ياسر أيوب
قبل أشهر قليلة من بدء الحرب فى غزة.. صدر كتاب أمريكى جديد بعنوان تمرد الرياضيين السود.. وصاحب الكتاب هو شون أندرسون، أستاذ الاتصال المؤسسى بجامعة لويولا ماريمونت فى لوس أنجلوس، والكاتب فى عدة صحف أمريكية كبرى.. وليست هناك أى نقطة لقاء بين هذا الكتاب وما يجرى حاليًا فى غزة والعالم كله إلا النتائج الحاسمة والفاصلة التى توصل إليها شون فى كتابه الجديد.. فقد استعاد شون التاريخ الرياضى للسود الحافل بالقسوة والمظالم والأكاذيب والعذاب والاضطهاد.. واكتشف أن السوشيال ميديا هى التى أعادت إلى الرياضيين السود كثيرًا من حقوقهم التى كانت غائبة أو ضائعة.. فالإعلام لم يكن معظمه مع هؤلاء الرياضيين السود، ولم تساندهم مؤسسات الغرب الرياضية.. ولكن فى عصر السوشيال ميديا، حيث نال الجميع حق الكلام وأحيانًا حق الصراخ أيضًا.. امتلك الرياضيون السود أخيرًا صوتهم، ولم يعودوا فى حاجة للبحث عمّن يدافع عنهم أو يحارب بدلًا منهم.
وهو بالضبط ما جرى خلال الأسابيع القليلة الماضية، التى شهدت أول انتصار إعلامى حقيقى للفلسطينيين وأول خسارة لإسرائيل وإعلام الغرب المتعاطف معها طول الوقت.. وإذا كان شون قد اكتشف أن الرياضة كانت الساحة التى انتصر فيها السود أولًا وعلا صوتهم ليظل عاليًا ومسموعًا بعد ذلك فى كل مجالات الحياة.. فالرياضة أيضًا كانت ساحة الانتصار الحقيقى للفلسطينيين، ومن ملاعب ومدرجات الرياضة خرجت حقائق كثيرة للشارع الغربى، فلم يعد الناس فى أى مدينة أوروبية وأمريكية يتعاطون ما يقوله إعلامهم باعتباره حقيقة فوق النقاش والمراجعة.. كما أن هذا الكتاب الجديد لشون أندرسون يُغرى بالمزيد من القراءة عن تجارب ومعاناة وحكايات الرياضيين السود بداية من العدّاء الأمريكى جون باكستر تيلور، الذى كان أول لاعب غير أبيض يفوز بميدالية أوليمبية فى دورة لندن 1908 والأمريكية أودرى باترسون، التى فازت بأول ميدالية للاعبة غير بيضاء فى دورة لندن 1948.
مرورًا بالنجم الكبير جيسى أوينز، صاحب الأربع ميداليات أوليمبية فى دورة برلين 1936، رغم أنف هتلر والعرق الآرى وأنف الأمريكيين أيضًا.. ثم الرياضى الأعظم فى القرن العشرين محمد على كلاى.. وتبقى حكاية مهمة لم يذكرها هذا الكتاب، وتخص نجم الكرة المصرى توفيق عبدالله، الذى كان فى 1924 أول لاعب كرة مصرى وعربى وإفريقى يحترف فى الولايات المتحدة.. وعلى الرغم من تألقه ولقب هداف الدورى الأمريكى، فإن جريمته كانت بشرته السمراء.. وبسببها لم يكن يقيم فى نفس الفندق مع زملائه اللاعبين البِيض، حيث يقيم وحده فى أى فندق متواضع لا يرفض استقبال النزلاء السود ليصبح «توفيق» هو أول ضحية كروية فى التاريخ للتفرقة العنصرية.
نقلا عن المصرى اليوم