يتعاملون مع الذكاء الاصطناعى باعتباره تسلية وقعوا فى غرامها أو لعبة جديدة أرادوا أن يكونوا أول من يلعبها.. وبدأ هؤلاء ينشرون مقالات وحوارات تم تحريرها بواسطة الذكاء الاصطناعى وهم يشعرون بفخر شديد لأنهم سايروا العلم الجديد وسبقوا أصحابه أيضا.. وليس هذا هو الحال على سبيل المثال فى الولايات المتحدة الأمريكية التى فوجئت منذ أيام بفضيحة لمجلة سبورتس إيلاستريتد.
فقد تم اكتشاف أن المجلة الأمريكية الشهيرة بدأت تنشر مقالات وموضوعات صحفية بأسماء وصور صحفيين لا وجود لهم، إنما تمت كتابتها بالذكاء الاصطناعى.. وكان الذى اكتشف ذلك مسؤولو شركة متخصصة لبيع صور وسير ذاتية لصحفيين وهميين لمن يريدها أو يحتاج وضعها على مقالات وكتابات بالذكاء الاصطناعى.. ولم يتخيل أحد أن تلجأ مجلة بحجم وقيمة وتاريخ سبورتس إيلاستريتد لكل هذا الخداع أو التزوير الصحفى.
فهذه المجلة التى تأسست 1954 كأول مجلة رياضية أمريكية عامة تتناول وتناقش قضايا وحكايات وبطولات مختلف الألعاب.. وبلغت من النجاح والرواج أنها كانت أول مجلة أمريكية، سواء رياضية أو سياسية أو فنية واجتماعية، يتخطى توزيعها رقم المليون نسخة.. وظلت هذه المجلة خمسين سنة قلعة صحفية رياضية ترسى وتحافظ على قواعد الصحافة كمهنة ورسالة.. وتخطى توزيعها فى أوقات كثيرة حاجز الثلاثة ملايين نسخة.. وضمت كتابا كبارا مثل فرانك ديفورد ودان جينكينز، وكان غلافها بمثابة جائزة وتكريم لمختلف نجوم الرياضة من محمد على كلاى حتى ناوومى أوساكا.. وبلغت من النجاح درجة تأليف كتب عن تجربتها ونجاحاتها.. وحتى خمس سنوات مضت كانت مؤسسة تايم تملك المجلة لكن تملكها الآن مجموعة أرينا.. وأمام غضب وثورة الصحفيين الأمريكيين أعلن مسؤولو أرينا أنهم سيقومون بتحقيق داخلى لتحديد من قرر وقام بنشر هذه المقالات المزيفة.
ولم يقتصر الغضب الصحفى الأمريكى على نشر مقالات الذكاء الاصطناعى دون أى إشارة لذلك.. إنما مجرد نشر هذه المقالات أصلا كأن المجلة لا تملك صحفيين يستطيعون أداء هذه الواجبات والمهام الصحفية.. وأكد محررو المجلة أن ما جرى يدفعهم للشك بكل ما تعلموه وكل ما يؤمنون به عن مهنة الصحافة وقواعدها وأخلاقها.. ويعرف الصحفيون الأمريكيون أنهم لن يستطيعوا إيقاف أو منع الاستعانة بالذكاء الاصطناعى.. لكنهم فقط لا يريدون أن تلجأ إليه صحف ومجلات كبرى وحقيقية وشهيرة وناجحة.. ليس فقط خوفا من فقدان وظائفهم، لكن لأن تعميم هذا الاستخدام ومنحه شرعية الصحف والمجلات الكبرى سيفتح ألف باب لمن يهوون الغش والخداع والصحافة الكاذبة دون خشية مساءلة وحساب، حيث الكمبيوتر هو الذى كتب وهو الذى كذب أيضا.
نقلا عن المصرى اليوم