د. رامي عطا صديق
بعد أيام قليلة تنطلق حملة الـ «16» يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، وتستمر خلال الفترة من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر، وهى واحدة من كبرى الحملات العالمية والمبادرات المجتمعية، حيث تتبناها منظمة الأمم المتحدة، ويشترك فيها الكثير من دول العالم، وتشهد فعاليات متنوعة مثل تنظيم الندوات وورش العمل وإعلان المسابقات، بهدف التوعية بمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعى «Gender»، وحق المرأة فى العيش الآمن والحياة بطمأنينة وسلام.
وسبب الحملة هو أن العنف ضد النساء والفتيات هو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعًا على مستوى العالم، فقد أشارت بعض التقديرات، عام 2021 م، إلى تعرض ما يقرب من امرأة واحدة من كل ثلاثة نساء فى سن 15 عامًا أو أكثر، للعنف الجسدى و/ أو العنف الجنسى من قبل الشريك الحميم، أو العنف الجنسى من غير الشريك أو كليهما، مرة واحدة على الأقل فى حياتها، ما يشير إلى أن مستويات العنف ضد النساء والفتيات ظلت دون تغيير إلى حد كبير على مدار العقد الماضى.
وحسب تقرير نشرته «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» على موقعها (2021 م)، فإنه تتعرض واحدة من كل ثلاثة نساء إلى العنف على الأقل مرة فى حياتها، وتزداد هذه النسبة فى وقت الأزمات الإنسانية والنزاعات والكوارث.
يأتى ذلك فى ظل اعتراف يتنامى يومًا بعد آخر، وبسبب جهود، حكومية وغير حكومية، بأن للمرأة مكانة كبيرة ومتميزة سواء فى الأسرة أو فى المجتمع، فهى الأم والأخت والزوجة والابنة، وهى الزميلة فى مختلف مواقع العمل، وهى مكون أساسى من مكونات المجتمع، وحسب المفكر والمصلح الاجتماعى قاسم أمين فإن المرأة «إنسان مثل الرجل».
وإذا كانت المرأة حققت الكثير من النجاحات والإنجازات عبر سنوات طويلة مضت، فهى تنتظر المزيد، فهناك الكثير من التحديات والمشكلات التى تواجهها المرأة فى مجتمعنا، ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
ويُذكر أنه فى أوائل عام 2017 م، وهو العام الذى أعلن فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه عام المرأة، أطلقت الحكومة «الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 م»، لتبنى على استراتيجية التنمية المستدامة من خلال التركيز على: التمكين السياسى وتعزيز الدور القيادى للمرأة، التمكين الاقتصادى للمرأة، التنمية الاجتماعية للمرأة، حماية المرأة. ويأتى ذلك تماشيًا مع التزامات مصر الدولية بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والحد من عدم المساواة بين الجنسين.
ونشير هنا إلى بعض المبادئ والأفكار والمنطلقات الأساسية:
أولًا: قضية المرأة هى قضية المجتمع، تهم الرجل مثلما تهم المرأة أيضًا، ذلك أن سعادة المرأة واستقرارها ينعكسان على سعادة الرجل واستقرار الأسرة والعائلة والمجتمع ككل، فالرجل والمرأة جناحا المجتمع، لا يمكن الاستغناء عن أحدهما، فى ظل الحديث عن خطط التنمية والتقدم والنهضة والتطوير.
ثانيًا: يبدأ احترام المرأة وتقديرها من داخل المنزل، وينتقل هذا الاحترام والتقدير إلى خارجه فى كل موقع وكل مكان، فى الشارع والمدرسة والجامعة ومواقع العمل الحكومية وغير الحكومية.
ثالثًا: على المرأة دور مهم فى تأكيد وعيها بمنظومة الحقوق والواجبات، تدرك حقوقها وتطالب بها، وتعرف واجباتها، تؤديها وتقوم بها، فمن الملاحظ أنه فى بعض الأحيان تفرط المرأة فى حقوقها وتعتبر نفسها فى مرتبة أقل من الرجل، أو تعتبر نفسها سلعة يبتاعها الرجل ويشتريها.
رابعًا: دور مهم ورئيسى نتوقعه من مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية فى تأكيد قيمة المرأة وإبراز دورها ومكانتها، من خلال برنامج عمل، تتعاون فيه الأسرة والمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية والفنية والرياضية والتشريعية، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى، فى إطار من الشراكة والتشبيك والتعاون والتنسيق، من أجل واقع أفضل للمرأة المصرية والمجتمع ككل.
عزيزى القارئ.. أنت أيضًا يمكنك المشاركة فى تمكين المرأة وتحقيق نهضتها، وتأكيد المساواة بينها وبين الرجل، من خلال استيعاب حقوقها والاعتراف بها، وتوعية الآخرين بمكانتها ودورها فى مختلف مواقع الإنتاج والعمل.
نقلا عن المصري اليوم